خبراء: المراجعة الخامسة للصندوق تعكس الثقة في برنامج الإصلاح الاقتصادي

أوضح عدد من خبراء الاقتصاد أن زيارة بعثة صندوق النقد الدولى الحالية إلى مصر لإجراء المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى تعد نقطة تحول مهمة فى مسار الاقتصاد المصرى، الذى يمر بمرحلة دقيقة تتطلب قرارات مدروسة وشراكات دولية موثوقة.وقال الخبراء، خلال حديثهم لـ«الدستور»، إن الاقتصاد المصرى يشهد تحسنًا ملموسًا فى عدة مجالات، من بينها زيادة الاحتياطيات النقدية الأجنبية وتحقيق الانضباط المالى وضبط الإنفاق العام وتقليص العجز المالى مع تراجع التضخم وانخفاض معدل البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، مشيرين إلى أن ذلك يدعم من موقف الاقتصاد المصرى فى المراجعة، ويفتح الباب أمام مزيد من التدفقات الاستثمارية والتمويلات التنموية الضرورية لتحقيق النمو المستدام.محمد عبدالعال:توقيتها مناسب فى ظل التحسن الواضح للمؤشرات الاقتصاديةرأى الخبير المصرفى محمد عبدالعال أن زيارة بعثة صندوق النقد الدولى إلى مصر لإجراء المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى تمثل خطوة مهمة تعكس مدى التزام الحكومة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى بشكل جاد ومنهجى.وقال: «الزيارة تأتى فى توقيت مناسب، وفى ظل التحسن الواضح فى عدد من المؤشرات الاقتصادية، وفى مقدمتها زيادة الاحتياطيات النقدية الأجنبية، التى تجاوزت حاليًا ٤٨ مليار دولار، وهو ما يعزز من قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية وتوفير بيئة مستقرة للاستثمار».وأشار إلى أن الجهود الحثيثة التى تبذلها الحكومة لتحقيق الانضباط المالى بدأت تؤتى ثمارها، من خلال ضبط الإنفاق العام، وتحقيق فائض أولى فى الموازنة العامة، بما يسهم فى تقليص العجز المالى وتحقيق الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل.وأوضح أن أحد الأهداف الاستراتيجية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى هو خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى، لافتًا إلى أن ذلك أحد المؤشرات الأساسية التى تتابعها بعثة الصندوق عن كثب. وبيّن أن الحكومة تعمل على تحقيق ذلك الهدف من خلال زيادة الإيرادات العامة دون تحميل المواطنين أعباء إضافية، مع ترشيد النفقات وتحسين كفاءة إدارة الدين العام، لافتًا إلى أن نجاح المراجعة الخامسة سيعزز ثقة المؤسسات الدولية فى الاقتصاد المصرى، ويفتح الباب أمام مزيد من التدفقات الاستثمارية والتمويلات التنموية الضرورية لتحقيق النمو المستدام.سهر الدماطى: وصول النمو إلى 3.9% يعكس القدرة على التعافىأكدت الخبيرة المصرفية سهر الدماطى أن صرف الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولى يمثل دعمًا مهمًا للاقتصاد المصرى فى هذه المرحلة، ويعكس ثقة المؤسسة الدولية فى جدية الحكومة فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى. وأوضحت أن مؤشرات الأداء الاقتصادى خلال الفترة الأخيرة مشجعة، بعد أن وصل معدل النمو الحقيقى إلى حوالى ٣.٩٪ فى النصف الأول من العام المالى الحالى، وهو ما يعكس قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى رغم التحديات العالمية.وأشارت إلى أن أحد أبرز المؤشرات الإيجابية الحالية تتمثل فى الزيادة الكبيرة فى استثمارات القطاع الخاص، والتى سجلت نموًا بنحو ٨٠٪، وهو تطور يعكس تحسن بيئة الأعمال وزيادة الثقة فى الاقتصاد المصرى نتيجة الإصلاحات المستمرة.وأضافت: «هذه القفزة فى استثمارات القطاع الخاص تؤكد نجاح الحكومة فى إزالة العديد من المعوقات التى كانت تقف أمام المستثمرين».وشددت على أن استكمال صرف الشريحة الخامسة سيعزز من احتياطيات النقد الأجنبى، ويسهم فى استقرار سعر الصرف، كما يدعم جهود الدولة فى استكمال خططها التنموية دون الضغط على الموازنة العامة، بالإضافة إلى دعم موقف مصر فى المراجعات المقبلة.وليد جاب الله: ضمان لزيادة تدفق الاستثمارات الأجنبيةأشار الدكتور وليد جاب الله، خبير الاقتصاد والمالية العامة، إلى تزامن بدء المراجعة الخامسة مع مؤشرات إيجابية تعكس تحسّن مناخ الاستثمار فى مصر يعد مؤشرًا مهمًا على تزايد الثقة فى قدرة الاقتصاد المصرى على الاستمرار والتعافى.وقال: «ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة تقارب ١٧٪ خلال الفترة من يوليو حتى ديسمبر ٢٠٢٤ هو مؤشر مهم على ثقة المستثمرين الدوليين فى قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى والاستقرار، خاصة فى ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة».