لبلبة: عادل إمام بخير.. وأمنية حياتى أرجع أمثل معاه

لبلبة: عادل إمام بخير.. وأمنية حياتى أرجع أمثل معاه

عبر أكثر من ٥ عقود من العطاء الفنى، نجحت الفنانة الكبيرة «لبلبة» فى حفر اسمها بحروف من نور فى تاريخ السينما المصرية، حيث قدمت عشرات الأعمال الفنية المتنوعة بين الكوميديا والدراما، وشاركت فى تشكيل ذاكرة جماعية لأجيال متعاقبة من عشاق الفن الأصيل.وعلى هامش تكريمها مؤخرًا فى مهرجان أسوان الدولى لأفلام المرأة، أجرت «الدستور» حوارًا مختلفًا مع «لبلبة»، فتحت خلاله قلبها لتكشف لأول مرة عن كواليس غير معروفة فى مسيرتها الحافلة، ورؤيتها لتطور دور المرأة فى السينما، وعلاقاتها الفنية مع عمالقة الفن مثل عادل إمام ومحمد عبدالوهاب. كما تحدثت عن سر بقائها فى قلوب الجمهور رغم تغير الأذواق وتبدل الأجيال، مقدمة وصفة فريدة للفنانين، خاصة الأجيال الجديدة من الممثلين، الذين يرغبون فى ترك بصمة حقيقية فى ذاكرة المشاهدين.نصيحة «عبدالوهاب» لى بقول «لا» علمتنى رفض أى عمل لا يضيف لىرفضت الكثير من طلبات الزواج.. وأحدهم سألنى «إزاى الزعيم يحضنك على الشاشة؟»مدركة أنى كبرت لكنى أؤمن بأن القدر يخبئ لى دورًا يكشف جوانبى الخفية■ تم تكريمك مؤخرًا من مهرجان سينما المرأة.. كيف رأيت ذلك؟
– شعرت بسعادة بالغة، خاصة أن المهرجان يحتفى بالمرأة، وهذا يعكس تقديرًا لمكانتها فى الفن والمجتمع، التكريم بالنسبة لى ليس فقط لحظة فرح، بل هو مسئولية وتجديد للعهد بأن أواصل تقديم فن محترم يليق بالجمهور ويعبر عن المرأة وقضاياها.
■ كيف بدأت رحلتك الفنية؟ وهل كنتِ تخططين لتكونى فنانة؟
– بالعكس، الأمر جاء بالصدفة، كنت طفلة لا يتجاوز عمرى ثلاث سنوات، أحب تقليد الفنانين فى المنزل، ثم شجعتنى والدتى على المشاركة فى إحدى مسابقات الهواة، وكنت وقتها فى الخامسة من عمرى، وحققت المركز الأول، بعدها تعرف علىّ المخرج نيازى مصطفى، وطلب من والدى أن أشارك فى أحد أفلامه، ورغم تردد والدى، فإنه وافق بعد إصرار والدتى وبدأت الرحلة.
■ ما قصة الاسم الفنى «لبلبة»؟
– عندما ذهبت مع أسرتى لأول مرة إلى شركة الإنتاج، سألونى عن اسمى، فقلت «نونيا»، كما كان ينادينى الجميع، فاندهشوا، وهنا تدخل الكاتب الكبير أبوالسعود الإبيارى وقال: «نسميها لبلبة»، ومن يومها أصبح هذا هو اسمى الفنى.
■ ما أبرز التغيرات التى لاحظتها فى الوسط الفنى منذ بدايتك حتى الآن؟
– الزمن تغير كثيرًا، قديمًا كان الفنان يبذل مجهودًا هائلًا «علشان الناس تعرفه»، كنا نقدم حفلات فى المحافظات وننتقل من مسرح لآخر، قبل ظهور التليفزيون، أما الآن فالوصول إلى الجمهور أصبح أسهل بفضل التكنولوجيا و«السوشيال ميديا»، لكن رغم ذلك، ما زلت أؤمن أن النجاح الحقيقى يحتاج لمجهود كبير وموهبة حقيقية واستمرارية.
■ هل ساعدك أحد من كبار الفنانين فى بداياتك؟
– بالتأكيد، الموسيقار محمد عبدالوهاب مثلًا منحنى نصيحة لا تقدر بثمن، قال لى: «قولى لا»، هذه الكلمة علمتنى أرفض أى عمل لا يضيف لى، أو لا أشعر به، ومن يومها وأنا أختار أعمالى بعناية شديدة، كذلك كنت محظوظة بالعمل مع مخرجين كبار، مثل عاطف الطيب وخيرى بشارة، وكل واحد منهم أضاف لى شيئًا مختلفًا.
