من السخنة إلى الإسكندرية: خريطة نقل مبتكرة تعيد تشكيل الاقتصاد المصري

من السخنة إلى الإسكندرية: خريطة نقل مبتكرة تعيد تشكيل الاقتصاد المصري

تسير مصر بخطى واثقة نحو تحقيق حلمها الكبير بأن تصبح مركزًا إقليميًا ودوليًا للنقل والخدمات اللوجستية، من خلال مشروع ضخم أطلقته وزارة النقل، يتضمن إنشاء سبعة ممرات لوجستية متكاملة، تربط مناطق الإنتاج الحيوي في مصر، سواء كانت صناعية أو زراعية أو تعدينية، بالموانئ البحرية على البحرين الأحمر والمتوسط، مرورًا بالموانئ الجافة والمناطق اللوجستية الحديثة.

 نقلة نوعية في البنية التحتية للنقل والخدمات

المشروع، الذي يُعد واحدًا من أكبر المشروعات الاستراتيجية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية، يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في البنية التحتية، من خلال الاعتماد على شبكات السكك الحديدية المتطورة والقطارات الكهربائية، وتقليل الاعتماد على الطرق التقليدية، ما يسهم في تخفيف الازدحام وتقليل التكاليف، فضلًا عن الحد من الانبعاثات الكربونية، في إطار خطة الدولة للتحول إلى اقتصاد أخضر ومستدام.

دعم التجارة وتكامل النقل بين المدن والموانئ

وفي تصريح سابق لمسؤولي وزارة النقل، أوضحوا أن هذه الممرات تهدف إلى تحسين كفاءة النقل الداخلي والخارجي، وتعزيز تجارة الترانزيت، بالإضافة إلى ربط المدن الصناعية الجديدة والمجتمعات العمرانية بالموانئ، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تعظيم الاستفادة من الموقع الجغرافي الفريد الذي تتمتع به مصر في قلب العالم.

ممر السخنة – الإسكندرية: شريان التجارة بين البحرين

يُعتبر ممر السخنة – الإسكندرية من أبرز هذه الممرات، إذ يبدأ من ميناء السخنة على البحر الأحمر ويمر عبر ميناء العاشر من رمضان الجاف والمنطقة اللوجستية بالعاصمة، ثم يمتد إلى ميناء الإسكندرية الكبير، ويخدم هذا الممر مراكز إنتاج حيوية في القاهرة الكبرى و6 أكتوبر، ويُعزز من كفاءة تصدير المنتجات الصناعية.

 العريش – طابا: بوابة تنمية سيناء وربطها بالأسواق

أما ممر العريش – طابا، فيعد نقطة تحول لسيناء، حيث يربط بين ميناء العريش على المتوسط وميناء طابا على خليج العقبة، ويمر بمناطق لوجستية مثل الحسنة ورفح والعوجة، ويستهدف دعم الصناعات الثقيلة بوسط سيناء، ما يفتح آفاقًا تنموية جديدة للمنطقة.

 ممر طنطا – دمياط: خدمة الزراعة والصناعة في الدلتا

وفي دلتا مصر، يأتي ممر طنطا – المنصورة – دمياط ليخدم الإنتاج الزراعي والصناعي، عبر ربط هذه المناطق بميناء دمياط، مرورًا بمحطات سكك حديد استراتيجية، ويُعد هذا الممر شريانًا حيويًا لنقل المحاصيل والصناعات الدلتاوية إلى السوقين المحلي والدولي. 

 جرجوب – السلوم: تعزيز التجارة مع ليبيا

كما يُعزز ممر جرجوب – السلوم من التجارة مع ليبيا، حيث يمتد على مسافة تزيد عن 220 كيلومترًا بين ميناء جرجوب وميناء السلوم البري، ويمر بمنطقة لوجستية شرق السلوم، ليشكل معبرًا اقتصاديًا واستراتيجيًا نحو الغرب.

ممرات الجنوب: دعم الزراعة والسياحة في الصعيد

ولا تغفل الخطة صعيد مصر، إذ يغطي ممر القاهرة – أسوان – أبو سمبل مناطق حيوية مثل الفيوم وسوهاج وتوشكى وشرق العوينات، مستهدفًا خدمة مناطق الاستصلاح الزراعي ودعم السياحة الثقافية والتاريخية، فيما يربط ممر سفاجا – قنا – أبو طرطور المناطق التعدينية بميناء سفاجا، من خلال القطار الكهربائي السريع وخطوط نقل البضائع، مما يُسرّع من وتيرة تصدير الخامات والثروات المعدنية. 

 فوائد اقتصادية مباشرة: فرص عمل واستثمارات

المشروع لا يقتصر فقط على تحسين البنية التحتية، بل يسهم أيضًا في تعزيز مكانة مصر كمحور تجاري عالمي، ويخلق فرص عمل جديدة، ويجذب استثمارات ضخمة في مجالات النقل والخدمات والتخزين، كما يُسهم في رفع كفاءة سلاسل الإمداد والتوزيع محليًا ودوليًا. 

 مصر على خريطة التجارة العالمية بثقة

وبينما يشهد العالم تحولات جذرية في حركة التجارة وسلاسل الإمداد، تأتي هذه الخطوة من جانب مصر كاستجابة عملية لمتغيرات السوق، ولتضع البلاد في موقع استراتيجي مؤهل للربط بين القارات الثلاث: إفريقيا وآسيا وأوروبا.

رؤية مستقبلية شاملة لمصر كمركز عبور عالمي

ومشروع الممرات اللوجستية السبعة ليس مجرد تطوير في البنية التحتية، بل هو رؤية متكاملة لتحويل مصر إلى بوابة عبور رئيسية، وحلقة وصل في التجارة العالمية، الأمر الذي يعزز من تنافسيتها الإقليمية والدولية، ويؤسس لمستقبل اقتصادي أكثر استدامة وتنوعًا.