أزمة الكهرباء في إيران: اختلافات في التأثيرات مع استمرار المشروعات الاستراتيجية

تشهد إيران أزمة كهرباء متفاقمة تتجلى في انقطاعات متكررة تؤثر بشكل خاص على المناطق ذات الدخل المنخفض، ما يسلط الضوء على التحديات المتعددة التي تواجه البنية التحتية للطاقة في البلاد، وسط تركيز حكومي على البرنامج النووي.
انقطاعات الكهرباء: تباين جغرافي واجتماعي
ووفقًا لتقارير محلية، من بينها صحيفة فرهيختغان الايرانية، فإن نسبة كبيرة من انقطاعات الكهرباء تتركز في مناطق جنوب وغرب طهران التي تضم شرائح واسعة من محدودي الدخل، بينما تستمر الخدمة بشكل أكثر استقرارًا في الأحياء ذات البنية الاقتصادية الأقوى.وأوضحت الصحيفة أن هذا التباين أثار احتجاجات في عدد من المدن مثل كرمانشاه وأهواز وأصفهان، حيث عبّر السكان عن استيائهم من الأوضاع المعيشية وتكرار الانقطاعات.
البنية التحتية “ فجوة بين الإنتاج والاستهلاك”
وأظهر تقرير صادر عن مركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني أن الفجوة بين إنتاج الكهرباء واستهلاكها ارتفعت بنسبة 60% خلال العامين الأخيرين، كما أن كفاءة محطات توليد الكهرباء لا تتجاوز 40% في المتوسط. ورغم امتلاك إيران لاحتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي، فإن الاستثمارات في محطات التوليد الحديثة، مثل الدورة المركبة، لا تزال محدودة، ما يفاقم الضغط على الشبكة الوطنية.
البرنامج النووي والطاقة الكهربائية
تُروج الحكومة الإيرانية لبرنامجها النووي كوسيلة لتعزيز قدرات البلاد في مجال الطاقة، لكن تقارير مستقلة تشير إلى أن العائد الفعلي على مستوى توليد الكهرباء لا يزال محدودًا. وتشير بيانات متداولة إلى أن الإنفاق على البرنامج النووي بلغ تريليونات الدولارات على مدى عقدين، بينما لا تزال قدرة الطاقة النووية في البلاد متواضعة مقارنةً بالاحتياجات المتنامية.وفي ظل هذه الظروف، يلجأ بعض المواطنين إلى حلول بديلة مثل المولدات الكهربائية أو مصادر تقليدية للإضاءة. في المقابل، يطالب مراقبون داخليون وخارجيون بمراجعة أولويات الإنفاق والاستثمار، بما يضمن تعزيز الخدمات الأساسية وتحديث البنية التحتية للطاقة بما ينعكس إيجابًا على معيشة المواطنين.تعكس أزمة الكهرباء في إيران تحديًا مركبًا، يرتبط بعوامل فنية وتخطيطية واقتصادية. وفي الوقت الذي تستمر فيه الدولة في تطوير برامجها الاستراتيجية، بما فيها النووية، تتزايد الدعوات المحلية والدولية لتعزيز الشفافية وإعادة توجيه الموارد نحو تحسين الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء.