لن يوافقوا على إنشاء دولة فلسطينية من دون أسلحة.

وسط الحديث عن الاحتمالات الجديدة من: احتمالية الاعتراف الأمريكى بفلسطين، أو الإدارة الأمريكية للقطاع، أو الحديث الإسرائيلى- من وقت لآخر- حول أن الحل يتلخص فى «دولة فلسطينية منزوعة السلاح» وأن هذا هو الطريق الوحيد لإتمام حل الدولتين بالشكل الذى تقبله إسرائيل.. فعذرًا هذه أوهام، وخدعة جديدة لكسب المزيد من الوقت.فى ١٤ يونيو ٢٠٠٩، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، على حل الدولتين، فى خطابه الشهير بجامعة بار إيلان، لكنه اشترط تحقيق ذلك بنزع سلاح فلسطينى قابل للتحقق، ومنذ زمن تراجع نتنياهو عن هذا الخطب، وعندما سألوه ماذا كنت تقصد حينها بدولة؟، قال: كل واحد يُعرَّف دولة حسب مفهومه! اليوم يعارض نتنياهو قيام الدولة الفلسطينية بأى شكل من الأشكال، بسلاح، أو دون سلاح، بوجود دولة، أو حكم ذاتى، أو أى شكل، لأنه فى صميم أيديولوجيته غير مؤمن بأى سيادة عربية على جزء من الأرض.وحتى لا نكون متفائلين، فإن هذه الأيديولوجية ليست لنتنياهو وحده. فى ٦ مايو ٢٠٢٥، أكد زعيم الوحدة الوطنية، بينى جانتس، أن قيام دولة فلسطينية سيقوّض أمن إسرائيل بشكل خطير. وخلص جانتس، مُحقًا، إلى أن «… كل مَن يتحدث عن دولة فلسطينية أو الانسحاب من غزة، هو ببساطة واهم».ومع ذلك، لا تزال السلطة الفلسطينية وحماس وحركات التحرير الأخرى تصر على ضرورة وجود دولة شرعية واحدة فقط فى المنطقة، وأن تكون هذه الدولة «فلسطين»، وهو أبعد ما يكون عما تريده إسرائيل.عدة أسباب تقف خلف الرفض الإسرائيلى حتى لدولة منزوعة السلاح، ليس فقط مسألة السيادة، والحقيقة أنه حتى إذا وافقت الأطراف على قيام دولة منزوعة السلاح، فهذا لا يعنى أنها ستظل منزوعة السلاح.فمن الممكن عقد الاتفاق، وقيام الدولة الفلسطينية، ووضع البنود، ولكن فى أى لحظة، وأى مرحلة، يمكن لفلسطين الانسحاب من الاتفاقيات بسبب «خرق جوهرى»، أى انتهاك من جانب إسرائيل يقوض الاتفاقية، أو أى تغيير جوهرى فى الظروف، وعند الانسحاب من الاتفاقية، سيعنى هذا إنهاء التزاماتها السابقة بالبقاء منزوعة السلاح، وفى حينه سيكون وضعها قانونيًا.هذا ليس كل شىء، فوفقًا لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات «١٩٦٩»، تعتبر أى معاهدة أو اتفاقية باطلة إذا تعارضت، وقت إبرامها، مع قاعدة «آمرة» من قواعد القانون الدولى العام. وهذا يعنى قاعدة مقبولة ومعترف بها من قِبل المجتمع الدولى للدول على أنها «لا يجوز المساس بها». ولأن حق جميع الدول ذات السيادة فى الاحتفاظ بقوات عسكرية ضرورية «للدفاع عن النفس» هو تحديدًا قاعدة أساسية فى القانون الدولى، فإن فلسطين، وفقًا لشكل سلطتها المؤسسية، قد يكون من حقها إلغاء أى ترتيبات سابقة لقبول نزع السلاح، أو الطعن فيها لاحقًا، حتى لو قبلت وقت إبرام الاتفاقية.وحسب توماس جيفرسون، الرئيس الثالث للولايات المتحدة، فإن قانون الحفاظ على الذات يطغى دائمًا على قانون الالتزام تجاه الآخرين.