الأمل لا يزال موجودًا

الأمل لا يزال موجودًا

 صفقة إطلاق سراح الإسرائيلى الأمريكى عيدان تعتبر بارقة أمل مشوبة بالحذر لوقف الحرب الإسرائيلية فى غزة، ففى خضم هذه الحرب القذرة على قطاع غزة، برزت هذه البارقة مجددًا وهى ثمرة اتصالات بين حركة حماس والإدارة الأمريكية وجهود وساطة إقليمية يأتى على رأسها مصر.وقد أثارت تساؤلات حول إمكانية أن تكون هذه الصفقة مقدمة لتهدئة شاملة ووقف دائم لإطلاق النار، وهو ما يتوق إليه سكان القطاع المحاصر والمجتمع الدولى على حد سواء.عيدان ألكسندر الذى يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأمريكية، كان محتجزًا لدى حماس منذ ما يقارب العامين. إطلاق سراحه، الذى تم بموجب اتفاق وصف بأنه «تاريخى» من قبل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يمثل تطورًا لافتًا فى مسار الحرب الإسرائيلية الغاشمة. وحماس أكدت أن هذه الخطوة جاءت استجابة لجهود الوسطاء بهدف فتح قنوات للحوار وإنهاء الحرب، بينما رأى فيها البعض بادرة حسن نية قد تمهد الطريق لمفاوضات أوسع.الأمل الذى أثارته صفقة عيدان يستند إلى عدة اعتبارات، وهى تفعيل قناة اتصال مباشرة بين حماس والإدارة الأمريكية قد يسهل تبادل وجهات النظر وتجاوز بعض العقبات التى تعوق المفاوضات. وكذلك إبداء حماس استعدادها للدخول فى مفاوضات لوقف الحرب وتبادل الأسرى قد يشكل نقطة انطلاق لمحادثات أكثر جدية وشمولية. كما أن الضغط المصرى والدولى المتزايد لوقف إطلاق النار، جنبًا إلى جنب مع الحاجة الملحة لتخفيف الأزمة الإنسانية فى غزة، يمكن أن يوفر قوة دفع إضافية نحو التوصل إلى حل سياسى. ويظل التفاؤل حذرًا للغاية فى ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية البشعة فى قطاع غزة حتى بعد إطلاق سراح عيدان ألكسندر.فقد أكدت التقارير استمرار القصف الإسرائيلى على مناطق فى القطاع، ما يثير شكوكًا حول جدية الالتزام بتهدئة طويلة الأمد، كما أن الأهداف المعلنة لكل من إسرائيل وحماس لا تزال متباعدة، حيث تصر إسرائيل على تحقيق أهدافها العسكرية المعلنة، بينما تشدد حماس على ضرورة وقف شامل للحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع. وعلاوة على ذلك هناك تحديات أخرى تعوق أى مسار نحو وقف دائم لإطلاق النار، ومعروف أن ملف الأسرى لا يزال شائكًا ومعقدًا، وتصر حماس على إطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين مقابل الرهائن الإسرائيليين المتبقين، كما أن مستقبل قطاع غزة وإدارته بعد الحرب يمثلان نقطة خلافية أخرى، حيث ترفض إسرائيل عودة حماس إلى السلطة وتطرح رؤى مختلفة لمستقبل القطاع.إن صفقة إطلاق سراح عيدان ألكسندر تمثل خطوة إيجابية أولى، وقد تفتح نافذة للأمل نحو وقف الحرب الإسرائيلية فى غزة، ومع ذلك لا يزال الطريق طويلًا وشاقًا ومليئًا بالعقبات والتحديات. تحقيق وقف دائم لإطلاق النار يتطلب إرادة سياسية حقيقية أولًا من أمريكا وإسرائيل، والانخراط فى مفاوضات جادة تهدف إلى ضمان أمن وسلامة الجميع فى المنطقة، من خلال تفعيل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس. وهنا يجب على المجتمع الدولى أن يمارس أقصى درجات الضغط لتشجيع هذه الجهود وتحويل هذه البادرة إلى سلام دائم وشامل.وعلى الرغم من أن التقارير الأولية تشير إلى أن المفاوضات التى أدت إلى إطلاق سراح الجندى الإسرائيلى الأمريكى عيدان ألكسندر تمت بشكل مباشر بين حركة حماس والإدارة الأمريكية، إلا أن الدور المصرى لا يمكن تجاهله تمامًا فى هذا السياق. فمصر تاريخيًا تلعب دورًا محوريًا مهمًا فى الوساطة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، ولها علاقات مع الطرفين.وتشير التقارير إلى أن مصر، بالتنسيق مع قطر، بذلت جهودًا حثيثة فى ملف الوساطة بقطاع غزة، بهدف تخفيف معاناة المدنيين وتهيئة الظروف لتهدئة شاملة، كما رحبت القاهرة والدوحة بقرار حماس إطلاق سراح ألكسندر، معتبرتين ذلك «بادرة أمل» نحو إنهاء الحرب.ومن غير المستبعد أن تكون هناك اتصالات غير مباشرة أو خلفية بين مصر وحماس أو أطراف إقليمية أخرى سهلت هذه الصفقة. فمصر لديها قنوات اتصال واسعة، وتستخدمها فى تهدئة التوترات وتقريب وجهات النظر، كما أن موقف مصر العظيم يجعلها طرفًا أساسيًا فى أى جهود لوقف الحرب الإسرائيلية فى غزة، فى إطار جهودها المستمرة لتحقيق الاستقرار والسلام فى المنطقة.