الهند وباكستان.. هدوء مؤقت!

الهند وباكستان.. هدوء مؤقت!

بعد تصعيد عسكرى، هو الأسوأ بين الهند وباكستان، منذ قرابة ثلاثة عقود، جرى الإعلان، صباح أمس الأول السبت، عن وقف إطلاق النار وخفض التصعيد بين القوتين النوويتين الجارتين، اللتين تبادلتا، منذ الأربعاء الماضى، قصفًا مدفعيًا وهجمات بمسيّرات وصواريخ، إثر هجوم على موقع سياحى شهير فى الشطر الهندى من كشمير، الأمر الذى أثار مخاوف من وصول الأمور إلى حرب شاملة، ودفع العديد من دول العالم، ومصر من بينها، إلى مطالبة الهند وباكستان بضبط النفس.الاتفاق على وقف إطلاق النار جاء «بعد ليلة طويلة من المحادثات، التى توسّطت فيها الولايات المتحدة»، وفقًا لما كتبه الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، فى حسابه على منصته «تروث سوشيال». كما أوضح ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكى، أن الاتفاق جاء بعد مفاوضات مكثّفة أجراها هو ونائب الرئيس، جاى دى فانس، مع رئيسى الوزراء الهندى ناريندرا مودى، والباكستانى شهباز شريف، ومسئولين كبار آخرين. ولاحقًا، كتب الرئيس ترامب أنه سيزيد معدلات التبادل التجارى مع الهند وباكستان، وسيعمل مع البلدين لمعرفة ما إذا كان من الممكن، بعد ألف سنة، أن يتم التوصل إلى حل بشأن كشمير!فى كتابه «وجهة العالم الإسلامى»، رأى المفكر الجزائرى مالك بن نبى أن باكستان كانت صنيعة المحتل الإنجليزى لإحداث انشقاقات بين المناهضين للاستعمار، وتحقيق عدة أهداف، تحققت فعلًا، من بينها خلق حالة عداء دائمة بين الهندوس والمسلمين، وإنشاء منطقة عازلة فى شبه القارة الهندية أشبه بالحجر الصحى ضد الشيوعية. وعليه، ومع تقسيم الهند وقيام باكستان سنة ١٩٤٧، بدأ النزاع بشأن إقليم كشمير، الذى احتفظت الأولى بجزء منه، عاصمته سريناجار، واحتفظت الثانية بجزء آخر، عاصمته مظفر أباد، بموجب «اتفاقية شِملا» الموقعة سنة ١٩٧٢، و… و… وكنا قد اختصرنا هذه النزاع المزمن، بهذا الشكل المخل، فى ١١ مايو ٢٠١٩، حين تناولنا قصة الباكستانى «مسعود أظهر»، مؤسس ما يوصف بـ«جيش محمد»، الذى تمكنت الهند، بعد جهود مضنية، من انتزاع قرار بإدراجه على قائمة الإرهاب الأممية.المهم، هو أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذى تم بوساطة أمريكية، رأته مصر خطوة مهمة نحو تحقيق التهدئة المطلوبة بين الهند وباكستان، على النحو الذى يدعم الأمن والاستقرار فى منطقة جنوب آسيا، وأعربت عن تطلعها إلى أن تشهد الفترة المُقبلة التزامًا بهذا الاتفاق وأن يسهم فى بناء الثقة المتبادلة بين البلدين، ويحقق تطلعات شعبيهما فى تحقيق السلام والرخاء والتنمية. وفى بيان أصدرته وزارة الخارجية، صباح السبت، أكدت مصر، مجددًا، الأهمية البالغة للحلول السلمية للأزمات الدولية، وشددت على أن الحوار هو السبيل الوحيد لتسوية المنازعات، وتأمل أن يسهم اتفاق وقف إطلاق النار فى دعم السلم والأمن الدوليين، بما فى ذلك فى منطقة الشرق الأوسط، لافتة إلى أنها تعوِّل على الدور الأمريكى للدفع نحو سرعة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطينى.فوق ذلك، أجرى الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، صباح أمس، اتصالين تليفونيين مع نظيريه الهندى والباكستانى، سوبراهمانيام جايشانكار وإسحاق دار، رحب خلالهما بإعلان وقف إطلاق النار، مؤكدًا أهمية الالتزام بهذه الخطوة. وفى المقابل، أعرب وزيرا خارجية البلدين عن تقديرهما الاتصالات المصرية التى جرت معهما على مدار الأيام الأخيرة، وكذا موقف مصر الرامى إلى تحقيق التهدئة، والداعم لأمن واستقرار جنوب آسيا، وأكدا تثمينهما العلاقات القوية التى تجمع مصر بكلا البلدين.أخيرًا، وبعد أن أعرب أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، عن أمله فى أن يقود وقف إطلاق النار إلى «سلام دائم»، ومع عدم معرفتنا، ومعرفة أى أحد، والرئيس الأمريكى نفسه، ما إذا كان من الممكن، بعد ألف سنة، أن يتم التوصل إلى حل بشأن كشمير، نرى أن الفيلم الهندى الباكستانى الطويل ليس من المتوقع أن ينتهى قريبًا، وننصحك، وأنت تتابع أحداثه، بألا تنحاز إلى أحد الطرفين، بشكل مطلق.