الموقف الثابت: خبراء عرب لـ«الدستور»: كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية الأكثر تأثيرًا ووضوحًا وتأثيرها كبير على أزمات المنطقة.

الموقف الثابت: خبراء عرب لـ«الدستور»: كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية الأكثر تأثيرًا ووضوحًا وتأثيرها كبير على أزمات المنطقة.

أشاد خبراء وسياسيون عرب بكلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة العربية الـ٣٤ التى عُقدت فى العاصمة العراقية بغداد، أمس الأول، واصفين إياها بالقوية والحاسمة، خاصة مع تركيزها على معالجة قضايا وأزمات الدول العربية، فضلًا عن كونها الكلمة الأكثر وضوحًا وإصرارًا فيما يتعلق بضرورة التعاون والتضامن العربى لإنهاء ما تعانيه المنطقة من أزمات.
وشدد الخبراء والسياسيون العرب، فى تصريحات لـ«الدستور»، على أن مشاركة الرئيس السيسى وخطابه جسّدا أبعادًا سياسية واستراتيجية عميقة، تعكس التزام مصر القوى تجاه القضايا العربية والعمل العربى المشترك، مشيدين بحرصه على المشاركة بنفسه فى القمة، التى شهدت تمثيلًا ضعيفًا من قادة الدول الأعضاء، خاصة مع دقة الظرف الذى تمر به المنطقة العربية فى الوقت الحالى.
العراق كلمة الدولة المصرية تعكس الالتزام تجاه القضايا العربية وعلى رأسها فلسطين
قال الدكتور إحسان الشمرى، رئيس مركز التفكير السياسى فى العراق، إن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة العربية بالعاصمة بغداد، حملت أبعادًا سياسية واستراتيجية عميقة، وتعكس التزامًا مصريًا واضحًا تجاه القضايا العربية والعمل العربى المشترك.
وأضاف «الشمرى»: «حضور الرئيس السيسى يمثل رسالة بالغة الأهمية على عدة مستويات، فهو يعبر أولًا عن التزام مصر بالبُعد القومى العربى والدور المحورى للجامعة العربية، إلى جانب تجسيد إيمان راسخ بضرورة تعزيز التضامن والتكامل العربى، خاصة فى ظل التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة».
وواصل السياسى العراقى: «هذا الحضور يعكس طبيعة العلاقة المتقدمة بين القاهرة وبغداد، ويشير إلى الأهمية المتزايدة التى يحظى بها العراق لدى صانع القرار المصرى، وفى مقدمتهم الرئيس عبدالفتاح السيسى، ما يجعل من مشاركته نقطة بارزة فى مشهد القمة».
وأكمل: «الرئيس السيسى حرص على تأكيد تمسكه بحقوق الشعب الفلسطينى، ورفضه القاطع عمليات التهجير القسرى، وقدّم رؤية متوازنة تمزج بين المبادرة العربية للسلام والمبادرات الدولية، مع دعوة صريحة للإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على غزة، ما يعكس فهمًا عميقًا وتشخيصًا دقيقًا لتطورات المشهد الإقليمى».
وتابع: «القمة شهدت تراجعًا ملحوظًا فى مستوى التمثيل الرسمى لعدد من الدول، لكن حضور الرئيس السيسى أسهم فى تعزيز ثقل الحدث، ووفّر دعمًا معنويًا وسياسيًا لجهود دعم العمل العربى المشترك، وأضفى على (إعلان بغداد) مزيدًا من الزخم والاهتمام».
واختتم «الشمرى» بقوله: «حضور السيسى لم يكن بروتوكوليًا فقط، بل رسالة سياسية بامتياز، تؤكد أن مصر لا تزال فى قلب المعادلة العربية، وتحرص على صياغة موقف موحد لمواجهة التحديات المشتركة».
وأكد واثق الجابرى، الباحث السياسى العراقى، أن حضور الرئيس السيسى يعد أبرز الملامح السياسية للقمة العربية فى بغداد، خاصة أن مصر، بما تتمتع به من مكانة رائدة بين الدول العربية، تعد من أبرز اللاعبين فى الساحة العربية، ومواقفها تجاه القضايا المصيرية للمنطقة لا تقتصر على مجرد تصريحات، بل تتسم بالفاعلية والثبات. وأضاف «الجابرى»: «حضور الرئيس السيسى لم يكن مجرد حضور رمزى، بل كان تعبيرًا عن التزام مصر الثابت والمستمر تجاه القضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية التى تحتل مكانة خاصة فى السياسة المصرية، إذ ظلت مصر فى مقدمة الدول العربية المدافعة عن حقوق الشعب الفلسطينى». وواصل: «مصر تواصل دورها البارز فى التصدى للتحديات العربية، وتعزيز التعاون المشترك بين الدول العربية، وكلمة الرئيس السيسى فى القمة كانت محورية ومؤثرة بالنسبة للدول العربية، والمقترحات التى عرضها حاسمة، وتعكس التزام مصر تجاه القضايا العربية، وسيكون لها تأثير كبير فى صياغة القرارات الجماعية على المستوى العربى».
