المحامي أبو الفتوح: قائد “الهلوبة” في موسم حصاد القمح

المحامي أبو الفتوح: قائد “الهلوبة” في موسم حصاد القمح

رغم حصوله على درجة الماجستير فى القانون، فإن أحمد أبوالفتوح، ابن قرية الشرقى بهجورة، بمركز نجع حمادى، محافظة قنا، لا يتردد فى خلع بدلته الرسمية فى موسم القمح ليقود ماكينة «هلوبة» ويشارك فى حصاد المحصول وسط ترحيب واحترام كبيرين من أبناء قريته.«أبوالفتوح»، البالغ من العمر ٣٢ عامًا، المحامى يتحول فى أشهر حصاد القمح من المترافع عن الحقوق إلى الحارس على سنابل الخير.ويمتلك ماكينة «هلوبة» متخصصة فى الحصاد ويقودها بنفسه، متنقلًا من قطعة أرض إلى أخرى، مُمسكًا بعجلة القيادة ومُتابعًا كل تفاصيل العمل وكأنه وُلد لهذا الدور.و«هلوبة» آلة حديثة تتسم بالسرعة والكفاءة فى الحصاد، وتوفّر جهدًا ووقتًا كبيرين.منذ نشأته، تشكّلت لدى «أبوالفتوح» علاقة متجذرة بالأرض كأغلب أبناء القرى فى الصعيد، لكنه اختار طريق التعليم العالى، فدرس القانون وتفوق فيه حتى حصل على درجة الماجستير، وفتح مكتبًا للمحاماة، ومع ذلك ظل موسم القمح بالنسبة له حدثًا خاصًا لا يمكن تفويته.وقال: «القمح ليس مجرد محصول، ده موسم خير وله طقوسه السنوية، ففى وقت الحصاد أترك المكتب شوية وأركز فى الأرض والهلوبة، لأنها شغلانة مش غريبة عليّا، وأنا بحبها».وأضاف: «لما الناس تشوفنى سايب المكتب وراكب الهلوبة بيضحكوا ويقولوا: المحامى جه.. بس فى الآخر، كلهم بيحترموا اللى بعمله، لأنى مش بنسى أصلى، ومش شايف عيب إنى أشتغل فى الأرض».وأكد أن العمل الموسمى فى الزراعة يمده بطاقة مختلفة، ويعتبره فترة للتجديد النفسى، مضيفًا: «العلم مش معناه إنك تتخلى عن أصلك، بالعكس، التعليم خلانى أفهم قيمة الأرض أكتر، وقدرت أطور شغل العيلة واشتريت الماكينة دى عشان أخفف التعب عن الكبار وأسرع الشغل فى موسم الحصاد».ويؤمن «أبوالفتوح» بأن الزراعة لا تتعارض مع المهن الأخرى، بل تُكملها، خصوصًا فى البيئات الريفية التى تعتمد بشكل موسمى على المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح، ويرى أن عمله فى الزراعة يُقرّبه أكثر من الناس، ويمنحه تواصلًا مباشرًا مع بيئته الحقيقية.واختتم: «أنا مش بعيد عن أهلى ولا عن أرضى والمحامى اللى بيفهم الناس ويقعد معاهم فى الحقل أو القهوة، أكيد هيكون أقرب ليهم من اللى بيتكلم من برج عاجى»، ثم يعود ليضبط سرعة «الهلوبة» ويُكمل جولته فى حصاد أرضٍ غرس فيها حُب الأرض والعلم معًا.