لماذا لم يتم التركيز على غزة بينما تم تسليط الضوء على الجولاني؟

لماذا لم يتم التركيز على غزة بينما تم تسليط الضوء على الجولاني؟

أثناء حديثه مع السعوديين والمسئولين ورجال الأعمال المرافقين له.. لم يستطع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تجنب تأثير الصراع بين إسرائيل وحماس في المنطقة.. وتزامنًا مع وجوده في الرياض، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأنه يُطلق مرحلة جديدة أكثر ضراوة من الحرب، على الرغم من أن مسئولًا إسرائيليًا صرّح بأنها ستبدأ بعد زيارة ترامب.. وخلال تصريحاته في الرياض، أفادت التقارير، أن إسرائيل استهدفت زعيم حماس محمد السنوار في غارة على مستشفى جنوب غزة!!.. كل ما فعله ترامب، أن جدد دعوته لإنهاء الحرب، قائلًا، (إن شعب غزة يستحق مستقبلًا أفضل بكثير.. لكن هذا قد يتحقق أو لا يتحقق، طالما اختار قادتهم اختطاف وتعذيب واستهداف الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال لأغراض سياسية.. لا يوجد مكان في العالم يُعامل فيه الناس بهذا السوء في غزة).. في وقت سابق من هذا العام، وضع ترامب خطةً للولايات المتحدة (للسيطرة) على غزة، وتهجير الفلسطينيين، وتحويل هذا الجيب الممزق بالحرب إلى ما وصفه بـ (ريفييرا الشرق الأوسط)، بعد أن تُنهي إسرائيل على كامل القطاع وأهله، وتسوى منشآته بالأرض، بأسلحة وتمويل ودعم أمريكي خالص.لذلك، تجنب ترامب الخوض في المفاوضات الدبلوماسية والسياسية الأكثر حساسية، والتي تعد ضرورية لإنهاء حرب إسرائيل ضد حماس في غزة.. تجنب المأساة المستمرة في غزة، ولم يقدم أي خطط لحل دبلوماسي للحرب التي تستمر بلا نهاية في الأفق.. وأشار إلى رغبته في رؤية تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، دون الاعتراف بالعائق الرئيسي.. وفي حين أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لا تُحبّان حماس، إلا أن حرب غزة والبؤس الذي لحق بالفلسطينيين، جعلا من المستحيل على الرياض تجاهل هذه القضية.. لا يُمكنها ببساطة تجاوز غزة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.. ولا شك، أن ترامب كان يعتقد أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، الذي تم الاتفاق عليه قبل تنصيبه مباشرة سوف يستمر، وقد وعد بذلك خلال الحملة الانتخابية الأمريكية.. ولكن بعد أن انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار من جانب واحد في شهر مارس الماضي، وتعهدت بمواصلة قصفها العشوائي على غزة، فقد بات واضحًا أن القضية الفلسطينية لا يمكن حلها بسهولة أو تجاهلها، في حين يجب أن يتم التعامل مع التطلعات الفلسطينية إلى إقامة الدولة، باعتبارها خطوة لا غنى عنها نحو السلام الدائم والاستقرار الإقليمي.. وكان من اللافت للنظر، أن ترامب لم يتوقف في إسرائيل قبل وصوله إلى دول الخليج الثلاث.. يقول دبلوماسي إسرائيلي سابق، إن ذلك مؤشر على فقدان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نفوذه لدى ترامب، ولا يوجد لدى نتنياهو أي شيء يريده ترامب أو يحتاجه أو يستطيع أن يقدمه له، على عكس السعوديين أو القطريين أو الإماراتيين على سبيل المثال.