خبراء لـ«الدستور»: المفاوضات مع الرئيس الأمريكي قد تُسهم في إنهاء الصراع في غزة

أعرب عدد من الخبراء عن تفاؤلهم بزيارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، السعودية وقطر والإمارات، مشيرين إلى أن تلك الزيارة يمكن أن تثمر إنهاء الحرب فى قطاع غزة بشكل نهائى، عبر الضغط على إسرائيل.وأكد الخبراء، لـ«الدستور»، أن دعوة المملكة لعقد اجتماع مع ترامب يضم دول مجلس التعاون الخليجى كانت خطوة ذكية لتوحيد الموقف الخليجى وتعزيز تأثيره الدولى، مشيرين إلى أن العرب يمكن أن يستفيدوا حاليًا من التوترات بين تل أبيب وواشنطن.ورأوا أن الإفراج عن المحتجز الأمريكى الإسرائيلى سيضع مزيدًا من الضغط على نتنياهو، وسيعرضه لانتقادات داخلية من المعارضة وأهالى المحتجزين، وقد ينتهى به الأمر بعيدًا عن السلطة إن لم يرضخ للأمر الواقع ويقبل بالتفاوض.ولفت الخبراء إلى أن أمريكا أصبحت هى من تحتاج إلى دول الخليج، كحلفاء موثوقين، خاصة وأن ترامب قد اكتسب عداوات كثيرة بأزمة الرسوم الجمركية التى أثارها منذ وصوله الحكم. عماد عمر: بمقدور العرب فرض شروط السلام مقابل الامتيازات الممنوحة لواشنطنقال الدكتور عماد عمر، الكاتب والمحلل السياسى، إن زيارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، إلى المنطقة تأتى فى توقيت حساس؛ إذ تستمر الحرب على قطاع غزة، وتتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بدليل تجاهل «ترامب» زيارة تل أبيب ولقاء رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو خلال جولته الحالية، الذى يُعد مؤشرًا على فتور العلاقات بين الرجلين، خاصة فى ظل الخلافات حول إدارة الحرب فى غزة والتصريحات المتبادلة بين الطرفين.وأضاف «عمر»: «ترامب يسعى من خلال هذه الزيارة إلى تعزيز علاقاته مع القادة العرب، خاصة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، بهدف تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، وربما يطرح ترامب حلولًا للصراع الفلسطينى- الإسرائيلى».وتابع: «مع ذلك، فإن قدرة ترامب على الضغط على تل أبيب لوقف الحرب وإبرام اتفاق تهدئة تبقى مرهونة بمدى التعاطى معه من قبل الحكومة الإسرائيلية، لا سيما أن هناك تعقيدات فى المشهد السياسى الإسرائيلى؛ فنتنياهو يخشى على مستقبله السياسى فى حال ذهب إلى إنهاء الحرب على غزة، لأنه يعلم جيدًا أن الضامن الوحيد لبقائه فى الحكم هو استمرار الحرب على غزة».وأوضح أن الدول التى سوف تشملها زيارة ترامب يجب أن تلعب أيضًا دورًا فى فرض شروط وقف الحرب على غزة، مقابل الامتيازات التى يريدها الرئيس الأمريكى، مشددًا على أن أى تحرك حقيقى نحو وقف الحرب يجب أن يقوم على أساس واضح، وهو وقف شامل لإطلاق النار، ورفع الحصار عن غزة، وبدء مسار سياسى جاد يضمن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطينى، وليس مجرد ترتيبات مؤقتة تهدف إلى إعادة إنتاج الأزمة فى وقت لاحق. فهد الشليمى: على الخليج استثمار العلاقة لتحقيق اختراق بملفات المنطقة الشائكة ذكر المحلل السياسى الكويتى، فهد الشليمى، أن زيارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، إلى المملكة العربية السعودية فى هذا التوقيت، تحمل أهمية كبرى على المستويات السياسية والاقتصادية والجيوسياسية، واصفًا إياها بأنها «زيارة رسمية أولى تؤكد مكانة السعودية وثقلها الإقليمى والدولى».وقال «الشليمى»: «اختيار السعودية كمحطة أولى فى جولة ترامب الإقليمية يعكس مدى تأثير المملكة فى محيطها والعالم»، مشيرًا إلى أن هذا الاختيار يُبرز مكانتها كقوة سياسية واقتصادية ودبلوماسية فى المنطقة.وأشار إلى أن الرئيس الأمريكى يبحث عن دول مستقرة ذات اقتصاد قوى وملاءة مالية يمكن الاعتماد عليها كشركاء موثوقين، وهذا ما يجده فى دول الخليج، مضيفًا أن ترتيب الزيارة الذى يشمل السعودية ثم قطر فالإمارات، يدل على تمركز القرار السياسى والاقتصادى فى هذه العواصم الخليجية.