لبنان«القاهرة» أسهمت فى دخول الاستثمارات إلى بيروت.. ودورها لا ينسى
قال الكاتب والمحلل السياسى اللبنانى فادى عاكوم، إنه لا يمكن لأى متابع للشأن العربى، أو أى قارئ للتاريخ السياسى فى منطقتنا أن يُفاجأ بتضمين الرئيس عبدالفتاح السيسى ملف لبنان فى كلمته بالقمة العربية، فمصر لم تكن يومًا بعيدة عن لبنان، لا فى الأزمات ولا فى فترات الاستقرار النسبى.
وأضاف «عاكوم»، لـ«الدستور»: «لطالما كانت القاهرة حاضرة فى المشهد اللبنانى، حاملةً لواء الدعم الثابت للدولة اللبنانية ومؤسساتها، ومدافعة عن وحدة الأراضى اللبنانية، ورافضة كل محاولات العبث بالنسيج الداخلى أو إذكاء الانقسامات الطائفية والسياسية التى لطالما كانت تهدد هذا البلد الصغير بموقعه، الكبير بتأثيره».
وأشار إلى أن المتأمل فى مسار العلاقة المصرية- اللبنانية على مدار العقود الماضية، يجد أن مصر لم تكن مجرد وسيط أو طرف متعاطف، بل كانت فاعلًا أساسيًا فى محطات مفصلية، سواء عبر التدخلات المباشرة لوقف نزيف الدم، أو من خلال تحركات خلف الكواليس لتقريب وجهات النظر وتهيئة الأجواء للحلول.
وتابع: «مصر لعبت دورًا مهمًا- غالبًا ما يُغفل عنه- فى تسهيل دخول الاستثمارات إلى لبنان، سواء من خلال مستثمرين مصريين أو عرب، فى إطار الحرص على دعم الاقتصاد اللبنانى وتثبيت استقراره».
وقال إنه فى ظل تعقيدات المشهد الإقليمى، وتزاحم الأزمات فى أكثر من بلد عربى، تراجع الملف اللبنانى على أجندة بعض الدول، التى اختارت أن تضع أولويات أخرى على رأس اهتماماتها. فى المقابل، بقيت مصر متمسكة برؤيتها الثابتة تجاه لبنان، واعتبرته جزءًا لا يتجزأ من أمن المنطقة واستقرارها. لم تُخرج مصر لبنان من قائمة أولوياتها، بل واصلت استخدام أدواتها السياسية والدبلوماسية فى المحافل الإقليمية والدولية للدفاع عن قضاياه، والتأكيد على ضرورة الحفاظ على سيادته واستقلاله.
واعتبر أن ما يميز الموقف المصرى هو هذا الإصرار على أن تكون للبنان مكانة فى خريطة العمل العربى المشترك، رغم كل التحديات، قائلًا: «دعم مصر لا يقتصر على الكلمات، بل يتجسد فى سياسات ومبادرات وتحركات تتسم بالحكمة، وتقوم على مبدأ (لا استقرار فى المنطقة دون استقرار فى لبنان). وهذا هو الفارق الجوهرى بين من يتعامل مع لبنان كملف ثانوى، وبين من يرى فيه دولة يجب دعمها حتى تنهض من كبوتها».السودان الدعوة لوقف الحرب تلقى قبولًا واسعًا من الشعب السودانى
رأى عثمان ميرغنى، الكاتب الصحفى السودانى، أن موقف القمة العربية فى بغداد كان مجرد موقف أدبى معنوى، يعكس التقدير للأزمة التى يمر بها السودان وتهديداتها للأمن الإقليمى، خاصة فيما يتعلق بوحدة البلاد والأمن القومى لجيرانها، مشيرًا إلى تضمن البيان الختامى فقرة تعكس هذا التوجه، وتحقق التوقعات التى كانت تسعى إلى إبراز القلق العربى حيال الوضع فى السودان.