وبعيدًا عن ما أثمرته زيارة ترامب إلى دول الخليج من صفقات ضخمة بمليارات الدولارات، إذ وُقّعت مع السعودية وحدها صفقات تجاوزت قيمتها تريليون دولار أمريكي، مع أن القيمة الإجمالية الحقيقية قد تكون أقل بكثير.. كما طلبت قطر شراء 210 طائرات بوينج، في صفقة بلغت قيمتها 96 مليار دولار أمريكي.. ولا شك أن ترامب سيُصوّر هذه الصفقات على أنها نجاحٌ كبيرٌ للصناعة الأمريكية.. إلا أن الرحلة ساهمت أيضًا في تبديد المخاوف بشأن انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط.. فعلى مدى أكثر من عقد، رأت النخب المحلية أن اهتمام واشنطن يبتعد عن المنطقة.. وكانت هذه الرحلة بمثابة تأكيد على أهمية الشرق الأوسط، وخصوصًا منطقة الخليج، في السياسة الخارجية الأمريكية.. وهذه إشارة مهمة تُوجَّه إلى قادة الشرق الأوسط، الذين يواجهون تضارب مصالح من الصين، وبدرجة أقل، من روسيا.ومن الناحية السياسية، كان رفع ترامب للعقوبات عن سوريا، ولقاءه مع الإرهابي السابق ـ بتوصيف واشنطن ـ والرئيس الحالي أحمد الشرع، حدثًا بالغ الأهمية، رمزيًا وعمليًا.. فحتى وقت قريب، كان الشرع مدرجًا على قائمة الإرهاب لدى الولايات المتحدة، ورصدت مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار أمريكي، لمن يدلي بمعلومات عنه.. ولكن عندما أطاحت قواته بالرئيس السوري السابق، بشار الأسد، من السلطة في ديسمبر الماضي، لاقى ترحيبًا حذرًا من كثيرين في المجتمع الدولي.. وكانت الولايات المتحدة لقد استثمرت موارد كبيرة في إزالة الأسد من السلطة، لذا فإن سقوطه كان سببًا للاحتفال، حتى لو جاء على أيدي قوى اعتبرتها الولايات المتحدة إرهابية.. هذا التحول السريع مُذهل.. عمليًا، يُتيح رفع العقوبات عن سوريا فرصًا للاستثمار الأجنبي في إعادة إعمار البلاد بعد حرب أهلية طويلة.. كما أنها توفر فرصة للمملكة العربية السعودية وقطر، وكذلك تركيا، لتوسيع نفوذها في سوريا على حساب إيران.. وبالنسبة لزعيم يصور نفسه كصانع صفقات ـ ترامب ـ يمكن اعتبار كل هذه نتائج ناجحة، لرحلة استغرقت ثلاثة أيام.●●●لقد تناول الرئيس ترامب الشاي مع إرهابي سابق، كانت الولايات المتحدة رصدت حتى وقت قريب مكافأة لمن يدلي بمعلومات عنه.. التقى ترامب في الرياض بالرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، المعروف سابقًا باسم أبو محمد الجولاني، بعد ستة أشهر من قيادته حملة سريعة أطاحت بنظام الأسد، الذي استمر نصف قرن من الزمان، وطردت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، حزب الله اللبناني، وأعلن نفسه زعيمًا للبلاد، وهو المُدرج على قائمة الولايات المتحدة للإرهابيين العالميين المُصنّفين خصيصًا عام ٢٠١٣، لقيادته فرع تنظيم القاعدة في سوريا، المعروف باسم (جبهة النصرة)، وتدبيره المزعوم لتفجيرات انتحارية في أنحاء سوريا.. وقد قضى الإرهابي السابق، المولود في السعودية، سنوات في قتال القوات الأمريكية في العراق، قبل أن ينتقل إلى سوريا لقيادة تمرد إسلامي مسلح، أطاح ببشار الأسد.. وقد ووصفت سوريا اللقاء بأنه (تاريخي)، وهو الأول بين رئيس أمريكي ورئيس سوري منذ خمسة وعشرين عامًا، وجاء خلال جولة ترامب في الشرق الأوسط، وهي أول جولة زيارات دولة له خلال ولايته الثانية.. وظهر الرئيسان مبتسمين في صور نشرها البيت الأبيض ووزارة الخارجية السعودية.. وأكدت وزارة الخارجية السورية، أن ترامب ملتزم (بالوقوف إلى جانب سوريا في هذه المرحلة الحرجة).