مكافحة الإدمان ومراكز العلاج غير الموثوقة: أنقذوا المصابين

مكافحة الإدمان ومراكز العلاج غير الموثوقة: أنقذوا المصابين

انتشرت فى الآونة الأخيرة مراكز علاج الإدمان غير المرخصة فى مختلف المحافظات على مستوى الجمهورية، فى ظاهرة خطيرة على صحة المواطنين لا تقل خطورة عن ظاهرة الإدمان نفسها، فعلى الرغم من الجهود الكبيرة التى تبذلها الدولة لمكافحة الإدمان بكل صوره، خاصة جهود صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، فإنها ليست كافية فى ظل الحاجة المُلحة إلى انتشار مراكز علاج الإدمان فى جميع المحافظات والمدن والقرى.وأدى عدم كفاية عدد مراكز مكافحة وعلاج الإدمان إلى ظهور مراكز غير مرخصة وتعمل بشكل مخالف وأشبه «بدكاكين بير السلم» لعلاج الإدمان، حيث إن عدد مراكز علاج الإدمان الرسمية يغطى فقط ٢٠ محافظة، أى أن هناك ٧ محافظات لا توجد فيها مراكز علاج الإدمان، كما أن هناك محافظات توجد بها مراكز العلاج ولكنها لا تكفى احتياجات المحافظة، ما يكشف الحاجة الملحة لضبط هذه المنظومة.إن الأمر بالغ الخطورة والأهمية، ففى ظل ضعف الرقابة انتشرت ظاهرة مراكز علاج الإدمان فى مختلف المحافظات، هذه المراكز غير مؤهلة لهذه المهمة وممارسة مهنة علاج المرضى النفسيين وعلاج الإدمان، وهناك مخالفات وانتهاكات جسيمة فى هذا الصدد، مما تسبب فى الإضرار بالعديد من المواطنين، فهذه المراكز تعمل بشكل غير قانونى ولا تتوافر فيها الاشتراطات الصحية والمهنية، فضلًا عن أن العاملين فيها غير مؤهلين وأغلبهم ليسوا متخصصين، وهناك جرائم وتجاوزات تحدث ضد المرضى.الوضع يتطلب العمل بكل جدية وسرعة لتكثيف الرقابة على مراكز علاج الإدمان والطب النفسى للتأكد من استيفائها اشتراطات التراخيص اللازمة لإحكام الرقابة عليها حرصًا على صحة وسلامة المواطنين، ويجب اتخاذ إجراءات رادعة ضد المراكز غير المرخصة بإغلاق المراكز الخاصة بعلاج الإدمان والطب النفسى غير المرخصة لمخالفتها الاشتراطات الصحية والعمل دون ترخيص، أو تيسير وتبسيط إجراءات تقنين أوضاع هذه المراكز.ومن الخطوات المهمة التى اتخذتها الحكومة تشكيل لجان فى بعض المحافظات من الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص وإدارة التراخيص والعلاج الحر والأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان والمجلس القومى للصحة النفسية، بالتعاون مع وزارة الداخلية، ممثلة فى شرطة المرافق والإدارة العامة لمكافحة المخدرات، للمرور على المراكز الخاصة غير المرخصة، والتى تمارس نشاط علاج الإدمان دون ترخيص، بجانب عدم وجود متخصصين للإشراف على الخدمة الطبية المقدمة، وأتمنى التوسع والاستمرارية فى تطبيق وتفعيل حملات التفتيش والرقابة على تلك المراكز للضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الإضرار بصحة وسلامة المواطنين.