المركز الفلكي يشرح أسباب شعور المصريين بزلزال كريت وينفي وجود خطر ‘تسونامي’

المركز الفلكي يشرح أسباب شعور المصريين بزلزال كريت وينفي وجود خطر ‘تسونامي’

يرصد موقع “الدستور” في التقرير التالي تفاصيل الزلزال الذي شعر به سكان عدد من المحافظات المصرية، ويستعرض أسبابه، وطبيعته الجيولوجية، ومدى تأثيره، وفق ما كشفه المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية.

زلزال قرب جزيرة كريت يهز القاهرة والدلتا

أكد الدكتور طه رابح، القائم بأعمال رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، أن الزلزال الذي وقع جنوب جزيرة “كريت” بالبحر الأبيض المتوسط، وبلغت قوته 6.4 درجة على مقياس ريختر، كان السبب في شعور كثير من المصريين به، خاصة في محافظات القاهرة الكبرى والدلتا.وأوضح “رابح” أن الزلزال الذي سجلته الشبكة القومية لرصد الزلازل في الساعة 1:51:15 ظهر الأربعاء، استمر لفترة قصيرة لا تتجاوز 20 ثانية، لكن تأثيره كان ملحوظًا نتيجة لعمقه الكبير، الذي بلغ 76 كيلومترًا تحت سطح الأرض.

لماذا شعر المصريون بالهزة الأرضية؟

وأرجع الدكتور شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل بالمعهد، الإحساس الواسع بالزلزال في مصر إلى عدة عوامل، أبرزها العمق الكبير للهزة، الذي ساعد في انتقال الموجات الزلزالية إلى مسافات بعيدة.وأضاف أن طبيعة التربة الطينية في مناطق الدلتا تسهم في تعزيز شعور السكان بالهزات الأرضية، نظرًا لقدرتها على نقل الاهتزازات بشكل أكثر وضوحًا مقارنة بأنواع التربة الأخرى.وأشار الهادي، إلى أن منطقة جنوب جزيرة كريت تُعد من المناطق النشطة زلزاليًا، ما يفسر تكرار مثل هذه الظواهر في محيط البحر المتوسط. لكنه طمأن المواطنين بعدم وجود أي مؤشرات على حدوث موجات تسونامي، موضحًا أن الزلازل التي قد تسبب هذا النوع من الكوارث عادة ما تتجاوز شدتها 7 درجات، وهو ما لم يتحقق في هذه الحالة.

هزة شمال رشيد دون خسائر

ووفقًا لما أعلنه المعهد في بيان رسمي، فإن محطات الرصد سجلت وقوع الزلزال على بُعد 631 كيلومترًا شمال مدينة رشيد، دون تسجيل أي خسائر بشرية أو مادية، رغم أن كثيرًا من المواطنين في محافظات مصرية عدة أفادوا بشعورهم بالهزة.وقد تم تحديد موقع الزلزال بدقة عند خط عرض 35.12 درجة شمالًا، وخط طول 27.0 درجة شرقًا، على عمق 76 كيلو مترًا، ما يعكس طبيعته العميقة التي ساهمت في انتقال تأثيره إلى اليابسة المصرية رغم بعد المسافة.

ما هو الزلزال؟ وكيف ينشأ؟

علميًا، يُعرف الزلزال بأنه اهتزاز مفاجئ لسطح الأرض، نتيجة لحركة مفاجئة في الصفائح الصخرية بالقشرة الأرضية، وتبدأ الظاهرة من نقطة تُعرف باسم “البؤرة” أو مركز الزلزال، والتي تنبعث منها موجات زلزالية تنتشر في جميع الاتجاهات، وقد تتبعها ارتدادات لاحقة.وتنقسم أسباب الزلازل إلى طبيعية وبشرية، تشمل الأسباب الطبيعية الانزلاقات التكتونية على الصدوع النشطة، والانفجارات البركانية المصاحبة لما يعرف بـ”الزلازل البركانية”، أما الأسباب البشرية، فتشمل الأنشطة الصناعية مثل التفجيرات داخل المناجم والمحاجر، وهي زلازل اصطناعية يمكن التحكم بها إلى حد بعيد.

مقياس ريختر لا يروي كل شيء

وتُقاس قوة الزلازل باستخدام مقياس “ريختر”، وهو مقياس لوغاريتمي يعكس كمية الطاقة المنبعثة من مركز الزلزال. إلا أن القوة وحدها لا تكفي لتحديد مدى تأثير الزلزال، فهناك عوامل أخرى تلعب دورًا مهمًا، مثل عمق البؤرة، وطبيعة الصخور التي تمر بها الموجات الزلزالية، ونوعية التربة في المناطق المتأثرة، بل وحتى مستوى المياه الجوفية في تلك المناطق.فعلى سبيل المثال، إذا وقع زلزال بنفس القوة في منطقتين مختلفتين، فإن الشدة الفعلية التي يشعر بها السكان قد تختلف باختلاف خصائص التربة والتركيب الجيولوجي للمنطقة.

هل نحن أمام زلزال مقلق؟

من الناحية العلمية، يُعد الزلزال الذي وقع جنوب جزيرة كريت متوسط القوة، لكنه لا يندرج ضمن الزلازل الخطيرة أو المدمرة، ورغم اتساع الرقعة الجغرافية للشعور به، فإن عدم وقوع خسائر بشرية أو مادية يعكس قدرة البنية التحتية على امتصاص الصدمة، وهو مؤشر إيجابي.كما أن استقرار الوضع وعدم صدور تحذيرات بحدوث “تسونامي” يبدد القلق لدى كثير من المواطنين، خاصة في المناطق الساحلية، ويواصل المعهد القومي للبحوث الفلكية رصده المستمر للنشاط الزلزالي، حرصًا على تقديم المعلومات الدقيقة في الوقت المناسب.

توعية وتدابير احترازية

رغم أن مصر لا تقع على خطوط صدع نشطة مباشرة مثل بعض الدول الواقعة على “حلقة النار” حول المحيط الهادئ، إلا أن تأثرها أحيانًا ببعض الزلازل القريبة في حوض البحر المتوسط يتطلب استمرار جهود التوعية والتأهيل لمواجهة الحالات الطارئة.ويؤكد خبراء الجيولوجيا أن توسيع شبكات الرصد، وتكثيف برامج التوعية لدى المواطنين حول كيفية التصرف أثناء الهزات الأرضية، وتحديث أكواد البناء بما يتلاءم مع المواصفات الزلزالية، تمثل عناصر أساسية لضمان السلامة العامة وتقليل المخاطر المحتملة.