البنطلون والمرأة المصرية: من قطعة قماش عادية إلى بدلة متكاملة ثلاثية الأجزاء

في منتصف القرن العشرين، شهدت مصر تحولًا جذريًا في أزياء النساء حيث أصبح البنطلون رمزًا للحداثة والتحرر، ولم يكن هذا التغيير مجرد تبنّي صيحة غربية، بل تعبيرًا عن تطور اجتماعي وثقافي عميق.الكاتبة الهولندية مينيكه شيبر في كتابها “المكشوف والمحجوب.. من خيط بسيط إلى بدلة بثلاث قطع” تلفت إلى ”تأثر الأزياء النسائية في مصر عبر العصور بالثقافات المختلفة من الفراعنة إلى العثمانيين وفي العصر العثماني، كانت النساء في الطبقات العليا يرتدين أزياء مستوحاة من الطراز التركي، بينما احتفظت النساء من الطبقات الأخرى بالملابس التقليدية.
البنطلون.. من الغرابة إلى القبول
تقول مينيكه: “بعد ثورة 1919، شاركت النساء في الحياة العامة، ما استدعى ملابس أكثر عملية بدأت النساء في ارتداء التايير والتنورات القصيرة، ومع مرور الوقت، أصبح البنطلون جزءًا من الأزياء اليومية، خاصة بين الطبقات الوسطى والعليا”.مع ثورة 1952، بدأت المرأة المصرية في خوض مجالات العمل والتعليم، ما استدعى الحاجة إلى ملابس عملية ظهر البنطلون كخيار مناسب، رغم مواجهته في البداية بالدهشة والاستنكار، لكن سرعان ما فرض نفسه على المجتمع وأصبح جزءًا من الأزياء اليومية للنساء.
تأثير أوروبي
وتتابع مينيكه “في القرن التاسع عشر، بدأت الموضة النسائية في أوروبا تتجه نحو الملابس الضيقة على الخصر، مع تنانير واسعة وأكمام كبيرة تأثرت مصر بهذه الاتجاهات، خاصة بعد افتتاح قناة السويس 1869، حيث زارت الإمبراطورة أوجيني مصر بملابسها الأوروبية، مما أثرى الموضة المحلية”.

البنطلون كرمز للتحرر
تشدد شيبر على أن “ارتداء البنطلون لم يكن مجرد تقليد للغرب، بل كان تعبيرًا عن رغبة المرأة المصرية في التحرر والمساواة أصبح البنطلون رمزًا للمرأة العاملة والمستقلة وظهر في النوادي وعلى الشواطئ، ما عكس تغيرًا في نظرة المجتمع لدور المرأة.وتحولت ثورة النساء على موضة البنطلون في مصر من مجرد صرخة ضد الغزو الأوروبي للأزياء إلى تعبير عن هوية جديدة للمرأة المصرية. أصبح البنطلون رمزًا للحداثة والتحرر، وعكس تطورًا في دور المرأة في المجتمع.