وفى الفترة الأخيرة، تم ضبط العديد من المخالفات بهذه المنشآت تنوعت بين عدم وجود ترخيص من وزارة الصحة بالمخالفة لقانون ١٥٣ لسنة ٢٠٠٤، وإدارة المنشأة دون الحصول على موافقة الصحة النفسية بالمخالفة لقانون ٧١ لسنة ٢٠٠٩، ومزاولة مهنة الطب دون ترخيص، وعدم اتباع سياسات مكافحة العدوى، كما أن المخالفات شملت أيضًا عدم وجود طبيب مختص بالصحة النفسية ولا تتوافر غرفة كشف على المرضى أو طاقم تمريض مختص بالصحة النفسية، علاوة على أن المشرفين الموجودين داخل هذه المراكز غير مقيدين بالمركز الإقليمى للصحة النفسية، وبعضهم يتضح أنهم متعافون من الإدمان، مما يؤثر على الصحة والسلامة الخاصة بالمرضى الخاضعين للعلاج داخل تلك المراكز.لذلك هناك ضرورة مُلحة لاستمرار حملات الرقابة المكثفة على المنشآت الطبية الخاصة لضمان الالتزام بالمعايير والاشتراطات الصحية، سواء للمنشآت أو العاملين بها، واتخاذ كل الإجراءات القانونية تجاه المخالفات التى يتم رصدها، لضمان تقديم خدمات طبية آمنة حرصًا على صحة وسلامة المرضى، خاصة أننا فى فترة حرجة يمر بها المجتمع من انتشار الإدمان وخطورته على صحة المواطنين، والدولة تبذل جهودًا طيبة فى التصدى لهذه الظاهرة، وبالتالى انتشار مراكز علاج الإدمان والمرضى النفسيين غير المرخصة يعصف بجهود الدولة فى مكافحة الإدمان.ويزيد من خطورة الأمر أن الضحايا فى هذه المراكز، حسبما نشر فى وسائل الإعلام المختلفة، يؤكدون أنها تسببت لهم فى آلام وجروح، كما يواجهون معاملة قاسية وسيئة داخلها، فهى عبارة عن لافتات وهمية تخفى وراءها مأساة كبيرة تعرقل الطريق إلى الشفاء من الإدمان، فالكثير من هذه المراكز يعمل تحت غطاء من السرية، فبدلًا من تقديم علاج علمى متكامل، تعتمد على طرق غير قانونية وغير مهنية قد تتسبب فى تفاقم حالة المرضى أو تعرضهم لمخاطر صحية إضافية، وتستقطب هذه المراكز فئات عديدة من المدمنين، خاصة فى المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة.كما تفتقر هذه المراكز إلى توافر المعدات الطبية الحديثة، والأطباء المتخصصين، بالإضافة إلى وجود بيئة غير صحية قد تؤدى إلى مضاعفات صحية خطيرة، ويعزو انتشار مراكز العلاج غير المرخصة إلى عدة عوامل، منها: ضعف الثقافة الصحية المتعلقة بالإدمان، والافتقار إلى الوعى الكافى لدى بعض الأسر التى تجد فى هذه المراكز منفذًا سريعًا لعلاج أبنائها المدمنين.لذلك نظرًا لخطورة هذه الظاهرة، يجب تكثيف حملات التفتيش والرقابة على المراكز غير المرخصة، وغلق ما يثبت ارتكابه مخالفات وتجاوزات، مع العمل على دراسة آليات تقنين أوضاع هذه المراكز وتبسيط إجراءات التراخيص، مع التأكد من استيفاء جميع الاشتراطات الصحية والمهنية والقانونية، والاهتمام بتدريب وتأهيل العاملين فى مجال مكافحة وعلاج الإدمان وضمان وجود المتخصصين فى المراكز، علاوة على إطلاق حملات توعية مشتركة بين المؤسسات الصحية والدينية والإعلامية والشبابية والرياضية والأمنية لتوعية المواطنين بخطورة الإدمان، وضرورة التعامل مع المؤسسات الرسمية فقط، وكذلك يجب العمل على دعم موازنة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان وزيادة مخصصاته المالية لتمكينه من أداء دوره، ويجب أيضًا توفير وإنشاء مراكز علاج الإدمان فى كل المحافظات والمدن والقرى، وتشجيع وتحفيز المرضى للإقبال على مراكز العلاج الرسمية المرخصة، والنظر فى مدى الحاجة إلى أى تعديل تشريعى لضبط هذه المنظومة حفاظًا على سلامة وصحة أبنائنا.