■ فيلم «ضد الحكومة» كان من أبرز محطاتك.. كيف تلقيت ترشيحك له؟
– فى البداية كنت مترددة جدًا، لأن الدور مختلف تمامًا عن أدوارى السابقة، لكن بعد تفكير ومشاورات مع والدتى، قررت أخوض التجربة، ذهبت للمحاكم وتابعت أداء المحاميات حتى أستطيع تقديم الشخصية بمصداقية، وقدمت الدور بإحساس كبير، رغم حذف بعض المشاهد من الرقابة.
وعاطف الطيب أيضًا طلب منى التوقف عن الغناء والاستعراض لخمس سنوات، حتى يصدقنى الناس فى هذا التحول.
■ كان لوالدتك دور كبير فى حياتك.. كيف تصفين علاقتكما؟
– والدتى كانت كل شىء فى حياتى، هى مديرة أعمالى، ومستشارتى، وصديقتى، كنت أقرأ ملامح وجهها أثناء التصوير لأعرف إن كنت أؤدى بشكل جيد أم لا، أتذكر أن المخرج حسن الإمام قال لى يومًا أثناء التصوير: «بصى لى أنا، مش لمامتك»، فقد كنت أبحث دائمًا عن نظرتها لتقييم أدائى.
■ ماذا عن علاقتك بالفنان عادل إمام؟
– عادل إمام «عشرة عمر»، وقدمنا معًا ١٤ فيلمًا، أعتبره فنانًا لا يتكرر، فهو دقيق جدًا ويهتم بكل التفاصيل، ويحب زملاءه من قلبه، لم أشعر أبدًا بأنه غار من أحد، وحضوره قوى وحرصه على إخراج أفضل ما فى من حوله كان واضحًا، وقد تواصلت معه مؤخرًا وكان بخير والحمد لله رغم كل ما يُقال، ودعانى إلى حضور عيد ميلاده المقبل يوم ١٧ مايو.
■ تحدثت فى أكثر من مناسبة عن عروض الزواج التى رفضتها لأن الطرف الآخر لم يكن يتقبل طبيعة عملك كفنانة.. كيف تعاملت مع تلك المواقف؟ وهل كان القرار صعبًا؟
– «أكيد القرار ماكنش سهل، لأن الحب حاجة جميلة، وكل واحدة بتحلم بالاستقرار، لكن للأسف بعض اللى اتقدموا لى مكانوش بيحبوا الفن ولا بيتقبلوه».
وقيل لى «إزاى هتتصورى؟ وإزاى عادل إمام يحضنك على الشاشة؟»، وأنا لا أستطيع أن أعيش مع أحد يرفضنى ويرفض شغفى، الفن بالنسبة لى رسالة ومسئولية، ولن أستطيع أن أتخلى عنه من أجل أحد، «كان ممكن يبقى فيه جواز تانى وتالت، وفعلًا كنت بحب اللى طلبنى، لكن اللى مايقدرش شغلى وفنى، مش هيقدرنى أنا، اخترت وقتها إنى أكمل طريقى بإصرار، وده قرار مش ندمانة عليه».
■ رغم مشوارك الفنى الطويل دائمًا ما تؤكدين أن الفن بالنسبة لك متعة وليس تعبًا.. كيف استطعت الحفاظ على هذا الشغف طوال تلك السنوات وسط الضغوط والتحديات؟
– الحقيقة أن الفن يمثل حياتى بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لم أشعر يومًا بأنه عبء أو مصدر إرهاق، بل على العكس تمامًا، أتعامل مع كل دور بحب وشغف، وكأنه أول تجربة فنية فى مسيرتى، جمهورى العزيز هو سندى الأول، وأشعر دائمًا بأننا أصبحنا كيانًا واحدًا، نشأنا معًا وتطورنا جنبًا إلى جنب. 
وأحرص خلال العروض على متابعة ردود أفعال الجمهور بدقة، أتأمل وجوه الحضور فى الصالة باهتمام، وأظل أتابعهم حتى أرسم البسمة على شفاههم. فى تلك اللحظة بالذات، أشعر بالرضا الحقيقى، وأدرك أن كل جهدى لم يذهب سدى، ربما هذا الشعور هو سر استمرارى بنفس الحماس والاندفاع، مهما طالت السنوات وتعددت التحديات.
