حسين عبدالبصير: افتتاح المتحف المصري الكبير علامة فارقة في تاريخ الحضارة البشرية (خاص)

تتأهب الدولة المصرية خلال الأسابيع القادمة لافتتاح المتحف المصري الكبير، والمقرر له الثالث من يوليو المقبل، وحول ما يمثله هذا الحدث العالمي، قال د. حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: نحن أمام حدث تاريخي بكل المقاييس.
افتتاح المتحف المصري الكبير لحظة مفصلية في تاريخ الحضارة الإنسانية
وأوضح في تصريحات خاصة لـ”الدستور”، أن افتتاح المتحف المصري الكبير يُمثل لحظة فارقة في مسيرة مصر الحضارية، فهو ليس مجرد صرح ثقافي جديد، بل مشروع وطني عالمي يعيد تقديم الحضارة المصرية القديمة بصورة تليق بعظمتها أمام العالم، فهذا المتحف هو الأكبر في العالم المخصص لحضارة واحدة فقط، وهو الحضارة المصرية القديمة، وسيُعرض فيه أكثر من مئة ألف قطعة أثرية، من بينها المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون لأول مرة في التاريخ. الموقع ذاته، بجوار الأهرامات، يجعل من المتحف جزءًا من مشهد بصري وسياحي لا مثيل له، يجمع بين الماضي العريق والحاضر المتطور.
وحول أثر افتتاح المتحف المصري الكبير على حركة وقطاع السياحة في مصر، قال: افتتاح المتحف هو دفعة قوية للغاية لقطاع السياحة المصري. فبجانب قيمته التاريخية، هو مشروع اقتصادي وسياحي بامتياز. المتحف سيساهم في إطالة فترة إقامة السائح في مصر، وسيدفع بملايين من محبي التاريخ والثقافة إلى زيارة القاهرة والجيزة. كما أنه سيكون عنصر جذب جديد للسياحة العائلية، والتعليمية، والثقافية، مما يعزز من تنوع السوق السياحي المصري ويُوسع من شرائحه المستهدفة.
وتابع، أن المتحف سيكون مركزًا سياحيًا متكاملًا، ليس فقط بمحتواه، بل بما يوفره من خدمات، ومرافق، ومناطق ترفيهية، ومحلات تجارية، وقاعات مؤتمرات. قربه من الأهرامات، وربطه بشبكة النقل الحديثة مثل المونوريل والقطار الكهربائي، سيخلق ما يُعرف بـ”الحلقة الذهبية للسياحة الثقافية في مصر”. كما سيوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وسيدفع الاستثمار في قطاع السياحة للأمام، خاصة في منطقتي الجيزة وأكتوبر.
المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم
وعن دور المتحف المصري الكبير العلمي والبحثي في مجال المتاحف وعلم المصريات، لفت “عبدالبصير” إلى أنه لأول مرة، يكون لدينا في مصر متحف يجمع بين العرض المتحفي المتطور والدور البحثي الحقيقي. المتحف يضم مركزًا علميًا هو الأضخم في الشرق الأوسط، به معامل متخصصة في ترميم الآثار، وتحليل المواد، والبحث العلمي، وفقًا لأحدث المعايير الدولية. كما يحتوي على مكتبة علمية ضخمة، وقاعات للمؤتمرات وورش العمل، ما يجعله منصة عالمية للبحث والتبادل الأكاديمي. وهذا الدور العلمي يرسخ لمكانة مصر ليس فقط كبلد آثار، بل كمركز علمي دولي في علم المصريات.
المتحف يفتح صفحة جديدة في علم المصريات. أولًا، من خلال العرض المتكامل لمجموعة توت عنخ آمون، سنتمكن من دراسة حياة هذا الملك الشاب بطريقة غير مسبوقة. ثانيًا، استخدام التكنولوجيا التفاعلية في الشرح والعرض سيُحدث نقلة نوعية في أساليب تعليم وتوثيق التاريخ المصري. ثالثًا، المتحف سيساهم في اكتشافات جديدة ليس في الحفريات فقط، بل في تحليل القطع الأثرية ذاتها، ما قد يُغير من فهمنا لبعض جوانب الحضارة المصرية. المتحف سيجعل من القاهرة مركزًا أكاديميًا عالميًا يجتذب العلماء والباحثين من كل مكان.
المتحف المصري الكبير هو هدية مصر للعالم، ورسالة واضحة تقول إن مصر، مهد الحضارة، ما زالت قادرة على الإبداع والقيادة الثقافية. هو جسر يصل بين الماضي العريق والمستقبل المشرق، ويُعيد للعالم ذاكرته الحضارية من قلب مصر.