زيارة ترامب إلى الخليج: هل يتجاهل الرئيس الأمريكي نتنياهو من أجل “الصفقات الكبرى”؟

كشف تقرير لمجلة “بوليتكو” الأمريكية، أن جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخليجية لا تُبشر بالخير لإسرائيل، مشيرًا إلى أن الوضع في قطاع غزة يعد مسألة ثانوية بالنسبة لرئيس الولايات المتحد دونالد ترامب، ولا يريد أن يُعيق أجندته الدبلوماسية الأوسع نطاقًا، المتمثلة في إعادة ترتيب الأمور والصفقات الكبرى.ولفت التقرير، إلى أنه عندما فاز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بولاية ثانية العام الماضي، شعر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومساعدوه بالارتياح، خاصة وأن المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، لو كانت هي الرئيسة، ستكون مصدر إزعاج وخطير على نتنياهو، فكان من المرجح أن يواجه جهودًا لإجباره على وضع خطة مستقبلية موثوقة لغزة، تهدف إلى إحياء حل الدولتين وهي خطة كانت ستُدمر حكومته الائتلافية وكان سيُضطر للتعامل مع التهديدات الأمريكية الحتمية بقطع المساعدات العسكرية، والتي كان من الممكن تنفيذها.
ترامب يتجاهل نتنياهو بسبب جولته الخليجية
ولكن مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، كان نتنياهو يظن أنه سيحظى بحرية أكبر في غزة، ومن المرجح أن يصبح أكثر تحررًا مما كان عليه في عهد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن. وهذا ما حدث فلم يُواجه نتنياهو أي عواقب لشنّه غارات جوية مفاجئة على غزة وخرقه وقف إطلاق النار مع حركة حماس، لكن هذا قد يتغير في إدارة ترامب.وأشار التقرير، إلى أنه “بينما حصل نتنياهو على حرية أكبر في غزة لفترة من الوقت، إلا أن ترامب ونتنياهو لا يتفقان في كثير من الأمور الأخرى. ومع زيارة ترامب للخليج قد يتضح ذلك أكثر”.وسيتوقف الرئيس الأمريكي أولًا في المملكة العربية السعودية، لإجراء محادثات مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ثم قطر، ثم الإمارات العربية المتحدة ومن الواضح أن جدول أعماله لا يتضمن زيارة إسرائيل، وهذه الجولة هي تكرار لرحلته الأولى كرئيس للولايات المتحدة في عام 2017. وأوضح ستيفن كوك، خبير شؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، أن لقاءات ترامب ستكون جميعها معاملات فهو يبحث عن مكاسب سريعة وصفقات بمليارات الدولارات في مجال النفط والتجارة، واستثمارات يمكنه الترويج لها في وطنه، مشيرا إلى أن ولي العهد السعودي أعلن بالفعل عن نيته استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة – ربما يصل المبلغ إلى تريليون دولار – وأن كلًا من القطريين والإماراتيين على استعداد لإبرام صفقات أيضًا. وأوضح أنه “من المهم إدراك أن نهج الرئيس في السياسة الخارجية متأثر بشدة برؤيته للإدارة الاقتصادية، والتي تتمثل في النظر إلى الدول الغنية في الخليج وصناديق ثرواتها السيادية الضخمة كمصادر للاستثمار في الولايات المتحدة”.وبحسب التقرير بالنسبة لترامب، المال أقوى من أي شيء آخر، وسيبحث قادة الخليج عن مقايضة وسيكون إنهاء الحرب في غزة على رأس قائمة أولوياتهم وهي حرب يصر نتنياهو عليها للحفاظ على ائتلافه وتجنب الانتخابات، على مواصلتها، إن لم يكن توسيعها.كما أكدت دول الخليج، مرارًا، على ضرورة العودة إلى مفاوضات حل الدولتين، فأصر القادة السعوديون على أنه لا يمكن أن يكون هناك “تطبيع” للعلاقات مع إسرائيل دون تحرك دبلوماسي واضح في هذا الاتجاه.
دول الخليج تدفع ترامب لتغيير أجندته تجاه إسرائيل
وأخيرًا وعلى عكس عام 2017 يريد قادة الخليج اتفاقًا نوويًا مع إيران، لأنهم يتوقون إلى الاستقرار الإقليمي. فهم يرون فرصة لإرساء بعض الهدوء الآن بعد أن تضرر وكلاء إيران، حماس وحزب الله، بشدة وسقط حليف طهران السوري بشار الأسد وبينما شن السعوديون حربًا على الحوثيين المدعومين من إيران في عام 2015، فإنهم يريدون هذه المرة إنهاء الصراع في اليمن. ومن هنا جاء دعمهم لاتفاق ترامب لوقف قصف الحوثيين مقابل وعدهم بوقف استهداف الشحن الأمريكي في البحر الأحمر.كذلك شكك ستيف ويتكوف، مستشار الأمن القومي الأمريكي، في أي مغامرة مفتوحة في المنطقة قد تُعرّض واشنطن للتورط، وهو أمرٌ سيُؤدي إليه بالتأكيد تدمير المنشآت النووية الإيرانية، فسبق ووقال فانس في مقابلة قبل أدائه اليمين الدستورية: “مصلحتنا الأساسية هي عدم خوض حرب مع إيران. سيُشكّل ذلك استنزافًا هائلًا للموارد، وسيكون مُكلفًا للغاية لبلدنا”.ومع ذلك، يبدو أن نتنياهو لا يزال يأمل في إقناع ترامب بضرب إيران، أو على الأقل أن يسمح له ترامب بذلك لكن مع وعد السعوديين بمليارات الدولارات، واستعداد القطريين لاستبدال طائرة الرئاسة الأمريكية القديمة، يبدو هذا الأمل في غير محله.وقبل رحلة ترامب إلى الخليج، يبدو أن مزاج فريقه قد تغير، حيث انتقد ويتكوف إسرائيل فجأةً لإطالة أمد الحرب في غزة، مُجادلًا بأن وقف إطلاق النار الجديد واتفاق الرهائن هما الخطوتان التاليتان الصحيحتان، حتى ترامب نفسه دعا، ولأول مرة، صراحةً إلى إنهاء الحرب.واختتم التقرير “يبدو أن نتنياهو قد يتعلم قريبًا ما اكتشفه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالطريقة الصعبة بالنسبة لترامب، غزة وأوكرانيا مجرد أمور جانبية، وهو لا يريد أن تُعطّل أجندته الدبلوماسية الأوسع المتمثلة في إعادة ضبط العلاقات والصفقات التجارية الضخمة”.