في اليوم السابق، أعلن ترامب رفع العقوبات المفروضة منذ عقود على سوريا، وهي الخطوة التي أثارت تصفيقًا حارا من جمهور الحضور في الرياض لمدة أربعين ثانية، بما في ذلك تصفيق حار من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الذي وقف مُنتصبًا لتحية قرار ترامب، الذي أكد بدوره، أنه قرار جاء بناءً على طلب ولي العهد السعودي.. قال ترامب للحضور، (يا له من إنجاز أقدّمه لولي العهد)، مُشيدًا بالأمير محمد، لقيادته جهود رفع ما وصفه الرئيس بـ (العقوبات القاسية والمُعيقة)، على دولة مُصنّفة من قِبَل الولايات المتحدة كدولة راعية للإرهاب، منذ ديسمبر 1979.. وقد حرصت دول الخليج على الاستثمار في سوريا ودعم اقتصادها، لكنها توخّت الحذر من انتهاك العقوبات الأمريكية.. ومن المرجح أن تُزيل خطوة ترامب هذه العوائق، مما يُمهّد الطريق لاستثمارات محتملة بمليارات الدولارات.. وخلال الاجتماع، اقترح ترامب أن يتخذ الشرع سلسلة من الإجراءات، بما في ذلك التطبيع مع إسرائيل، وطرد (الإرهابيين) الأجانب و(الفلسطينيين)، ومساعدة الولايات المتحدة في منع عودة ظهور تنظيم داعش.صحيح أن إخراج سوريا من عزلتها، يمنح شريان حياة للنظام الناشئ في البلاد ورئيسه، الذي تعهد في مقابلة مع شبكة CNN العام الماضي، بأن المعارضة المسلحة في سوريا تخطط في نهاية المطاف، لتشكيل حكومة تحددها المؤسسات ومجلس يختاره الشعب.. لكنه يمثل أيضًا فرصة لدول الخليج العربية وتركيا، التي دفعت أيضًا إلى رفع العقوبات، لتوسيع نفوذها في سوريا والاستفادة منه بعد عقود من إبعادها عن البلاد.. قالت ناتاشا هول، من برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، (أعتقد أن قيام ترامب بذلك علنًا ومن الرياض، يُمثل نوعًا من الموافقة الضمنية لأولئك الذين يتطلعون إلى الاستثمار في سوريا أيضًا.. وهذا يعني أنه يمنح محمد بن سلمان انتصارات).. ومع أن الألعاب النارية أضاءت سماء بعض أكبر المدن السورية بعد إعلان ترامب رفع العقوبات، ونُصبت لوحات إعلانية تشكر ترامب والأمير محمد.. إلا أن التفاؤل ليس شاملًا.. فرفع العقوبات ـ في نظر بعض السوريين ـ سيُسهم إسهامًا كبيرًا في إضفاء الشرعية على نظام الشرع الجديد، ويشعر البعض في سوريا بالقلق إزاء معاملة الجهاديين السابقين للأقليات.. يقول مواطن سوري، (نحن سعداء بذلك.. الحمد لله.. بعد كل هذه السنوات، يمكن للاقتصاد أن يتعافى.. الأسعار مرتفعة جدًا، والمنتجات غير متوفرة، لذا، إن شاء الله، ستكون هذه بداية تحسن اقتصادي في البلاد..