غابت التحذيرات.. فكانت الكارثة: كيف أسهمت اللوحات المفقودة في انفجار خط الغاز؟

غابت التحذيرات.. فكانت الكارثة: كيف أسهمت اللوحات المفقودة في انفجار خط الغاز؟

استكمالًا للتحقيقات في الحادث المأسوي الذي وقع منذ أيام بانفجار خط الغاز الذي وقع في منطقة غرب سوميد على طريق الواحات، تم الكشف عن تفاصيل جديدة حول أسباب وقوع الكارثة التي أسفرت عن وفاة 5 أشخاص وإصابة 13 آخرين. ذلك الحريق الهائل الذي وقع في يوم الأربعاء 30 أبريل 2025 والناتج عن الانفجار قد أدى إلى تدمير عشرات السيارات والدراجات النارية، وخلّف وراءه خسائر مادية جسيمة.

أسباب الحادث: غياب اللوحات التحذيرية والإهمال في تنفيذ إجراءات السلامة

ولعل التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة كشفت عن أن سبب الانفجار يعود إلى تسرب الغاز الناتج عن كسر في خط الغاز أثناء أعمال حفر أجراها أحد المقاولين باستخدام “لودر” دون التنسيق مع الجهات المختصة أو الحصول على التصاريح اللازمة، إلا أن أهم ما ورد في تلك التحقيقات هو غياب أي لوحات تحذيرية في موقع الحفر، ما يعد أحد الأسباب الرئيسية التي أسهمت في وقوع الحادث.

تقرير نقابة المهندسين

كما أنه ووفقًا للتقرير الأولي من نقابة المهندسين بالجيزة، والذي أجرت لجنة فنية ميدانية على موقع الحادث، تبين أنه لم يكن هناك أي إشارات تحذيرية تشير إلى وجود خط الغاز في المنطقة أو تبيّن طبيعة الأعمال الجارية، ما يعكس إهمالًا صارخًا في اتباع معايير السلامة الأساسية،هذا الغياب التام للوحات التحذيرية جعل المارة والعاملين في الموقع غير مدركين للخطر المحدق بهم.

تسرب الغاز وغياب التحرك الفوري

وكان قد كسر الخط أثناء عمليات الحفر من قبل أحد شركات المقاولة ما أدى إلى تسرب الغاز بكميات كبيرة في الهواء دون أن يتم الإبلاغ عن الحادث أو اتخاذ أي إجراءات وقائية من قبل المقاول أو الأطراف المعنية، وفي اليوم التالي، بدأ العاملون والمارة يشعرون برائحة الغاز في المنطقة، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراءات طارئة للتعامل مع الموقف.ونتيجة لتشبع الهواء بالغاز وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى حركة المرور الكثيفة في المنطقة، اندلعت النيران في موقع الحادث صباح يوم 1 مايو، مع العلم أنه كان يمكن تجنب تلك الكارثة إذا تم اتخاذ إجراءات عاجلة فور اكتشاف التسرب، أو على الأقل إذا كانت هناك إشارات تحذيرية تقوم بتنبيه السكان والعاملين في المنطقة إلى وجود خطر.

مخالفات جسيمة وإهمال في تطبيق معايير السلامة

إضافة إلى ذلك كشف تقرير نقابة المهندسين عن سلسلة من المخالفات والإهمال التي ساهمت في وقوع الحادث، أبرزها المخالفات تمثل في عدم اتخاذ أي تدابير وقائية من قبل المقاول، وعدم تأمين الموقع وفقًا للضوابط الهندسية، بالإضافة إلى غياب التنسيق بين شركات المقاولات والشركات المسؤولة عن صيانة الشبكات الحيوية مثل الغاز.كما أشار التقرير إلى أن الموقع لم يكن مؤمنًا كما ينبغي، وكان من الممكن اتخاذ إجراءات احترازية لخفض خطر تسرب الغاز في حال وجود إشارات تحذيرية، وهو ما يُعد أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الحريق.

ارتفاع حصيلة الضحايا وتفحّم السيارات

و قد ارتفعت حصيلة الحادث إلى 5 وفيات بعد أن توفي اثنان من المصابين متأثرين بإصاباتهما، التي تعرضوا لها جراء الحروق، وتم نقل المصابين إلى مستشفيات متعددة، من بينها مستشفى الشيخ زايد التخصصي ومستشفى أكتوبر المركزي، لتلقي العلاج اللازم.كما أكدت وزارة البترول  في وقت لاحق أن فرق الطوارئ تمكنت من عزل شبكة الغاز والسيطرة على الحريق بعد ساعات من وقوعه، مشيرة إلى أن خدمة الغاز في المنطقة عادت إلى وضعها الطبيعي.

ضرورة تعزيز معايير السلامة

وطالبت النيابة العامة بتشكيل لجنة فنية متخصصة لمواصلة التحقيقات في الحادث وتحديد الأسباب الدقيقة للاشتعال، بينما قامت الأجهزة الأمنية بحصر التلفيات الناجمة عن الحريق، والتي شملت تدمير 10 سيارات ودراجة نارية.وأمرت النيابة أيضًا بالتحقيق في مدى التزام شركات المقاولات بمعايير السلامة، كما تم استدعاء مسؤولي الشركة المالكة لخط الغاز والشركة المنفذة لأعمال الحفر لمحاسبتهم على الإهمال الذي أدى إلى وقوع الحادث.وتظل هذه الحادثة بمثابة تحذير قوي حول ضرورة الالتزام الصارم بمعايير السلامة في مواقع الأعمال الإنشائية، خاصة تلك التي تشمل أعمال الحفر بالقرب من شبكات الغاز، مؤكدة على أن غياب اللوحات التحذيرية والإجراءات الوقائية كان العامل الحاسم الذي سهل وقوع هذه الكارثة، ولذلك من الضروري تعزيز الرقابة على مثل هذه المواقع، مع التأكيد على ضرورة وضع لوحات تحذيرية واضحة، وضمان التنسيق الكامل بين جميع الجهات المعنية قبل بدء أي أعمال حفر أو إنشاءات بالقرب من شبكات الغاز.