ووصف «ميرغنى» موقف الرئيس عبدالفتاح السيسى بأنه الأكثر وضوحًا وقوة فى القمة، بعدما تناول فى كلمته المخاطر التى يتعرض لها السودان بشكل جلى، وهو موقف يتماشى مع سياسة مصر المستمرة منذ بداية الحرب فى السودان، التى لم تتغير رغم تطورات الأزمة وتحولات الوضع الدولى حولها.
وأضاف الكاتب الصحفى السودانى: «مصر كانت الدولة الأولى التى تقدمت بمبادرة لحل الأزمة السودانية، فى الأيام الأولى من الحرب. وفى خطوة حاسمة، دعت إلى عقد قمة لدول الجوار السودانى فى القاهرة، ما أسهم بشكل كبير فى إفشال دعوات إثيوبيا وكينيا للتدخل العسكرى المباشر فى السودان».
وواصل: «نجحت مصر أيضًا، خلال يوليو ٢٠٢٤، فى تنظيم مؤتمر جمع مكونات المجتمع السودانى السياسية والاجتماعية، وهى المرة الأولى التى تلتقى فيها هذه الأطراف تحت سقف واحد، ما مثل خطوة مهمة نحو معالجة الأزمة، إلى جانب توليها إدارة مشاورات واسعة مع القوى السودانية السياسية والمجتمعية».
وأكمل: «هدف مصر من هذه التحركات كان الوصول إلى توافق حول العملية السياسية التى قد تؤدى إلى إعادة تشكيل هياكل الدولة، وإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية»، مشددًا على أن «جهود مصر لم تقتصر على الجانب السياسى فقط، بل شملت أيضًا تقديم الدعم الإنسانى الكبير، عبر استضافة ملايين اللاجئين السودانيين، وتوفير إمدادات الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية التى تتدفق باستمرار داخل السودان».
وأكد طاهر المعتصم، الكاتب السودانى، أن تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة العربية ببغداد لاقت قبولًا واسعًا بين السودانيين، بعدما دعا إلى ضرورة وقف إطلاق النار فى السودان، فى دعوة تتماشى مع رغبة الشعب السودانى الذى يعانى من تداعيات الحرب المستمرة منذ عامين.
وأضاف «المعتصم»: «هذه الحرب المدمرّة خلفت آثارًا مدمرة على السودان، بعد أن دمرت البنية التحتية للبلاد، وأدت إلى نزوح الملايين من المواطنين، إضافة إلى فقدان العديد من الأرواح، حتى بلغ عدد القتلى نحو ١٥٠ ألفًا، إلى جانب حرمان ملايين الأطفال من التعليم، وكلها أمور تجعل دعوة الرئيس السيسى لوقف إطلاق النار تحظى بأهمية خاصة لدى الشعب السودانى».
فلسطين مصر ستظل قائدة العرب.. وأكثر مَن وقف فى وجه التهجير
قال السفير محمد عريقات، رئيس المجلس الأعلى للشباب الفلسطينى، إن الفلسطينيين تابعوا عن كثب مخرجات مؤتمر القمة العربية، ومن الواضح أنه كانت هناك محاولة لإفشال هذه القمة التى لم يحضرها عدد كبير من الزعماء العرب.
وأضاف «عريقات»، لـ«الدستور»، أن هذه القمة كان على رأس أجندتها القضية الفلسطينية وما يتعرض له الشعب الفلسطينى بقطاع غزة من حرب إبادة، وأرى بكل صدق أن حضور الرئيس عبدالفتاح السيسى هذه القمة أعطاها زخمًا كبيرًا، لأن مصر هى من تتزعم الحضور العربى.
وأوضح أن خطاب الرئيس السيسى كان عميقًا وحمل رسائل مهمة؛ منها أنه لن يكون هناك سلام إلا بإعلان الدولة الفلسطينية وإنهاء هذه الحرب وإدخال المساعدات لأهالى القطاع، وهذا ما تحرص عليه دائمًا مصر.
وتابع: «جدد الرئيس السيسى التأكيد على ما قررته القمة العربية الطارئة التى عقدت سابقًا بالقاهرة، وهو دعم حقوق الشعب الفلسطينى وإنهاء الحرب وإعادة إعمار قطاع غزة وفتح المعابر التى يغلقها جيش الاحتلال الإسرائيلى».
وشدد على أنه لن يكون هناك موقف داعم للقضية الفلسطينية كالموقف المصرى؛ لأن مصر هى الحاضنة الأساسية للقضية الفلسطينية.
