ارتفاع قيمة الدولار وانخفاض السندات الأمريكية بعد إعلان خفض الرسوم بين بكين وواشنطن

ارتفاع قيمة الدولار وانخفاض السندات الأمريكية بعد إعلان خفض الرسوم بين بكين وواشنطن

ارتفعت قيمة الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ فيما تراجعت السندات الأمريكية بالتزامن مع تهدئة الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ما أدى إلى زيادة الطلب على الأصول ذات المخاطر.

ارتفاع مؤشر الدولار

وارتفع مؤشر قوة الدولار بنسبة 1% مدفوعا باتفاق بكين وواشنطن على خفض بعض الرسوم الجمركية بشكل مؤقت لمدة 90 يوما، وفي المقابل تراجعت السندات الأمريكية، ما دفع العائد على السندات لمدة عامين إلى الارتفاع بمقدار 10 نقاط أساس ليصل إلى 3.99%، حيث قام المتداولون بتقليص رهاناتهم على تخفيضات أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي.
ووفقا لوكالة “بلومبرج” الأمريكية، يمثل ذلك تحولا في الأسواق التي تأثرت بشدة من محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعادة تشكيل التجارة العالمية والتي استهدف خلالها الصين برسوم جمركية عقابية بشكل خاص، ما أشعل حربا تجارية وأدى إلى مخاوف من حدوث ركود اقتصادي، وأثار اضطرابات في الأسواق المالية العالمية.
وقال نايجل جرين، الرئيس التنفيذي لشركة “ديفير جروب” المالية “هذا النوع من تخفيف الرسوم الجمركية المنسق، حتى وإن كان مؤقتا، يغير مشهد الاستثمار، ويفتح الطريق أمام الشركات لإعادة ضبط توقعاتها، وللأسواق للانتعاش استنادا إلى شيء أكثر من مجرد أمل”.
في المقابل، تراجعت الأصول التقليدية التي تعتبر ملاذات آمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري، وكذلك السندات الحكومية الأوروبية، حيث ارتفع العائد على السندات الألمانية لمدة عامين بمقدار 11 نقطة أساس ليصل إلى 1.90%.
وبعد محادثات استمرت يومين في جنيف، أصدرت الولايات المتحدة والصين بيانا مشتركا أكدت فيه الدولتان أنهما ستخفضان بشكل مؤقت الرسوم الجمركية على منتجات كل منهما، ما يتيح لهما 4 أشهر إضافية لحل خلافاتهما.
وبموجب الاتفاق، ستنخفض الرسوم الجمركية الأمريكية البالغة 145% على معظم الواردات الصينية إلى 30%، بينما ستنخفض الرسوم الصينية على السلع الأمريكية البالغة 125% إلى 10%.
وقال خبير التداول الأوروبي ديفيد كروك:”هذه تخفيضات في الرسوم الجمركية أعمق بكثير مما كان متوقعا، وبالنسبة لأولئك الذين كانوا متشائمين منذ إعلان الرسوم الجمركية، فإن هذا (الاتفاق) يشكل حقيقة مؤلمة؛ لأنه لم يعد هناك أي هبوط للشراء، لذلك إذا لم تكن قد استثمرت، فمن الصعب جدا الدخول الآن”.
وبحسب “بلومبرج”، تراجع اليورو مقابل الدولار بعد الإعلان عن الاتفاق بين بكين وواشنطن، حيث انخفضت عملة التكتل بنسبة 1.5% لتصل إلى 1.1084 دولار، ما يجعل العملة تتجه نحو أسوأ يوم لها هذا العام.
وقال فالنتين مارينوف، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في مجموعة كريدي أجريكول:”هذا أمر إيجابي لعملات مجموعة العشرة الكبرى، خاصة العملات الأسترالية والنيوزيلندية والدولار الأمريكي.ومن المتوقع أن يساعد تخفيف المخاوف بشأن نمو الاقتصاد الأمريكي في استعادة ثقة السوق في الأصول المقومة بالدولار الأمريكي”.
ومع تراجع القلق بشأن آفاق الاقتصاد العالمي، هرع المتداولون لتقليص رهاناتهم بشأن مدى خفض أسعار الفائدة من البنوك المركزية الكبرى هذا العام، وتشير التبادلات المرتبطة باجتماعات الاحتياطي الفيدرالي الآن إلى تخفيض بمقدار ربع نقطة في سبتمبر، مقارنة بالتوقعات التي كانت تشير إلى خفض في يوليو الماضي.
أما بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، فإن المتداولين يراهنون على خفض أقل من 50 نقطة أساس لبقية العام، مقارنة بالتوقعات بخفضه بأكثر من 60 نقطة أساس في ختام تعاملات الجمعة، كما يتم تسعير نفس المقدار من التخفيف للبنك المركزي البريطاني.
وقال جوردان روشستر رئيس الاستراتيجية الكلية لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وآسيا في شركة ميزوهو الدولية: “نحن نميل إلى متابعة هذا الاتجاه المتشدد في أسعار الفائدة الأمريكية لا نتوقع أي تخفيضات في أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي هذا العام، لذلك نتجه نحو بيع الأسهم في المدى الطويل”.
ومع ذلك، يعتقد البعض أن التخفيف الذي شهدته الأصول الأمريكية قد يكون مؤقتا، لأنه حتى قبل الإعلان عن الاتفاق اليوم الإثنين، كان المستثمرون يحذرون من أن سياسات التجارة العدوانية للإدارة الأمريكية تعرض الاقتصاد الأمريكي لخطر كبير في الأسواق العالمية.
وقال محمد الصراف محلل في بنك “دانسكي”: “نعتقد أن القلق بشأن آفاق البيانات الاقتصادية الأمريكية ما زال قائما، وأن التحولات المحتملة في تخصيص الأصول بعيدا عن الأصول الأمريكية ستظل تشكل رياحا معاكسة على المدى المتوسط والطويل بالنسبة للدولار الأمريكي”.