المسؤول التجاري وائل عبد الرحيم: مصر تسعى لتحقيق صادرات سنوية بقيمة 140 مليار دولار

في وقت تعيش فيه مصر مرحلة حاسمة من معركتها الاقتصادية لتحقيق الاستقلال الإنتاجي، تبدو الجهود الحكومية على المستويين الإقليمي والدولي لتشجيع الاستثمارات وتعزيز الصادرات بمثابة أدوات استراتيجية حيوية للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة.وتواصل الحكومة توجيه استثماراتها نحو قطاعات معينة، قادرة على تحقيق وفورات كبيرة في فاتورة الاستيراد، وتحويل التحديات المتعلقة بتكلفة الإنتاج إلى فرص تنافسية، وهو ما جعل السوق المصري محطة جذب رئيسية للمستثمرين من مختلف أنحاء آسيا والخليج.
التقت “الدستور” مع الوزير المفوض التجاري وائل عبد الرحيم في حوار خاص، تحدث فيه عن الخطط المستقبلية لمصر، وأبرز المستهدفات الاقتصادية، وكذلك عن دور المكاتب التجارية المصرية في الخارج.كما كشف عن أسباب الاهتمام الدولي المتزايد بالاستثمار في مصر، وأوضح كيف أن الصناعة، وخاصة قطاع المنسوجات، أصبحت رافعة صناعية رئيسية للاقتصاد المصري، إضافة إلى ذلك، ناقش عبد الرحيم تطور العلاقات مع الأسواق الكبرى مثل أستراليا، وكيف تغيرت معادلة تكلفة الإنتاج في مصر.
وإلى نص الحوار..
– ما أبرز القطاعات التي تستهدفها مصر لجذب الاستثمارات؟
لا تركز الدولة على دول بعينها، بل على قطاعات استراتيجية محددة، قادرة على تحقيق أهداف اقتصادية كبيرة، أهمها تقليل الاعتماد على الواردات وتوطين الصناعة، وهذه السياسة تسهم بشكل رئيسي في تخفيف الضغط على العملة الصعبة، وتوفير فرص عمل جديدة، وتلبية احتياجات السوق المحلي، بالإضافة إلى تحقيق فائض يمكن تصديره إلى الأسواق العالمية.
– ما هو العائد المتوقع من هذه السياسة؟
عبد الرحيم: نأمل في تحقيق وفر يتراوح بين 9.3 و11.3 مليار دولار سنويًا من تقليص الواردات فقط، كما أن هناك عوائد غير مباشرة، مثل زيادة فرص التشغيل، وارتفاع الإيرادات الضريبية، وتعزيز القدرات التصديرية مشيرا الي ان هدفنا النهائي هو الوصول إلى صادرات بقيمة 140 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030.
– هل هناك دول أبدت اهتمامًا بالاستثمار في مصر مؤخرًا؟
نعم، هناك اهتمام كبير من الصين، وخاصة في الاستثمار بقطاع المنسوجات، حيث زار وفد صيني مصر مؤخرًا، والتقى بوزير قطاع الأعمال ومسئولين آخرين، من المتوقع أن يزور وفد آخر من مقاطعة صينية مصر الأسبوع المقبل لاستكشاف فرص الاستثمار في الصناعات الهندسية، كما أبدت شركات من فيتنام ودول آسيوية أخرى اهتمامًا بالاستثمار الصناعي في مصر، خصوصًا في مدينة السادات.
– ما هي العوامل التي ساهمت في زيادة جاذبية السوق المصري للاستثمارات؟
أهم العوامل هي انخفاض تكلفة الإنتاج نتيجة لتراجع قيمة الجنيه، بالإضافة إلى انخفاض تكلفة العمالة والطاقة، وفقًا للتقديرات الرسمية، تكلفة الإنتاج في مصر تساوي 40% فقط من نظيرتها في المغرب، وهو ما يعد فارقًا كبيرًا ويجعل السوق المصري أكثر جذبًا للمستثمرين. علاوة على ذلك، هناك اتفاقيات تجارية تفضيلية تتيح للمستثمرين النفاذ إلى أسواق خارجية بسهولة.
– هل هناك إصلاحات تشريعية تدعم هذا التوجه؟
نعم، هناك حزمة من الإصلاحات في مجالات الجمارك، والضرائب، والتراخيص، والدولة تعمل حاليًا على توحيد الرسوم والضرائب في ضريبة موحدة، وهو ما يسهل على المستثمرين ويسهم في زيادة الشفافية والوضوح في المعاملات التجارية.
– لماذا يتم التركيز على قطاع المنسوجات والملابس؟
المنسوجات والملابس يعد من القطاعات الواعدة، خاصة في ظل البروتوكول المبرم بين مصر والولايات المتحدة بشأن المناطق الصناعية المؤهلة، الذي يسمح بالتصدير إلى الولايات المتحدة بدون جمارك، هناك اهتمام كبير من الشركات التركية والصينية للاستفادة من هذا البروتوكول وتوجيه إنتاجها من مصر إلى أمريكا وغانا.
– ما هو دور الاستثمارات الخليجية في الاقتصاد المصري؟
هناك استثمارات خليجية بالفعل في مصر، ولكن معظمها موجه للقطاعات العقارية والترفيهية، موضحًا نحن نأمل في جذب المزيد من الاستثمارات إلى القطاعات الصناعية، خاصة مع الإصلاحات المستمرة والمزايا التي تقدمها الدولة.
– لماذا تبدو العلاقة التجارية بين مصر وأستراليا محدودة؟
العلاقات التجارية بين مصر وأستراليا لا تزال ضعيفة نسبيًا، ويعود السبب في ذلك إلى نقص المعلومات المتبادلة بين دوائر الأعمال في البلدين.. لذا، نحن نركز في الوقت الحالي على تعزيز تبادل المعلومات حول الفرص الاستثمارية في مصر، ونخطط لتنظيم بعثات تجارية ووفود رسمية لتعزيز هذه العلاقات.
– كيف يمكن للمكاتب التجارية دعم هذه الجهود؟
مكاتب التمثيل التجاري تعمل بالتنسيق مع الجهات المصرية الأخرى لترويج الفرص الاستثمارية، والتحقق من جدية المستثمرين، وتوفير المعلومات المحدثة.. ونحن نعمل على زيادة فعالية هذه المكاتب في المرحلة القادمة، خاصة في ظل التوجه لإقامة مناطق لوجستية وتحسين خطوط النقل والشحن، وكذلك توفير الضمانات ضد مخاطر التصدير.
وتخوض مصر معركة اقتصادية ذكية تستهدف تحقيق التنمية المستدامة من خلال استقطاب الاستثمارات كأداة استراتيجية لتقليل التبعية الاقتصادية، ورغم التحديات الحالية، تظل المعلومات الدقيقة والتواصل الفعّال مع المستثمرين كلمة السر التي ستسهم في نجاح الجهود المصرية في المرحلة المقبلة.