“شاعر القضية”: الفيلم الوثائقي يكشف عن تفاصيل نشأة محمود درويش وتجربته مع مرارة النكبة.

عرضت شاشة الوثائقية، الفيلم الوثائقي “درويش.. شاعر القضية”، والذي استهل بولادة ونشأة الشاعر محمود درويش، حيث ولد في وطن سُلب منه اسمه، وعاش نكبة رسمت ملامح طفولته الأولى وألقت به في قلق لا يعرف السكينة وتيهِ لا سبيل لاجتنابه. وأشار الفيلم إلى أنه منذ اللحظة الأولى أدرك أن البيت يمكن أن يُسرق، وأن شجر الزيتون يُقتلع بقسوة، وأن الطفل الذي كانه، قد غادره للأبد، هكذا بدأت رحلة شاعر لم يعرف الاستقرار، فمن منفى الوطن المفقود إلى منافي العالم ظل مرتحلًا، جاعلًا من القصيدة مرآة لهوية مسلوبة، وصوت لوطن لا يمكن أن يموت، ولتيهٍ وجودي لازمه حتى السطر الأخير في الشعر وفي الحياة.
مرارة النكبة وظلام المنفى
لم تكن تلك الليلة تشبه أي ليلة، فلم تعد قرية البروة الفلسطينية الهادئة الواقعة شرق عكا، كما كانت قبلها، ففي إحدى ليال صيف 1948 استفاقت القرية على دوي القنابل وصوت الرصاص، وكان محمود درويش طفلًا في السابعة من عمره، يحيى هانئًا وسط أسرة مكونة من أب مزارع وأم قروية، وإخوة سبعة. وأمام الطلقات الطائشة، رقد الجميع في اتجاه الجبال الوعرة حتى ابتعد الرصاص، وأطلت الحقيقة؛ حقيقة النكبة وظلام المنفى. من جانبه، قال محمد هشام، شاعر وكاتب صحفي: “نحن نتحدث عن طفل عانى مرارة النكبة، عاش التهجير بكل تفاصيله، فجأة طفل وجد نفسه منبطحًا على الأرض، يتطاير الرصاص من فوق رأسه، يجري أهله في كل مكان، يتم الهجوم على قرى كاملة من حوله، ويتم استباحتها، ويتم ارتكاب مذابح بحقها، وبعد مرحلة الهروب من ها الجحيم، تحدث مرحلة الفرار والشتات والنزوح، لافتًا إلى أن كل هذه المراحل خُزنت في عقل هذا الصبي الذي تكونت في داخله براكين من المعاناة والمآسي”.