لكن لا ينبغي أن يُفهم رفع العقوبات على أنه موافقة ضمنية من النظام دون محاسبة المتورطين في قتل الأقليات).. وقال أيضًا، (نواجه عددًا من الجماعات المتطرفة التي تُقيّد الحريات.. إذا شوهد شاب وفتاة معًا في مكان عام، فقد يُعتقل الرجل ويختفي.. ويُضرب الرجال لارتدائهم السراويل القصيرة.. إنه انتهاك صارخ للحريات الشخصية)، وفي مارس الماضي، نفّذ مسلحون موالون للنظام السوري الجديد إعدامات ميدانية، وتحدثوا عن تطهير البلاد، بعد أن تحوّلت حملة قمع ضد فلول نظام الأسد السابق إلى مجازر طائفية ضد الأقلية العلوية.. وذكرت الأمم المتحدة آنذاك، أن عائلات بأكملها، بما في ذلك نساء وأطفال، قُتلت خلال أعمال العنف.على مدى عقود من الزمن، ظلت دول الخليج العربية خارج التدخل في سوريا، مع سعي منافستها إيران إلى توسيع نفوذها في البلاد، من خلال تحالفها مع نظام الأسد.. أدت الحرب الأهلية السورية التي استمرت عقدًا من الزمن، إلى توتر شديد في العلاقات بين دمشق ومعظم الدول العربية، مما أدى في النهاية إلى طرد سوريا من جامعة الدول العربية.. وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، بدأت دول الخليج في رأب الصدع مع نظام الأسد، وقادت جهود إعادة تأهيله حتى أُطيح به فجأةً من السلطة في ديسمبر.. منذ ذلك الحين، ضاعفت المملكة العربية السعودية وقطر جهودهما لإعادة دمج النظام الجديد في المجتمع الدولي.. وقد أعلن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، أن الرياض ستكون في طليعة جهود إنعاش الاقتصاد السوري.. وقد تُمكّنها جهودها من أن تصبح لاعبًا مؤثرًا في البلاد، وأن تُوسّع نفوذها هناك لأول مرة، (سوريا لن تكون وحيدة. السعودية.. ستكون في طليعة الداعمين لتلك الصحوة الاقتصادية.. سوريا بحاجة إلى دفعة، وستتلقى هذه الدفعة من أشقائها في المنطقة).. المملكة العربية السعودية لديها (مصالح جيوستراتيجية في الشرق الأوسط)، يمكن تحقيقها من خلال دعم النظام السوري الحالي، (تريد المملكة العربية السعودية أن تكون سوريا مستقرة، وهي تدرك أن الطريقة الوحيدة للوصول إلى سوريا مستقرة، هي من خلال تزويد الإدارة الحالية بالموارد الاقتصادية والأدوات اللازمة، لتحقيق ما يسمى بالنصر).ورغم رغبة في اعتراف السعودية بإسرائيل، فإنه لم يتحقق أي تطبيع خلال زيارته للرياض.. بل صرّح بأنه سيقيم علاقات مع الشرع، في خطوةٍ تحدت إسرائيل التي قصفت سوريا مرارًا وتكرارًا، واستولت على المزيد من أراضيها منذ سقوط الأسد.. وقد طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من ترامب عندما التقى به في واشنطن في أبريل الماضي، عدم رفع العقوبات عن سوريا، قائلًا، إنه يخشى أن يؤدي ذلك إلى تكرار أحداث السابع من أكتوبر 2023، عندما هاجم مسلحو حماس إسرائيل.. واتخذ نتنياهو موقفًا عدائيًا تجاه الشرع وحكومته الجديدة.. في الأيام التي تلت الإطاحة بالأسد، أمر بشن هجوم بري غير مسبوق في سوريا، مما دفع القوات الإسرائيلية إلى عمق أكبر في البلاد، وأدى إلى قلب تفاهم ضمني استمر خمسين عامًا بين إسرائيل وآل الأسد.. سرعان ما تخلى التصعيد عن تعهد نتنياهو الأولي بممارسة (حسن الجوار) تجاه سوريا الجديدة.. استهدفت مئات الغارات الجوية بقايا أسلحة الأسد، وخصوصًا أسلحته الكيميائية، لمنعها من الوقوع في أيدي