أسعد سليم: افتتاح المتحف الكبير ينير فضاء العالم بأضواء العظمة والخلود

على ضفاف النيل، حيث تتراقص أشعة الشمس مع عبق التاريخ، تقف مصر شامخة مرفوعة الهامة، تحمل بين جنباتها نقش حضارة أضاءت دروب البشرية. المتحف المصري الكبير، ليس مجرد صرح عالمى مبهر من حجارة وفنون، بل لوحة مرسومة بفرشاة الزمن وألوان الدهر، وقلب ينبض بقصص أجداد علموا العالم معنى الخلود. وتحدث الكاتب أسعد سليم عما يمثله المتحف المصري الكبير للترويج لمصر كواحدة من أهم الوجهات السياحية في العالم.
وقال سليم، في تصريحات لـ”الدستور”: “هنا، في قلب الجيزة، حيث الأهرامات تقف صامدة على مر الأزمان لتشهد بعظمة الماضى، يشرق المتحف كتاج الشرف والألق الذى يزين به جبين مصر، حيث يروى قصة أمة كانت فجر الضمير، وأولى الكلمات التي نطقت بها الإنسانية.
حين كان العالم يحبو في ظلمات الجهل كانت مصر تخط تاريخا على ألواح من البردى
وأضاف: “لن تكون مبالغة أن نقول إن مصر كانت هي البداية، فتلك هي الحقيقة التي لا تقبل الجدال، فحين كان العالم يحبو في ظلمات الجهل، كانت مصر تخط تاريخا على ألواح من البردى، تنحت في الصخر، وتشيد أهرامات الفخر والعزة، فأسها شق الأرض، ريشتها نظمت أولى أشعار الوجود، وفراعنتها أقاموا أمة سبقت العالم بأعمار، لا نتحدث بغرور، بل نُذكر من نسى أو تناسى: مصر هي التي محت أمية العالم، وأهدته العلم، الفن، والحضارة، تراثها لا يقدر بثمن، فهو ليس مجرد تماثيل، بل روح حية ناطقة، وذاكرة خالدة لا تموت:.وأردف “سليم”: “في موقع يطل على الأهرامات الخالدة، يمتد المتحف المصرى الكبير على أرض شاسعة، خمسمائة ألف متر مربع، كأنها لوحة من نسج الخيال، إنه ليس مجرد متحف، بل مدينة يحفها التاريخ، وتجمع بين الثقافة والفنون والترفيه. تصميمه المعمارى، وكأنه معلقة شعرية صاغتها الأحجار، شيء سيذهل العالم أجمع، حيث الحدائق تتنفس، والقاعات تقص، ومراكز الترميم تبعث الحياة من جديد لكنوز كادت أن تنسى، إ هذا الصرح المذهل لا يحكى قصة مصر وحدها، بل يروى حكاية الإنسانية برمتها”.واستطرد في وصف المتحف: “حينما يدخل الزائر إلى المتحف المصري الكبير، يجد نفسه وسط أمواج منعشة من أزمنة مختلفة، حيث أكثر من مائة ألف قطعة أثرية تنطق بحكايات سبعة آلاف عام، هنا كنوز توت عنخ آمون، الملك الذهبى، تشع وتظهر للوجود كاملة لأول مرة منذ اكتشاف مقبرته عام 1922، كأنها نجوم لامعة سقطت من السماء لتنير المتحف”. في القاعة الكبرى، يقف تمثال رمسيس الثانى، شامخا كالطود الراسخ، ينظر إلى الأفق اللامتناهى هامسا “أنا مصر، أنا الخلود”، أما مجموعة الملكة حتب حرس، والدة الملك خوفو بانى الهرم الأكبر، تحكى عن نساء كن أعمدة الحضارة، شموسا لا تغيب وأقمارا منيرة منذ القدم، بينما مراكب خوفو، تلك السفن التي تحدت الأعاصير والنسيان، تقف شاهدة على عبقرية شعب عرف طريقه للسماء قبل الأرض، من عصر ما قبل الأسرات إلى اليونان والرومان، كل قطعة هنا هي فصل من كتاب هائل لا ينتهى.
افتتاح المتحف المصري الكبير مهرجان عالمي يحتفى بتراث مصر
وأضاف: “لقد كانت فكرة المتحف حلما رواد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، وتبناها الرئيس الأسبق حسنى مبارك، واستمر العمل عبر سنوات طوال، حتى أولاه الرئيس عبد الفتاح السيسى اهتماما شخصيا، فتحول الحلم إلى حقيقة مبهرة تسر الناظرين، في يوليو 2025، سيفتتح المتحف المصرى الكبير رسميا، في لحظة تاريخية ستضىء ليس فقط سماء الجيزة، بل سماء الكون بأكمله بأنوار المجد والخلود، ستحتفل الأرض، وستصغى النجوم، لأن مصر حين تتكلم، يصمت الكون إجلالا، لن يكون الافتتاح مجرد حدثا عابرا، بل سيكون مهرجانا عالميا، يحتفى بتراث مصر الذى سيكون متاحا للبشرية جمعاء”.لن يكون المتحف المصرى الكبير مجرد مكان لعرض الآثار، بل سيكون حارسا للتراث، وجسر يربط الماضى بالمستقبل، في قاعاته، سيجد الباحثون والعاشقون والحالمون ملاذا للتأمل والدراسة، قاعة المؤتمرات الضخمة، والفضاءات الثقافية والترفيهية، ستجعل منه مركزا حيويا للمعرفة والإبداع، يتوقع أن يستقبل أكثر من خمسة ملايين زائر سنويا، ليصبح الوجهة الأولى لمن يبحث عن جذور الإنسانية الأولى.وأشار إلى أن مصر كما أهدت العالم القديم حضارته الأولى، فإنها اليوم تقدم تراثها في صرح يليق بعظمتها، فالمتحف هو هدية مصر للعالم، رمز لمعين نهر إبداعها الذى لا ينضب، في سكون جنباته، يبدو أن توت عنخ آمون يبتسم، وكأنه يهمس “ شكرا، يا أحفادى، لأنكم حفظتم إرثى في معبد يليق بمصر”، وأرى رمسيس رافعا رأسه بفخر، والملكة حتب حرس تشير إلى الأفق قائلة “هذا تراثنا، وهذه قصتنا، التي ستظل تروى للأبد”.