وأوضح أن التحسن فى تدفقات الاستثمار الأجنبى يعكس أيضًا نجاح الدولة فى تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص، وتهيئة بيئة تشريعية وتنظيمية محفزة للاستثمار، لافتًا إلى أن المراجعة الخامسة تمثل اختبارًا لمدى التزام الحكومة بتعهداتها الإصلاحية، ونتائجها الإيجابية ستسهم فى تعزيز هذه الثقة وجذب المزيد من رءوس الأموال الأجنبية. وأضاف: «الحفاظ على وتيرة الإصلاح وتحقيق الاستقرار المالى والنقدى، مع توفير مناخ تنافسى للمستثمرين، هو السبيل لضمان استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية، والصندوق يولى هذا الجانب اهتمامًا كبيرًا خلال مراجعاته الدورية».كريم عادل:خفض العجز العام والدين يدعم الاستقرار والاستدامة الماليةأكد الدكتور كريم عادل، الخبير الاقتصادى ورئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية، أن انخفاض العجز فى الموازنة العامة إلى ٦.٥٪ خلال العشرة أشهر الماضية مقارنة بـ٦.٧٪ فى نفس الفترة من العام الماضى، يعد خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار المالى وتعزيز قدرة الحكومة على السيطرة على الأوضاع الاقتصادية. وأوضح «عادل» أن هذا التحسن يعكس نجاح الحكومة فى تطبيق سياسات مالية تقشفية مع الحفاظ على توفير الخدمات الأساسية وتعزيز الاستثمار فى مشروعات البنية التحتية.وأضاف أن هدف الدولة فى خفض الدين إلى نحو ٨٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية يونيو ٢٠٢٥، مقارنة بنسبة ٩٦٪ فى يونيو ٢٠٢٣، يعد مؤشرًا إيجابيًا على جدية الحكومة فى تخفيض العجز المالى وتعزيز الاستدامة المالية. وأشار إلى أن هذا التوجه سيسهم بشكل كبير فى تخفيف الضغوط على الاقتصاد المصرى ويعزز قدرته على الوفاء بالتزاماته المالية دون الإضرار بالتنمية أو الخدمات العامة، مؤكدًا أن هذا الهدف الطموح يتطلب استمرار الحكومة فى تنفيذ إجراءات إصلاحية مالية ونقدية مثل تحسين كفاءة الإنفاق العام وزيادة الإيرادات الضريبية، بالإضافة إلى دعم القطاعات الإنتاجية وزيادة الاستثمارات.وأكد أن هذه الإجراءات ستدعم المراجعة الخامسة لصندوق النقد الدولى وتعزز ثقة المؤسسات الدولية فى قدرة مصر على تحقيق استقرار اقتصادى مستدام.عبدالمنعم السيد:انحسار التضخم يعكس نجاح السياسات النقدية والماليةأكد الدكتور عبدالمنعم السيد، الخبير الاقتصادى ورئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن تراجع معدلات التضخم فى مصر بشكل ملحوظ يمثل إنجازًا اقتصاديًا ويعكس نجاح السياسات النقدية والمالية التى اتبعتها الدولة خلال الفترة الماضية. وأوضح أن الشهر الماضى شهد انخفاض معدل التضخم إلى ١٣.٩٪ مقارنة بأكثر من ٣٧٪ فى نفس الفترة من العام الماضى، وهو ما يشير إلى تحسن كبير فى استقرار الأسعار وتراجع الضغوط التضخمية التى كانت تؤثر سلبًا على معيشة المواطنين. وأشار إلى أن هذا التراجع فى التضخم يعكس فعالية الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى المصرى، خاصة فيما يتعلق بإدارة السياسة النقدية ورفع كفاءة سوق الصرف إلى جانب السياسات الحكومية الرامية لضبط الأسواق وتعزيز الإنتاج المحلى. وقال إن استقرار أسعار السلع والخدمات يسهم فى تحسين بيئة الاستثمار وزيادة ثقة المواطنين والمستثمرين فى الاقتصاد المصرى، لافتًا إلى أن بعثة صندوق النقد الدولى التى تزور مصر حاليًا لإجراء المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، تضع معدلات التضخم ضمن أهم المؤشرات التى تُقيَّم من خلالها مدى التزام الدولة بالإصلاحات. خالد الشافعى: نمو الصادرات يعزز من زيادة الموارد من العملة الأجنبيةقال الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، إن المراجعة الخامسة تأتى فى توقيت مثالى، حيث يشهد الاقتصاد المصرى تطورات إيجابية ملموسة على عدة أصعدة. وأوضح الشافعى أن الصادرات غير البترولية حققت نموًا ملحوظًا بنسبة تصل إلى ٣٣٪ خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، وهو ما يُعد مؤشرًا مهمًا على تعافى القطاعات الإنتاجية وقدرتها على النفاذ إلى الأسواق الدولية، ما يعزز من موارد الدولة من العملة الأجنبية ويدعم الميزان التجارى. وأضاف أن هذا النمو جاء مدفوعًا بتحسن ملحوظ فى أداء عدد من القطاعات الحيوية وعلى رأسها قطاع الصناعة الذى عاد ليشكل قاطرة للنمو الحقيقى، بالإضافة إلى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وقطاع السياحة، الذى شهد انتعاشًا ملحوظًا بفضل الاستقرار النسبى وزيادة تدفقات السياحة الوافدة. وأشار إلى أن هذه القطاعات تسهم فى توليد فرص العمل، وهو ما انعكس بوضوح فى انخفاض معدل البطالة إلى أقل من ٧٪ وهو أدنى مستوى تاريخى تشهده مصر. وشدد «الشافعى» على أن هذه المؤشرات الإيجابية ستكون محل اهتمام كبير من بعثة صندوق النقد، حيث تعكس جدية الدولة فى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية وتