زيارة رئيس لبنان

زيارة رئيس لبنان

تأكيدًا لعمق العلاقات المصرية اللبنانية، وصلابتها على كل المستويات، زار الرئيس جوزيف عون، القاهرة، أمس الإثنين، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتناول معه، فى اجتماع مغلق، ثمّ فى مباحثات موسعة بمشاركة وفدى البلدين، سبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة فى المجالات الاقتصادية والتجارية، والبنية التحتية، والطاقة، وجهود إعادة إعمار البلد الشقيق، وآليات دعم استقراره، واستعادة الأمن والسلم الإقليميين فى ظل التحديات الكبيرة التى تواجه المنطقة.
بعد سنتين وشهرين وعشرة أيام من الفراغ الرئاسى، تخللتها ١٢ محاولة فاشلة لانتخاب رئيس جديد، صار العماد، اللواء أو الجنرال، جوزيف عون، فى يناير الماضى، الرئيس الرابع عشر للبلد الشقيق، بعد استقلاله سنة ١٩٤٣، والرئيس الخامس للجمهورية اللبنانية الثانية، التى بدأت سنة ١٩٨٩، مع توقيع وثيقة الوفاق الوطنى اللبنانى، المعروفة باسم «اتفاق الطائف». وفى سياقات ومناسبات مختلفة، أحدثها خلال المؤتمر الصحفى المشترك، الذى جمعهما، أمس، أكد الرئيس السيسى أن مصر ستظل إلى جانب الرئيس اللبنانى وحكومته، فى كل المساعى الرامية، إلى الحفاظ على استقرار الدولة الشقيقة وسيادتها، بما يلبى تطلعات شعبها، ويستعيد دورها العريق، كمنارة للثقافة والتنوير فى المشرق، والعالم العربى.
الدعم المصرى والعربى الدائم للجمهورية اللبنانية، أكدته القمة العربية الطارئة التى استضافتها القاهرة، فى ٤ مارس الماضى، وكذا القمة العربية العادية التى أقيمت فى بغداد، السبت الماضى، إذ شدّد خلالهما القادة العرب على ضرورة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، بجميع بنوده، والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١، وإدانة الخروقات الإسرائيلية لهما، و… و… وفى كلمته، أمام القمتين، أكد الرئيس السيسى أن السبيل الأوحد لضمان استقرار لبنان هو الالتزام بتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، وقرار مجلس الأمن، سابق الذكر، وانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبنانى، واحترام سيادة لبنان على أراضيه، وتمكين الجيش اللبنانى من الاضطلاع بمسئولياته. ولعلك تتذكر أننا كنا قد أوضحنا، فى مقال سابق، أن قرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١ الصادر فى ١٢ أغسطس ٢٠٠٦، أرسى وضعًا قانونيًا على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، انتهكته دولة الاحتلال مئات المرات، حسب ٥٢ تقريرًا للأمم المتحدة.
فى خطاب القَسَم، تعهّد الرئيس اللبنانى بـ«إزالة الاحتلال الإسرائيلى وردع عدوانه»، وشدّد على «تثبيت حق الدولة فى احتكار حمل السلاح»، وإعادة إعمار ما دمّره «العدو» و… و… ومع توافق الرئيسين، أو اتفاقهما، على ذلك، خلال مباحثات أمس، أكدا ضرورة إنهاء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فورًا، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بشكل عاجل. كما جددا تأكيد موقف مصر ولبنان الراسخ، الداعم القضية الفلسطينية، والرافض أى محاولات تستهدف تهجير الفلسطينيين، وطالبا المجتمع الدولى بحشد الجهود والموارد اللازمة لتنفيذ خطة إعادة إعمار غزة، وتمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى القطاع وتوسيع الاعتراف الدولى بالدولة الفلسطينية، على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكدين أن هذا المسار، هو الضامن الوحيد، لتحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة.
أكد، الرئيسان، أيضًا، دعمهما الكامل الشعب السورى الشقيق وأكدا ضرورة أن تكون العملية السياسية، خلال الفترة الانتقالية، شاملة وغير إقصائية، مع استمرار جهود مكافحة الإرهاب، ورفض أى مظاهر للطائفية أو التقسيم. كما شددا على إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، على السيادة السورية، وأكدا ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضى السورية المحتلة، واحترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
.. وأخيرًا، لا تزال مصر تواصل مساعيها المكثفة، واتصالاتها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، لدفع إسرائيل إلى الانسحاب الفورى، وغير المشروط، من كامل الأراضى اللبنانية، والتنفيذ الكامل، والمتزامن، لقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١، دون انتقائية، بما يضمن تمكين لبنان من بسط سيادته على أراضيه، وتعزيز دور جيشه. وعليه، ومع تأكيد حرصه على دعم جهود الدولة اللبنانية فى إعادة الإعمار، وإفادتها بالخبرات المصرية الرائدة فى هذا المجال، جدّد الرئيس السيسى، أمس، دعوة المجتمع الدولى إلى تحمل مسئولياته، وحثَّ الهيئات والجهات المانحة، على المشاركة بفاعلية فى إعادة إعمار لبنان، لضمان عودة الدولة الشقيقة إلى مسارها الطبيعى، على طريق السلام والتعايش والمحبة.