القمة المصرية الروسية

فى العاصمة الروسية، موسكو، جرت أحاديث ودية عديدة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى وقادة الدول الذين شاركوا روسيا احتفالها بـ«عيد النصر»، من بينهم الرئيسان الصينى والفلسطينى، شى جين بينج ومحمود عباس، قبل القمة التى جمعته، مساء أمس الأول، الجمعة، بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين، والتى استهلها الأخير بالإعراب عن تقديره مشاركة الرئيس السيسى فى الاحتفال، لافتًا إلى أن هذه المشاركة تعكس العلاقات التاريخية والراسخة التى تربط بين البلدين والشعبين الصديقين. باسمه، واسمنا، نحن المصريين، وجّه الرئيس السيسى التهنئة للرئيس بوتين والشعب الروسى بمناسبة الذكرى الثمانين لعيد النصر، يوم توقيع ألمانيا النازية وثيقة استسلامها فى الحرب العالمية الثانية، وأشاد بعلاقات مصر الاستراتيجية مع روسيا، التى توّجتها اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، المبرمة بين البلدين سنة ٢٠١٨، معبّرًا عن تقديره الزخم الذى يشهده التعاون الثنائى فى مختلف المجالات، بما فى ذلك إنشاء المنطقة الصناعية الروسية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومحطة الضبعة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية. كما أعرب عن تطلعه إلى نجاح الدورة الخامسة عشرة لـ«اللجنة المصرية الروسية المشتركة للتعاون التجارى والاقتصادى والعلمى والفنى»، المقرر عقدها، غدًا الإثنين، بالعاصمة الروسية.التطوّر الكبير فى العلاقات السياسية بين مصر وروسيا رافقته تطورات أكبر فى التعاون الاقتصادى والتجارى والعلمى، بدءًا من الدورة التاسعة للجنة المشتركة بين البلدين، التى أقيمت بالعاصمة الروسية فى مارس ٢٠١٤، وحتى الدورة الرابعة عشرة، التى استضافتها القاهرة فى مارس ٢٠٢٣، وخلال لقاء الجمعة اتفق الرئيسان على أهمية زيادة أعداد السائحين الروس القادمين إلى مصر، والترويج فى روسيا لمقاصد سياحية مصرية جديدة، كما أكدا ضرورة تعزيز التعاون فى مجالات الطاقة والأمن الغذائى والتعدين والزراعة والصناعة، بالإضافة إلى مواصلة التنسيق بين البلدين فى المحافل الدولية، بما فى ذلك تجمع «بريكس». ولعلك تتذكر أن روسيا كانت قد ترأست، واستضافت، فى أكتوبر الماضى، القمة السادسة عشرة للتجمع، التى شهدت مشاركة مصر الأولى، بعد انضمامها، رسميًا، فى بداية السنة الماضية.تناولت القمة المصرية الروسية، كذلك، مستجدات القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفى هذا السياق، استعرض الرئيس الجهود المصرية المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، وشدد على أهمية التوصل إلى حل نهائى للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، من خلال إقامة الدولة الفلسطينية على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧، باعتباره الضمان الوحيد لتحقيق السلام الدائم فى المنطقة. ومن جانبه، أعرب الرئيس بوتين عن تقديره الكبير لدور مصر فى المنطقة، مشيرًا إلى الدعم الروسى الكامل للمساعى المصرية الهادفة إلى استعادة الهدوء وتحقيق الاستقرار الإقليمى، وكذا لخطة إعادة إعمار غزة، التى أقرتها القمة العربية غير العادية، التى استضافتها القاهرة فى مارس الماضى. العلاقات المصرية الروسية، كما سبق أن أوضحنا مرارًا، تحدد أطرها السياسة الخارجية الأوسع، التى تبنتها دولة ٣٠ يونيو، والقائمة على الندية والاحترام المتبادل، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، والحفاظ على الدولة الوطنية بوصفها حجر الأساس فى بناء النظامين الإقليمى والدولى. ومن هذا المنطلق، تناولت مباحثات الرئيسين، كذلك، مستجدات الأوضاع فى سوريا وليبيا والسودان، واتفقا على أهمية استعادة الاستقرار فى المنطقة، وتكثيف العمل على تفادى التصعيد الإقليمى، و… و… ولدى تناول الأزمة الروسية الأوكرانية، شدّد الرئيس السيسى، مجددًا، على موقف مصر الذى يطالب بالتوصل إلى حلول دبلوماسية للأزمات الدولية، على النحو الذى يحفظ السلم والأمن الدوليين ويصون مقدرات الشعوب… وتبقى الإشارة إلى أن الإطار العام لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، المصرية الروسية، أتاح آليات مختلفة لتعميق العلاقات الثنائية، واستغلال الفرص الاقتصادية التكاملية، وتعزيز وتطوير التعاون المستقبلى. وقد تكون الإشارة مهمة، أيضًا، إلى أن الرئيس السيسى أعرب، فى سياقات مختلفة، عن اعتزازه بعلاقاتنا الوطيدة مع روسيا الاتحادية، والتطور الملموس الذى شهده التعاون الثنائى فى العديد من القطاعات الحيوية، والمشروعات المشتركة الكبيرة، التى تخدم البلدين، وتحقق تطلعات شعبيهما.