يوسف والخراط: عزة رياض تروي تفاصيل لقاء غير عادي بين الشاعر والناقد

يوسف والخراط: عزة رياض تروي تفاصيل لقاء غير عادي بين الشاعر والناقد

تحدثت الروائية عزة رياض عن موقف بين إدوار الخراط والشاعر الراحل يوسف مسلم الذي وافته المنية منذ أيام قليلة، وذلك في صالون الدستور الثقافي.

صالون الدستور الثقافي

قالت عزة، خلال فعاليات صالون الدستور الثقافي:”كان يوسف مسلم فى التاسعة عشر من عمره في ذلك الوقت، كل حلمه كان أن يلتقي إدوار الخراط، حتى استطاع الحصول على رقم هاتفه، ثم قام بالتواصل معه وأخبره أنه يكتب الشعر ويريد أن يعرض عليه ما يكتب، فاستجاب الخراط لطلبه وحدد له ميعاد فى الساعة السابعة ببيته فى الزمالك.وتضيف رياض: “وصل يوسف مسلم مبكرا عن الموعد بنصف ساعة، فقرر أن يتجول بالشوارع المحيطة حتى يحين الموعد، ثم فجأة أمطرت وتحولت إلى سيول هادرة، وظل يوسف يسأل نفسه: “هل أذهب اليه هكذا، وأنا أقطر ماء من ملابسي الغارقة، أم أرحل”، لكنه أخيرا قرر أن يذهب للخراط.

عزة رياض

تواصل:”وصل يوسف للعمارة ثم طلع للدور الأول ورن جرس الباب، ليفتح له إدوار الخراط قائلا:”مواعيدك مظبوطة بالثانية وهذا أمر مبشر بالخير”، ليجيبه يوسف:”لأني أكتب مسرح والمواعيد أمر مقدس لدي”، ثم اصطحبه لغرفة مكتبه، وذهب ليعد له القهوة، ليعود فيجد يوسف مازال واقفا يخشى الجلوس حتى لا يبلل الأثاث، فقال الخراط: “ولد.. اقعد انا اصلا افتكرتك مش حتيجى وكنت حلتمس لك العذر، لكن طالما جيت ده مبشر بالخير،”.تكمل: “جلس يوسف مسلم مع إدوار الخراط قرابة الساعة وهو يسأله لمن قرأ ورايه في فلان وفلان من الشعراء، وبعدها منحه كشكول كتبه يوسف مسلم بخط اليد، وكتب عليه رقم هاتفه، فمد إدوار يده واخذ الكشكول وقال له:”وكتب عليه رقم تليفونه وقال له بعد شهر هاكلمك ونحدد موعد وتيجي لي نتناقش في كتابتك.. أنا مرتاح لك بس مش هاجاملك”، فقال له يوسف: “أرجوك أنا لا أحب المجاملات فهي في الشعر مؤذية”.

الشاعر الراحل يوسف مسلم

وتستطرد عزة:”ثم مضى يوسف، وبعد شهر فعلا اتصل به إدوار الخراط فذهب اليه وقال له:” أنت شاعر كويس بس محتاج تذاكر نحو شوية.. إعرض الديوان ده على مراجع لغوي يضبطه وهاته في المجلس الأعلى للثقافة وهانشرهولك في سلسلة الكتاب الأول”، ومضى يوسف وقدمه لا تلامس الأرض من السعادة، يتساءل فى نفسه، ترى هل اعجبه ديواني، ام انها مجاملة؟ ثم اعاد قراءة ما كتب وقال لنفسه:” هذا الديوان لا يعجبني، لن اذهب، ومرت عشر سنوات كاملة، يعمل يوسف وقتها في هيئة الكتاب، كان مديرا لتحرير مجلة الرواية، ومطلوب من إدوار أن يكتب شهادة عن تجربته للمجلة، وإدوار لا يميل لجو الإيميلات والتكنولوجيا.

جانب من الصالون

وتكمل عزة رياض:”طلب عبد الرحمن أبو عوف رئيس التحرير من يوسف مسلم الذهاب لإدوار بنفسه والعودة بالشهادة، هاتفه يوسف واتفق معه على الميعاد، فذهب اليه واجلسه فى حجرة المكتب، قال له اشعر إنني رايتك من قبل يا يوسف؟ فضحك وقال له فعلا ولكن هذا منذ عشر سنوات، ولم أكن متأكدا أنك ستتذكرني، قال له إدوار الخراط: “أنت الولد الشاعر اللي جالي مبلول بسبب المطرة وقلت له يجيب لي الديوان بتاعه علشان انشره”، فأجاب يوسف مسلم بنعم، فسأله الخراط:”واين الديوان يا ولد”، فأجابه:”لم انشره بعد”، فسأله:”ومتى سينشر؟” فأجاب يوسف:”حين أرضي عنه”.وتختتم عزة رياض:” هذا هو ديوان يوسف الاول (كتابوت يسعل بشدة) والذي نشره فى عمر الرابعة والثلاثين، طلب منه ادوار الجلوس قائلا لا مطر اليوم، ثم مد يده لمكتبته سحب منها اخر أعماله وقام بكتابة اهداء له “إلى شاعر طويل نحيل جاءني في ليلة شتائية ممطرة ثم اختفى بغموض ساحر كشعره.. يوسف مسلم”.

جانب من الصالون
جانب من الصالون