وفى الشق الاقتصادى أكد أن ترامب يسعى لتحقيق مكاسب تروّج لنجاحه الداخلى، عبر صفقات واستثمارات مشتركة تفيد الطرفين، وليس كما يصوّرها البعض بأنها مجرد ضخ أموال.وقال إن على دول الخليج أن تستثمر هذه العلاقة لتحقيق اختراقات سياسية حقيقية فى ملفات شائكة، مثل القضية الفلسطينية، والأزمة السورية، والملف النووى الإيرانى. محمد تقى: فرصة لتأكيد الدور العربى فى صياغة التوازنات الدولية قال المحلل والكاتب الإماراتى، محمد تقى، إن زيارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، المنطقة تأتى فى توقيت دقيق، وتحمل أبعادًا إيجابية تتجاوز البروتوكولات الدبلوماسية، مؤكدًا أن هذه الزيارة من شأنها أن تسلط الضوء الدولى مجددًا على ملفات استراتيجية شديدة الحساسية، وتعيد الزخم إلى قضايا الأمن والاستقرار التى تشهد تجاذبات إقليمية ودولية متسارعة.ورأى «تقى»، خلال حديثه، لـ«الدستور»، أن زيارة ترامب قد تفتح الباب أمام نقاشات جادة حول مستقبل المنطقة، لا سيما فى ظل تراجع المبادرات السياسية وانشغال العالم بملفات دولية أخرى، مضيفًا: «نحن أمام فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، وبناء شراكات على أساس المصالح المتبادلة، بدلًا من التحالفات التقليدية القائمة على الدعم العسكرى فقط».وعن أبرز الملفات التى يُتوقّع أن تطرح خلال الزيارة، قال «تقى» إن ملف مكافحة الإرهاب سيكون من بين الملفات الرئيسية، باعتباره تحديًا مشتركًا لا يزال يُشكّل خطرًا على أمن واستقرار دول المنطقة.واختتم الكاتب الإماراتى حديثه بالقول إن زيارة ترامب «تمثّل أيضًا فرصة لدول الخليج لتأكيد دورها الفاعل فى صياغة التوازنات الدولية، ليس فقط من خلال الاستثمار أو الطاقة، بل عبر طرح مبادرات تعزز الاستقرار السياسى وتحد من التوترات الإقليمية، بما فى ذلك الأزمات الممتدة فى سوريا، واليمن، والملف النووى الإيرانى»، داعيًا إلى الاستفادة من هذا الزخم الدبلوماسى لإعادة تموضع سياسى يعكس واقعًا خليجيًا أكثر تأثيرًا فى السياسة الدولية. ماك شرقاوى: غياب إسرائيل عن الجولة مؤشر على تصدع بين إدارة ترامب ونتنياهو وصف الدكتور ماك شرقاوى، المحلل السياسى الأمريكى، توقيت زيارة الرئيس الأمريكى فى الشرق الأوسط، بأنه «بالغ الحساسية»، مشيرًا إلى أن خلو أجندة ترامب، وبشكل لافت، من زيارة لإسرائيل، أثار عاصفة من التساؤلات فى الأوساط السياسية الأمريكية والإسرائيلية على حد سواء، وطرح علامات استفهام كبيرة حول طبيعة ومستقبل العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو.وقال: «شرقاوى»، إن الزيارة تأتى فى ظل تصاعد التوترات فى قطاع غزة، وتباين واضح فى المواقف بين واشنطن وتل أبيب، وتعبير ترامب عن استيائه من الحرب المتواصلة منذ ١٨ شهرًا دون تحقيق أهداف ملموسة، ودون مبرر حقيقى سوى الحفاظ على التحالف الحكومى الهش فى إسرائيل، حيث يخشى نتنياهو من انهيار الائتلاف وخسارة الحصانة القضائية، التى تمنع ملاحقته بتهم جنائية محتملة.وأوضح أن قرار ترامب بعدم زيارة إسرائيل يمثل رسالة سياسية مباشرة لا تخلو من دلالة، خاصة بعد أن توصلت إدارته لاتفاق مفاجئ مع حركة حماس، أسفر عن إطلاق سراح الجندى الأمريكى من أصل إسرائيلى، عيدان ألكسندر، واعتبار ترامب أن الخطوة بادرة حسن نية وتفتح بابًا لإمكانية وقف إطلاق النار، مع التأكيد على أهمية إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وهى النقطة التى يسعى الرئيس الأمريكى لتوظيفها لتحسين صورته إقليميًا، واستثمارها كورقة ضغط فى المفاوضات.ونوه إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تواصل، فى الوقت نفسه، بعث رسائل متناقضة، فمن جهة تسعى لتجميل دورها الإنسانى من خلال الضغط لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة، ومن جهة أخرى تظهر نوعًا من الانفتاح على تركيا وقطر، مقابل فتور فى العلاقة مع إسرائيل، التى تشعر بتراجع الدعم غير المشروط من واشنطن.