الجماعات المسلحة، واستولت القوات الإسرائيلية على جبل الشيخ، أعلى قمة في سوريا، وموقع استراتيجي حيوي يطل على إسرائيل ولبنان وسوريا.. وقال نتنياهو، (لقد أسقطنا نظام الأسد، الذي كان يستخدم في الأساس كحلقة وصل برية بين إيران وحزب الله في لبنان).. إلا أن ترامب، بعد لقائه بالشرع، أشاد به بشدة، واصفًا إياه بأنه (شاب رائع وجذاب)، وله (ماضٍ قوي للغاية) و(مقاتل).. وأضاف، أن الرئيس السوري الجديد (لديه فرصة حقيقية لتوحيد صفوفه)!!.. وكان ترامب أكثر تفاؤلًا، وقال، (حان وقت تألقهم.. بالتوفيق يا سوريا.. أظهروا شيئًا مميزًا جدًا).●●●نعود إلى القول، بأنه في ظل التصعيد على غزة وخطط إسرائيل لعملية عسكرية واسعة بالقطاع، فقد كان واضحًا تحفظ السعوديين تجاه مناقشة ملف التطبيع مع إسرائيل.. وتحدثت صحيفة (نيزافيسيمايا جازيتا) الروسية عن أن (قضية قطاع غزة لم تكن مدرجة على جدول أعمال أول زيارة خارجية لترامب إلى السعودية)، بل إن (واشنطن والرياض والعواصم الخليجية الأخرى ركزت على قضايا العلاقات الثنائية والبرنامج النووي الإيراني).. لأن (بعض الدبلوماسيين العرب رأوا أن استعداد إسرائيل لعملية عسكرية واسعة في غزة، ألقي بظلاله على جولة الرئيس الأمريكي.. ولهذا السبب طلبت السعودية من الولايات المتحدة، عدم التطرق إلى ملف التطبيع مع إسرائيل خلال القمة).. وتأكيدا على ذلك، أفادت مصادر لموقع (أكسيوس) الأمريكي شاركت في التحضير للزيارة، بأن (قضية غزة لن تكون من أولويات جولة ترامب).. وبدلا من التطرق إلى المواضيع الحساسة المتعلقة بإسرائيل، ناقش ترامب العلاقات الثنائية والاستثمارات، (الرياض طلبت من واشنطن التركيز خلال القمة على ثلاثة محاور فقط؛ الصفقات العسكرية ـ التقنية، ومصير البرنامج النووي الإيراني، والتعاون الاقتصادي، دون إدخال أي مواضيع إضافية).وجدير بالإشارة هنا، أن (ترامب، خلال ولايته الرئاسية الأولى، اختار السعودية أيضًا لتكون أولى محطاته الخارجية، لكن الشرق الأوسط حينها كان مختلفًا تمامًا.. إذ غيرت الحرب في قطاع غزة ملامح المنطقة، ومازالت المعارك المستمرة تثير قلق العالم العربي).. حتى أن أحد المصادر، أكد أن (زيارة ترامب إلى المنطقة في ظل الحرب على غزة، تُقابَل بتقييم سلبي للغاية)، وعلل ذلك بأنه (كان قد أثار الكثير من الضجيج بإصراره على وقف إطلاق النار قبل تنصيبه ونجح في ذلك، لكن بعد ثلاثة أشهر من الاتفاق، ساء الوضع في غزة بشكل أكبر)، خصوصًا بعد إلقاء الضوء على أن (الحكومة الإسرائيلية وافقت على خطة العملية الهجومية المسماة عربات جدعون)، التي تهدف إلى تصعيد الضغط العسكري على حماس.. وتخطط إسرائيل لتنفيذ هذه العملية بعد انتهاء زيارة ترامب إلى المنطقة، وتشمل احتلالًا تدريجيًا لغزة لفترة غير محددة، ودفع المدنيين نحو منطقة واحدة جنوب القطاع.. علاوة على ذلك، فإن (قنوات إيصال المساعدات للفلسطينيين ستُراجع بشكل كبير وتُقيد، وذلك لتحفيز التهجير على الأرجح.. وهو ما سبق أن اقترحه رئيس الولايات المتحدة، ترامب)، الذي كان يفترض في البداية، أن دول الخليج ستقوم بتمويل خطة إعادة توطين سكان غزة، وإعادة إعمار القطاع بالكامل، تمهيدًا لتحويله إلى منطقة سياحية!!.