■ رغم ما حققته من نجاحات وأدوار مميزة، فإنك ذكرت أنك تنتظرين فرصة جديدة تظهر جوانب مختلفة لديك.. ما الأدوار التى تتمنين تقديمها ولم تتح لك حتى الآن؟
– بفضل الله، سعيت طوال مسيرتى الفنية إلى تطوير موهبتى وتقديم أدوار متنوعة تثرى تجربتى الإبداعية، لكنى أحمل داخلى يقينًا راسخًا بأن القدر يخبئ لى عملًا مميزًا، دورًا مختلفًا يكشف عن جوانب جديدة لم تكتشف بعد فى شخصيتى الفنية، أحب التحدى، وأسعى دائمًا إلى مفاجأة الجمهور بشخصيات غير متوقعة، تخرج عن المألوف. 
وأشعر بالامتنان لكل ما قدمته وحققته، لكن الفنان الحقيقى يظل متعطشًا لاكتشاف آفاق جديدة، وإن لم تأتِ تلك الفرصة المنشودة، فسأظل- كما عودت نفسى- راضية شاكرة، لأننى أؤمن بأن الرضا هو مفتاح السعادة، فالحياة فى نظرى تستحق أن نحتفى بالقليل منها كما بالكثير، وكل خطوة فى هذا الطريق نعمة تستحق الشكر.
■ هل ترين أن أدوار الكوميديا أسهل من التراجيديا؟
– أبدًا، الكوميديا أصعب كثيرًا، إضحاك الناس يحتاج لموهبة خاصة، توقيت دقيق، وتكنيك مختلف، أنا بدأت بالكوميديا، لكنى كنت حريصة أن أتنوع، التراجيديا تحتاج لتحضير نفسى، لكن الكوميديا محتاجة ذكاء من نوع تانى.
■ فيلم «النعامة والطاووس» كان محطة مختلفة تمامًا.. ماذا أضاف لك؟
– الفيلم كان تحديًا حقيقيًا، ففى البداية رفضته ثلاث مرات بسبب جرأة الموضوع، لكن بعد جلسات مع الطبيبة النفسية الدكتورة ماجدة فهمى، بدأت أفهم أعماق الشخصية وتعاطفت معها، والفيلم كان صعبًا، لكن فخورة أننى حصلت على ٣ جوائز عنه، وكان بداية لمصطفى شعبان وبسمة فى السينما.
■ كيف انتقلت من أدوار الفتاة الشقية إلى الأدوار الناضجة؟
– كنت مدركة تمامًا أنى كبرت، والجمهور كبر معايا، «فلازم أقدم أدوار تناسب سنى ومكانتى»، وعملت مع مخرجين فهموا هذا التحول وساعدونى على الظهور بشكل مختلف، لم أكن خائفة من التجديد، بل كنت أبحث عنه.
■ ما رأيك فى السينما حاليًا؟
– التكنولوجيا طورت الشكل البصرى بشكل كبير، لكن أحيانًا تكون على حساب الأداء والعمق، والمهم تظل الموهبة حاضرة، أنا مؤمنة بأن الجمهور ذكى ويميز الفنان الحقيقى من الزائف.
■ ما رسالتك للجيل الجديد من الفنانين والفنانات؟
– «ما تفرحوش بعمل واحد ناجح»، الأهم هو الاستمرارية، وتطوير الذات، واحترام الجمهور، «لازم تحبوا شغلكم، وتشتغلوا على نفسكم، وتختاروا أعمالكم بعناية، فالفن مش شهرة بس، هو مسئولية».
■ هل لديك أمنيات خاصة فى الفترة المقبلة؟
– أتمنى أن أعمل ثانية مع عادل إمام لو سمحت الظروف، وأتمنى أن أظل قادرة على العطاء، طالما أن الجمهور يحبنى وينتظرنى.

■ هل تشعرين بأن السينما أنصفت المرأة؟
– فى فترات كثيرة نعم، خصوصًا فى أفلام مثل «أريد حلًا» و«إمبراطورية ميم»، لكن يبقى التحدى فى الاستمرارية، وأن تظل قضايا المرأة حاضرة فى السيناريوهات بشكل غير نمطى، الجيل الجديد عليه مسئولية كبيرة فى تقديم المرأة بأدوار مؤثرة تمثل واقعها.