من جهته، قال الدكتور عماد عمر، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، إن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى كانت تاريخية، وأظهرت أن مصر تقود الأمة العربية وتطرح قضاياها، موضحًا أن الكلمة تضمنت شرح ما يحدث فى قطاع غزة من جرائم، واستعراض الجهود التى تبذلها مصر من أجل وقف هذه الحرب التى تعمل على قتل الفلسطينيين وخلق واقع غير قابل للحياة من أجل إجبار سكان القطاع على الهجرة.
وأضاف «عمر» أن الرئيس السيسى حذر من أن هناك مخططات لتصفية القضية الفلسطينية، وأنها اليوم تمر بأصعب مراحلها، وأن ما يفعله الاحتلال الإسرائيلى فى غزة يستهدف من خلاله تدمير كل شىء وإجبار الفلسطينيين على الرحيل، وطالب الرئيس الأمريكى بضرورة بذل جهد من أجل إحلال السلام فى المنطقة على أساس الشرعية الدولية.
وأشار إلى أن التطرق لقضايا عربية أخرى كالقضية السورية واليمنية والليبية يؤكد قوة مصر وأنها زعيمة وقائدة للأمة العربية، وتلعب دورًا محوريًا فى تنسيق المواقف بين الدول، مضيفًا: «فى نهاية كلمته، أكد الرئيس السيسى ضرورة وحدة الدول العربية وتماسكها وتعزيز مواقفها فى مواجهة كل التحديات».
وتابع: «هذا كله يؤكد أن مصر لم تغير سياستها تجاه رعايتها الكاملة القضية الفلسطينية، ويثبت حرصها على مواجهة سياسة التهجير، وأن أى حل للقضية الفلسطينية يجب أن يكون على أساس قرارات الشرعية الدولية، إلى جانب أن أى عملية إعمار يجب أن تكون بوجود الشعب الفلسطينى، وأن الخطة التى قدمتها القاهرة وحصلت على إجماع عربى وإسلامى وتأييد دول الاتحاد الأوروبى، تمثل خارطة طريق لإعادة الإعمار دون تهجير سكان القطاع».
كما وصف الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى الدكتور نزار نزال، كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة العربية بأنها نقطة تحول لافتة فى خطاب العلاقات العربية الإسرائيلية، معتبرًا أنها وجهت رسائل استراتيجية على أكثر من صعيد.
وأوضح «نزال»: «الرئيس السيسى دق جرس الإنذار، محذرًا من أن هناك محاولات تهميش للقضية الفلسطينية من خلال مسارات التطبيع»، مؤكدًا أن العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل لا تعنى بالضرورة إحلال السلام فى الشرق الأوسط. 
وأوضح أن الكلمة أبرزت المخاطر المحتملة فى المنطقة، التى لا تزال مرشحة لمزيد من النزاعات والتوترات.
وشدد على أن الرئيس السيسى أوضح أن التطبيع لن يجلب الأمن لإسرائيل، وأن القضية الفلسطينية تظل القضية المركزية للعالم العربى. كما أشار إلى أهمية التذكير بأن القدس والأقصى ليسا مجرد مسألة فلسطينية، بل يرتبطان بوجدان العالم الإسلامى بأكمله.
ورأى أن كلمة الرئيس السيسى كانت قوية وجريئة، وتعكس دور مصر القيادى فى العالم العربى، داعيًا إلى مواصلة هذا النهج فى الدفاع عن حقوق الفلسطينيين.

ليبيا القاهرة قدمت العديد من المبادرات لحل الأزمة الليبية
أكد الدكتور يوسف الفارسى، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة درنة، أهمية الدور البارز الذى تلعبه مصر فى دعم الجهود السياسية الرامية إلى تحقيق الاستقرار فى ليبيا، مشيرًا إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى وجه العديد من الرسائل خلال القمة.
وأوضح «الفارسى»، لـ«الدستور»، أن مصر تواصل جهودها الحثيثة للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة فى ليبيا استنادًا إلى المرجعيات المتفق عليها، مشددًا على أهمية المسار السياسى الليبى الذى يؤدى إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة.
وأشار إلى أن مصر قدمت العديد من المبادرات والحوارات السياسية لحل الأزمة الليبية، معتبرًا أن مصر تواجه تحديات كبيرة فى ظل الأوضاع الحالية، سواء فى ليبيا أو فى غزة.