ترامب ينهي جولة تاريخية في الخليج بتوقيع اتفاقات بمليارات الدولارات وتحولات استراتيجية كبيرة.

أنهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الجمعة، جولته الخليجية التي استمرت أربعة أيام، وشملت كلًا من المملكة العربية السعودية وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة، في أول زيارة خارجية له منذ انطلاق ولايته الرئاسية الثانية. وقد تميزت الجولة بسلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية والدفاعية غير المسبوقة، تجاوزت قيمتها الإجمالية أربعة تريليونات دولار، وفقًا لما أعلنه البيت الأبيض.
استقبال رسمي وصفقات كبرى في السعودية
استهل ترامب زيارته من العاصمة السعودية الرياض، حيث استُقبل بمراسم رسمية رفيعة المستوى، ورافقته مقاتلات سعودية من طراز “إف-15” لدى دخوله الأجواء. وخلال الزيارة، تم توقيع ما وصفه البيت الأبيض بـ”أكبر صفقة تسليح في التاريخ”، بقيمة 142 مليار دولار، لتزويد المملكة بمعدات عسكرية أمريكية متطورة.
كما شهدت الزيارة التوقيع على اتفاقيات استثمارية بقيمة 600 مليار دولار، إضافة إلى إعلان تعاون استراتيجي واسع في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والطاقة. وخلال لقائه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أشار ترامب إلى إمكانية رفع حجم الاستثمارات السعودية في أمريكا إلى تريليون دولار.ولم تخلُ الزيارة من مؤشرات سياسية بارزة، حيث أعرب ترامب عن أمله في أن تُمهد هذه الشراكات لتقارب سعودي–إسرائيلي في المستقبل القريب.
قطر: اتفاقيات قياسية وتعاون دفاعي متجدد
في محطته الثانية، وصل الرئيس الأمريكي إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث أعلن عن مجموعة اتفاقيات تجارية وصناعية مع الحكومة القطرية، أبرزها صفقة قياسية لطائرات “بوينغ”، بلغت قيمتها أكثر من 200 مليار دولار، ضمن طلبية تشمل 160 طائرة لصالح الخطوط الجوية القطرية.كما تم الإعلان عن استثمار قطري بقيمة 10 مليارات دولار في قاعدة “العديد” الجوية، التي تُعد الأكبر للجيش الأمريكي في الشرق الأوسط.وفي مؤتمر صحفي مشترك، أشار ترامب إلى “مفاوضات جدية” مع إيران بشأن الملف النووي، مؤكدًا على سعي بلاده لتحقيق تسوية سلمية في المنطقة، كما لوّح بإمكانية استئناف العمليات العسكرية ضد الحوثيين “إذا ما خُرقت التفاهمات الأخيرة”.
الإمارات: التزام استثماري تاريخي بقيمة 1.4 تريليون دولار
اختتم ترامب جولته في الإمارات، حيث التقى رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أبوظبي، وقد تم الإعلان عن التزام إماراتي تاريخي بضخ استثمارات تُقدَّر بـ1.4 تريليون دولار في السوق الأمريكية خلال العقد المقبل.وتركزت الاتفاقيات الإماراتية–الأمريكية على مجالات الاقتصاد الرقمي، الذكاء الاصطناعي، الطاقة، والصناعات المتقدمة، بالإضافة إلى صفقة ضخمة تتعلق بتوريد أشباه الموصلات من الشركات الأمريكية الكبرى إلى الإمارات.وقال ترامب في تصريحات له من قصر الوطن: “ما تحقق في الإمارات يُشكّل تحولًا نوعيًا في علاقاتنا الاستراتيجية، هذه استثمارات ستخلق آلاف الوظائف وتفتح أبوابًا جديدة أمام التعاون التكنولوجي المتقدم”.كما زار ترامب جامع الشيخ زايد الكبير، في خطوة رمزية عبّر من خلالها عن “تقديره للتنوع الديني والثقافي في المنطقة”.
مواقف سياسية مثيرة للجدل
أثارت بعض تصريحات ترامب خلال الجولة ردود فعل دولية، لا سيما حديثه عن “أخذ قطاع غزة” وتحويله إلى “منطقة حرية”، وهو ما فُسّر بأنه يتضمن مقاربة غير تقليدية لحل الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، كما أثار جدلًا واسعًا إعلان قطر تقديم طائرة بوينغ كهدية لاستبدال الطائرة الرئاسية الأمريكية، وهو ما دافع عنه المسؤولون القطريون معتبرينه “مبادرة محبة لا تحمل أي أهداف سياسية”.
ختام الجولة.. تحالف اقتصادي جديد
جولة ترامب الخليجية، التي اتسمت بصفقات استثنائية وتحولات دبلوماسية لافتة، تشير إلى دخول واشنطن ودول الخليج مرحلة جديدة من التحالف الاستراتيجي، تُعيد رسم خريطة العلاقات الاقتصادية والأمنية في الشرق الأوسط.وفي ختام جولته، صرح ترامب: “لقد حققنا نتائج تفوق التوقعات. هذه بداية جديدة لشراكة عملاقة مع الخليج، وستكون نتائجها محسوسة لعقود مقبلة”.