مفكر قبطي يستعرض أبرز الإنجازات الرئيسية لمجمع نيقية (حصري)

مفكر قبطي يستعرض أبرز الإنجازات الرئيسية لمجمع نيقية (حصري)

قال المفكر القبطي كريم كمال، إن مجمع نيقية هو المجمع “المسكوني” الأول وليس المجمع الأول على العموم، ذلك أن مجامع كنسية عدة التأمت في القرون الثلاثة الأولى لأهداف خاصة وفي ظروف طارئة لبحث أمور معينة تهمّ الجميع غير أن ما يميز مجمع “نيقية” (اسم المدينة التي عُقد فيها المجمع المسكوني الأول) عمّا قبله هو أن المجامع الأولى “كانت أحداثا أكثر منها مؤسِسة”، وكان مجمع نيقية، بالتالي، نموذجا للمجامع اللاحقة، وذلك لأن اهتداء الإمبراطورية الرومانية جعل الظروف تتغير عما قبل، فاستلزم وضع الكنيسة الجديد عملا مسكونيا هو بالحقيقة موجود وأصيل في الكنيسة ولكنه بان بشكل مرئي أكثر.وأضاف في تصريح خاص لـ”الدستور”، مجمع نيقية الأول  كان مجموعًا (مؤتمرًا) للأساقفة المسيحيين انعقد في نيقية في بيثينيا (حاليًا إزنيك في تركيا) بطلب من الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول في 325 ميلادية. وهذا المجمع المسكوني الأول كان أول جهد للتوصل إلى إجماع في الكنيسة عبر مجمع يمثل كل العالم المسيحي.وتابع: وتمثلت الإنجازات الرئيسية للمجمع في تسوية القضية الكرستولوجية حول طبيعة يسوع وعلاقته بالإله الأب، إنشاء الجزء الأول من العقيدة النيقية، وتسوية حساب تاريخ عيد الفصح،وإعلان القانون الكنسي المبكر.وأضاف: هدأت أمواج الاضطهادات التي لاقتها الكنيسة لمدة ثلاثة قرون بصدور مرسوم التسامح الديني في عصر الملك قسطنطين 313 م.، وهو المّسَمَّى “منشور ميلانو” الذي اعترفت فيه الإمبراطورية الرومانية بالمسيحية ديانة مسموح بها رسميًا. ثم جاءت الحاجة ملحة لعقد مجمع مسكوني بسبب:أ-حل مشكلات تنظيمية خاصة بالإيبارشيات، ولتحديد موعد موحد لعيد الفصح (عيد القيامة المجيد).
ب- أما السبب المباشر لعقد المجمع فقد كان بدعة أريوس، لأن الإمبراطورية كادت تنقسم بسبب تلك البدعة.وتابع: انعقد المجمع المسكوني بأمر الملك قسطنطين خوفًا من الانقسام الحاد الحادث في الإمبراطورية بسبب بدعة أريوس وكان انعقاده سنة 325م في نيقية بعدد 318 أسقفًا، كما ذكر القديس أثناسيوس الذي كان شاهد عيان وأحد أعضاء المجمع في خطاب له في البداية كان 16 أسقفًا مؤيدين لأريوس، و22 أسقفًا مؤيدين للبابا ألكسندروس، والباقي لم يكن موقفهم قد تحدد بعد. أما بنهاية المجمع فقد ظل أسقفين فقط مؤيدين لأريوس وهما سيكوندوس وثيئوناس اللذين رفضا التوقيع على إيمان المجمع مع الكهنة الملتصقين بهم، وفى أيام القديس أبيفانيوس كانت توقيعات الـ318 الحاضرين في نيقية لازالت موجودة هذا كان بفضل شرح القديس أثناسيوس للإيمان ورده على افتراءات أريوس، وفي هذا نرى مدى عظمة الدفاع السكندري في المجمع. ولم يكن الوصول لقرار المجمع بالأمر الهين بل استدعى الأمر مجهودًا رهيبًا.
 وتابع: كان البابا ألكسندروس، كما ذكرنا، قد عقد مجمعًا محليًا عام 318 م. حرم فيه أريوس وتعاليمه، وجرده من رتبته الكهنوتية فغادر أريوس مصر إلى فلسطين وآسيا الصغرى إلى صديقه أوسابيوس أسقف نيقوميديا، حيث بدأ في نشر تعاليمه في صورة مقطوعات شعرية في كتابه المسمى “ثاليا” أي الوليمة Banquet، ولحّن هذه المقطوعات ولقّنها لأتباعه ليعلموها للناس في صورة تراتيل.
انخدع أوسابيوس بضلال أريوس وعقد مجمعين مكانيين سنة 322 م، 323 م. تقرر فيهما: إلغاء الحرم الصادر من البابا ألكسندروس (19) ضد أريوس، وكان ذلك سببًا في رجوع أريوس إلى الإسكندرية لينفث سمومه هناك ثانيةً، فطرده البابا  ألكسندروس مرة أخرى فعاد إلى حيث كان.وأضاف: لكن بمساعدة يوسابيوس بلغ الأمر إلى الإمبراطور، الذي قام بإرسال هوسيوس أسقف أسبانيا إلى البابا ألكسندروس، وما أن وقف هوسيوس على حقيقة الأمر حتى أبلغ الإمبراطور واقترح عقد مجمع مسكوني للنظر في هذه الضلالة.وأضاف كمال: “إذا تحدثنا عن مجمع نيقية فيجب أن نذكر دور القديس البابا أثناسيوس الرسولي الذي حضر المجمع وهو شماس وكان صاحب الدور الأبرز في المجمع، انعقد المجمع بناء على دعوة الإمبراطور قسطنطين، حضره 118 أسقفًا، من بينهم البابا إلكسندروس الإسكندري يصحبه سكرتيره القديس أثناسيوس، وكان شابا صغير السن. لم يكن يسمح له كشماس أن يشترك في المناقشات، وقد قيل أن البابا سامه قسًا ليحق له الاشتراك في المناقشات، فدخل في حوار مع آريوس وأتباعه وأفحمهم بغيرته المتقدة وقدرته اللاهوتية وقوة حجته، كما وضع قانون الإيمان الذي تردده كل الكنائس اليوم. وإذ انتهى المجمع تركه يصحبه إعجاب كل الأساقفة كما تصحبه كراهية الجانب الهرطوقي الذي أثار ضده عواصف كثيرة في حياته”.
 واستكمل: “ونحن نحتفل بذكرى مرور ١٧٠٠ عام على مجمع نيقية نجد أن الكنيسة ما زلت صامدة ضد البدع والهرطقات ليس فقط من خلال الإكليروس ولكن من خلال الشعب الراعي المتمسك بكل ما تسلم من الآباء الأولين وبالفعل في كل عصر يوجد أثناسيوس يتصدي للبدع  بل نستطيع القول إن داخل كل فرد من أبناء الكنيسة يوجد أثناسيوس لذلك لا نخشى على الكنيسة ومستقبلها مهما حاول البعض جرها إلى طريق آخر”.