ومع أن قيادة حركة حماس أعلنت أن (توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية سيعرض حياة الأسرى للخطر)، مع تقديرات بوحود (أكثر من عشرين شخصًا مازالوا محتجزين لدى الحركة، ويُعتقد أنهم لا يزالون على قيد الحياة)، إلا أنه يبدو أن (موافقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على خطط توسيع العملية البرية في غزة، تمثل قرارًا واضحًا بالتضحية بالأسرى الموجودين في القطاع).. وطالبت حماس الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بـ (اتخاذ إجراءات فورية لوقف تصرفات القيادة الإسرائيلية، ومحاسبتها على الأعمال العسكرية).. إلا أنه، ونقلا عن مصادر موقع (أكسيوس)، فإن (ترامب قرر التخلي حاليًا عن لعب دور نشط في ملف غزة، رغم محاولات سابقة للوساطة بين إسرائيل وحماس).. وخلال فعالية أُقيمت في سفارة إسرائيل بواشنطن بمناسبة الذكرى السابعة والسبعين، لما سمي بـ (إقامة الدولة العبرية) أي نكبة 48، صرح المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، بأن هناك (جهودًا كبيرة تُبذل حاليًا لتوسيع اتفاقيات إبراهام.. سيكون هناك عدد معين، وربما كبير، من الإعلانات قريبًا جدًا.. ونأمل أن يسهم ذلك في تحقيق تقدم كبير بحلول عام 2026.. وبالفعل، بدأت البشائر تلوح!!.●●●في الأيام الأخيرة.. أجرت إسرائيل محادثات سرية مع مسئولين سوريين، بما في ذلك إمكانية انضمام النظام السوري الجديد إلى اتفاقيات إبراهام، بعد يوم من دعوة الرئيس ترامب للرئيس السوري، أحمد الشرع، للانضمام إلى الاتفاقيات وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.. وأفادت القناة الثانية عشر الإسرائيلية، أن الإمارات العربية المتحدة تتوسط في المحادثات، مشيرةً أيضًا إلى تحركات إقليمية أوسع نطاقًا غير محددة تقودها الإمارات.. في المقابل، أفاد تقرير لصحيفة (هآرتس)، أن قطر تتوسط في المحادثات، وأنها مستمرة منذ أشهر.. وأكد الشرع الأسبوع الماضي، أن محادثات تتعلق بالأمن تجري عبر وسطاء، رغم أنه لم يعلق على العلاقات الدبلوماسية المحتملة.. فيما عُقد اجتماع مؤخرًا في أذربيجان، حيث مثّل إسرائيل رئيس مديرية عمليات الجيش الإسرائيلي، اللواء عوديد باسيوك، الذي اجتمع مع ممثلين عن الحكومة السورية الجديدة، بحضور ممثلين أتراك أيضًا.. وقد صرح ترامب لاحقًا، أن الشرع يدعم هذه الخطوة.. وقال للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، (قلتُ للشرع: آمل أن تنضموا إلى اتفاقيات إبراهام، حالما تُصححون أوضاعكم، وقد وافق.. لكن أمامهم الكثير من العمل).وتنظر إسرائيل بإيجابية إلى رفع ترامب للعقوبات عن سوريا، وإن كانت تحافظ على مستوى عال من الحذر، ولا تستبعد إمكانية التأثير على تشكيل الحدود الشمالية والعلاقات المستقبلية بين البلدين.. وأشار تقرير القناة الثانية عشر الإسرائيلية، إلى أن وجهات نظر إسرائيل الأخيرة بشأن سوريا تتناقض مع موقفها السابق، الذي كان يرفض احتمال التفاعل البناء مع الشرع، وهو زعيم سابق في فرع القاعدة المحلي في سوريا، والذي صنفته إسرائيل على أنه إرهابي.. والآن، زعمت القناة الثانية عشر، أن إسرائيل ترى إمكانية خروج سوريا مما يُسمى محور الشر الذي تُشرف عليه إيران، بل وخضوعها للرعاية الأمريكية.. بل إنها ترى في هذا التقدم المُحتمل تحولًا إيجابيًا في العلاقات الإسرائيلية التركية.