شيخ الحرفيين الحاج أحمد: أعيش شبابي مجددًا بين خيوط النول

شيخ الحرفيين الحاج أحمد: أعيش شبابي مجددًا بين خيوط النول

داخل ورش قديمة يرجع عمرها لأكثر من ١٥٠ عامًا، وأمام الأنوال والخيوط الملونة من الصوف الطبيعى، وفى قلب مدينة فوه بمحافظة كفرالشيخ، يعمل مئات من العمال أصحاب الأيادى الماهرة فى صناعة الكليم اليدوى والجوبلان، إحدى أهم الصناعات التراثية التى عرفتها المحافظة.وبين هؤلاء العمال الماهرين، يقف الحاج أحمد أبوعبدالله، ذو الـ٧٥ عامًا، وصاحب أقدم ورشة للكليم والسجاد اليدوى فى فوه، والذى تعلم المهنة فى عمر السابعة على يد والده الذى ورثها بدوره عن أبيه وأجداده، ليستمر عمل العائلة بها حتى اليوم.داخل الورشة، لم يكتف «الحاج أحمد» بصناعة السجاد والكليم فقط، بل خرّج من ورشته أجيالًا من الحرفيين، ممن تتلمذوا على يديه وعملوا فى نفس المهنة حتى اليوم، لذا استحق أن يطلق عليه لقب «شيخ صنايعية الكليم فى فوه».خلال حديثه لـ«الدستور»، قال «الحاج أحمد»: «قضيت حياتى كاملة بين الخيوط والنول، ووجودى بينهما أصبح مصدر سعادتى، بل واستعادة نشاط، لأنى بينهما أشعر بأننى ما زلت شابًا فى أوج قوتى».وأضاف: «صحتى أستمدها من عملى ووجودى داخل ورشتى المتواضعة، واستمرارى وإصرارى على عملى حتى هذه السن وتحدى الظروف ليس فقط للحفاظ على حرفة توارثتها عن أجدادى، ولكن لأننى أرسى فى كل خيط أنسجه حكاية، وفى كل قطعة أصنعها عمرًا من الذكريات، لأن كل ركن فى ورشتى العتيقة يذكرنى بذكريات من طفولتى».وتابع: «لى مبدأ أساسى فى حياتى، وهو أن (الإنسان قبل المهنة)، لذا فإن كل من يدخل ورشتى أشعر بأنه ابن لى، وأعلمه المهنة بكل حب وود، كما فعل أبى معى، حتى يشعر بأن الورشة أصبحت بيته».وعن صناعة الكليم اليدوى، يقول «الحاج أحمد»: «الكليم يصنع من مواد خام طبيعية، كالأصواف والأقطان، وتبدأ مراحل تصنيعه بصباغة خيوط الصوف بالألوان المناسبة، ثم تجهيز النول عن طريق تعقيد الخيوط القطنية (السدى)، حتى يتهيأ للرسم والنسج، ومن أنواعه الكليم التقليدى الذى يستخدم كبساط للأرضيات، ولوحات ما يطلق عليه (الجوبلان)، والمستمدة من التراث الشعبى أو التى تحاكى الطبيعة المصرية». وأضاف: «الكليم اليدوى من أهم الحرف اليدوية فى مصر، ومدينة فوه ربما كانت المدينة الوحيدة فى العالم التى تصنع الكليم اليدوى الصوفى والكليم القصاقيص و(الجوبلان) بأنواعه، وكانت فترة ازدهار تصديره فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، واستمر الأمر حتى التسعينيات، ولكن مع ظهور مصانع السجاد الحديثة بدأت المهنة فى الاندثار شيئًا فشيئًا، إلا أننى ما زلت مصممًا على الحفاظ على مهنة الأجداد والتراث الذى تعودنا عليه».واختتم «الحاج أحمد» حديثه بالقول: «هذه المهنة علمتنى الصبر قبل أن تعلمنى فن النسج، وعلمتنى أيضًا أن نضع روحنا فى كل قطعة نصنعها حتى تبقى سنوات طويلة شاهدة على تعبنا وفننا».