من كريت إلى أثينا: عرض زمني لأبرز الزلازل في اليونان وآثارها

منذ منتصف القرن العشرين وحتى عام 2025، شهدت اليونان أكثر من 80 زلزالًا مدمرًا خلّفت وراءها خسائر اقتصادية جسيمة، ومئات الضحايا، وعددًا من موجات التسونامي القوية، حسبما ذكرت صحيفة “تو فيما” اليونانية.وتابعت، أن هذه الكوارث لم تكن مجرد حوادث عابرة، بل شكلت جزءًا أساسيًا من ذاكرة اليونان، محفورة في تضاريسها ومجتمعها، ودليلًا دامغًا على أن الجغرافيا وحدها قد تكون القدر الذي لا مفر منه.
بلد يعيش على حافة الصفائح التكتونية
تقع اليونان عند نقطة التقاء الصفائح التكتونية الأوراسية والأفريقية، وهي واحدة من أكثر المناطق نشاطًا زلزاليًا في القارة الأوروبية. وتعد الزلازل ظاهرة شبه يومية في البلاد، لكن بعضها كان له وقعٌ استثنائي، غيّر مجرى الأحداث، وشكّل ملامح مدن، وأعاد رسم خطوط الجغرافيا الدائمة.
يسجل المتوسط السنوي للزلازل في اليونان نحو 23 هزة أرضية، ما يجعل الزلازل ثاني أكثر الكوارث الطبيعية تكرارًا بعد حرائق الغابات. لكن كثافة الزلازل وحدها لا تروي القصة؛ فالتاريخ مليء بزلازل كانت لها آثار سياسية واجتماعية واقتصادية كبرى.
تاريخ اليونان في الزلازل
على مدار السنوات الأخيرة شهدت اليونان سلسلة واسعة من الزلازل المدمرة التي خلفت وراءها آلاف الضحايا ومنها:
زلزال أمورجوس عام 1956
في التاسع من يوليو عام 1956، ضرب زلزال بلغت قوته 7.7 درجات على مقياس ريختر جزر السيكلاديس في بحر إيجه، وكان الأقوى في اليونان منذ عام 1950. لم يقتصر تأثير الزلزال على الاهتزازات الأرضية، بل تبعه تسونامي عنيف أدى إلى مقتل 56 شخصًا، وعلى الرغم من قوته الاستثنائية، فإنه لم يكن الزلزال الأكثر دموية في تاريخ البلاد الحديث.
زلزال كيفالونيا عام 1953
يحمل زلزال جزيرة كيفالونيا في أغسطس 1953 الرقم القياسي في عدد الضحايا في التاريخ الحديث لليونان. وقد بلغت قوته 6.9 درجات على مقياس ريختر، لكنه خلّف دمارًا واسع النطاق، أسفر عن مقتل ما بين 500 و800 شخص. وقد كان الزلزال عنيفًا لدرجة أنه رفع الجزيرة بأكملها بمقدار 60 سنتيمترًا عن سطح البحر بشكل دائم، وأدى إلى تدمير شبه كامل للبنية التحتية. آلاف السكان هجروا الجزيرة، وانتقل كثير منهم إلى أثينا أو غادروا البلاد بحثًا عن الأمان.
زلزال أثينا عام 1999
من الزلازل التي لا تزال حاضرة في الذاكرة الجمعية للمجتمع اليوناني، زلزال أثينا الذي وقع في 7 سبتمبر 1999، بقوة بلغت 5.9 درجات فقط. ورغم اعتدال قوته نسبيًا، فقد كان من بين الأكثر فتكًا. فقد أدى إلى انهيار عشرات الآلاف من المباني، وتشريد أكثر من 50 ألف شخص، وإصابة أكثر من 1600، ووفاة قرابة 150 شخصًا.
زلزال رودس عام 1926
أما أقوى زلزال تم تسجيله في تاريخ اليونان كله، فيعود إلى عام 1926، حين ضرب زلزال بلغت قوته 8.0 درجات منطقة أرخانجيلوس في جزيرة رودس، ما أسفر عن مقتل 51 شخصًا. وقد سبق هذا الزلزال العصر الحديث للأجهزة الدقيقة، لكنه لا يزال يحتل مكانة خاصة في السجلات الجيولوجية والتاريخية.
زلازل الألفية الجديدة
في 2 مايو 2020، ضرب زلزال بقوة 6.6 درجات بالقرب من جزيرة كريت، ليكون الأقوى في العقد الجاري. وفي 3 مارس 2021، ضرب زلزال آخر منطقة لاريسا، وألحق أضرارًا اقتصادية بلغت نحو 14 مليون دولار، ما يجعله الأكثر تكلفة من حيث الخسائر المادية خلال تلك الفترة، كما تسبب في إصابة 100 شخص ومقتل 40 آخرين، مع نزوح عدد من السكان.وخلال عام 2020 وحده، تأثر أكثر من 900 شخص بالزلازل بشكل مباشر، سواء بالإصابة أو التشريد أو فقدان الممتلكات، مما يسلط الضوء على الأثر الإنساني العميق الذي تخلّفه هذه الكوارث، والحاجة الملحة لتعزيز الجاهزية والتأهب لمواجهتها.