كانت إسرائيل قد حذرت من الاعتراف السريع بالحكومة الجديدة في سوريا، معربة عن تشككها العميق بشأن الشرع ـ الذي كانت الولايات المتحدة حتى وقت قريب ترصد مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه ـ بعد أن أطاح تحالف المتمردين الذي يقوده الإسلاميون بنظام الأسد في ديسمبر الماضي.. وذكرت وكالة رويترز في فبراير الماضي، أن إسرائيل، التي تعهدت بحماية الدروز السوريين الذين يقيم أتباع دينهم في مختلف أنحاء شمال إسرائيل، ضغطت على الولايات المتحدة لإبقاء سوريا لامركزية ومعزولة.. بينما استمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا منذ الإطاحة بالأسد، حيث قصفت إسرائيل ما تقول إنها أهداف عسكرية مرتبطة بالنظام السابق في جميع أنحاء البلاد، كما تتمركز قوات برية حاليًا في عدد من المواقع المتقدمة بالقرب من الحدود مع مرتفعات الجولان.●●●بعد ساعات من إقلاع طائرة ترامب من أبو ظبي للعودة إلى واشنطن، بعد ظهر أمس الجمعة، أصدر الجيش الإسرائيلي بيانًا قال فيه، إنه (يشن ضربات مكثفة ويحشد القوات، لتحقيق السيطرة العملياتية في مناطق من قطاع غزة، كجزء من الاستعدادات لتوسيع العمليات وتحقيق أهداف الحرب.. لكن حتى منتصف ليل الجمعة، لم يعلن نتنياهو رسميًا عن الهجوم البري الشامل، والذي فسره بعض المحللين على أنه علامة على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ربما يدرس خياراته، (لا يزال هناك احتمال أن يكون هناك نوع من الصفقة الضيقة، ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية عالقة بعض الشيء فيما يتعلق بما تريد القيام به)، قال مايكل كوبلو، كبير مسئولي السياسات في منتدى السياسة الإسرائيلية، (إذا كنت الحكومة الإسرائيلية، فلن أكون متأكدًا تمامًا في هذه المرحلة مما ترغب الولايات المتحدة في دعمه، وأعتقد أن هذا يجب أن يعطي الإسرائيلي بعض الحذر فيما يتعلق بشن عملية ضخمة).وعندما سُئل عن غزة يوم الجمعة، قدم ترامب إشارات متباينة.. وقال للصحفيين في أبو ظبي، إن هناك (الكثير من الأشياء السيئة التي تحدث داخل القطاع)، لكنه وعد بأن الأمر سيتغير قريبًا، (نحن ننظر إلى غزة، وعلينا أن نعتني بذلك.. الكثير من الناس يتضورون جوعًا)..  ويبدو أن الحملة الجوية الإسرائيلية ـ التي رفعت عدد القتلى في غزة هذا الأسبوع إلى ما يقرب من ثلاثمائة شهيد ـ تُنذر بما يلوح في الأفق منذ الرابع من مايو الماضي: عملية برية جديدة ضخمة، تعهد رئيس الوزراء، بشنها لاحتلال المنطقة، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، بحلول الوقت الذي اختتم فيه ترامب جولته في الشرق الأوسط.وتزايد الترقب بشكل مطرد في الأسابيع الأخيرة، بأن وجود ترامب في المنطقة يمكن أن يفرض اختراقًا.. ومع وصول ترامب إلى الرياض يوم الإثنين، قالت حماس إنها ستطلق سراح إيدان ألكسندر، وهو مواطن إسرائيلي ـ أمريكي مزدوج الجنسية، خدم في الجيش الإسرائيلي، كبادرة حسن نية تجاه ترامب، لكن الآمال في التوصل إلى اتفاق متواضع على غرار ما اقترحه المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف ـ والذي من شأنه أن يشهد إطلاق سراح ما يقرب من عشرة رهائن لهدنة لمدة شهر على الأقل ـ تضاءلت مع مرور الأسبوع.. وقد زار نتنياهو جنود الاحتياط الجرحى، ليلة الإثنين الماضي، وتعهد بمواصلة الحرب والعودة إلى غزة، حتى لو توصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار مع حماس، (في الأيام المقبلة، سندخل بكامل قوتنا لإكمال العملية)، قال نتنياهو، وفقا لمقطع فيديو نشره مكتبه.. (ربما تقول حماس: انتظروا، نريد إطلاق سراح عشرة رهائن آخرين.. حسنًا، أحضرةهم.. سنأخذهم.. وبعد ذلك سندخل.. لكن لن يكون هناك موقف نوقف فيه الحرب.. نحن نسير على طول الطريق)!!.. قال نتنياهو ذلك، في الوقت الذي أكد شهود العيان، أن الدبابات الإسرائيلية كانت تُحشد في نقطة انطلاق على طول حدود غزة يوم الخميس الماضي.وبصرف النظر عن مسألة تجديد الحملة البرية، لم يضع المسئولون الإسرائيليون والأمريكيون اللمسات الأخيرة على خطة لتوزيع المواد الغذائية على الفلسطينيين في قطاع غزة، على الرغم من الحصار الإسرائيلي على تدفق المساعدات لأكثر من سبعين يومًا.. وعلى الرغم من أن حكومة نتنياهو طلبت توزيع المواد الغذائية، بمساعدة متعاقدين أمريكيين من القطاع الخاص، لفحص المستفيدين المدنيين في المناطق المحمية، إلا أن العديد من المنظمات الإنسانية شككت في جدوى الخطة.، ويوم الأربعاء، أصدرت مؤسسة غزة الإنسانية، المتعاقد الأمريكي لتنفيذ المشروع، بيانًا تطالب فيه الحكومة الإسرائيلية استئناف المساعدات، حتى تتمكن المؤسسة من بدء عملياتها وتخفيف بعض المطالب.لقد أنهت الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة، في وقت مبكر من أمس الجمعة، أحد أكثر الأسابيع دموية في غزة منذ استئناف القتال في الثامن عشر من مارس.. قتلت الغارات الإسرائيلية أكثر من مائة شخص يوم الخميس، وأكثر من سبعين يوم الأربعاء، وقصفت إسرائيل يوم الثلاثاء مستشفيين، من بينهما مجمع المستشفى الأوروبي جنوب غزة، فيما قال مسئولون إسرائيليون، إنها محاولة لقتل القائد العسكري لحماس، محمد السنوار، الذي يواصل ممارسة نفوذ كبير على مفاوضات الرهائن ووقف إطلاق النار، ويُعتقد أنه مُختبئ أسفل المستشفى!!.. في أحد أركان السياسة الإسرائيلية، كان رد الفعل على إراقة الدماء مختلفًا تمامًا.. في برنامج حواري شهير في وقت الذروة ليلة الجمعة، أذهل تسفي سوكوت، النائب عن حزب الصهيونية الدينية الهامشي ـ الذي يتمتع بنفوذ كبير في حكومة نتنياه ـ المحاور عندما تحدث بازدراء عن حجم القتل.. قال سوكوت، (الليلة الماضية قُتِل ما يقرب من مائة من سكان غزة، لكن لا أحد يهتم.. لقد اعتاد الجميع على فكرة أنه يمكنك قتل مائة من سكان غزة في ليلة واحدة في الحرب، ولا أحد في العالم يهتم)!!.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.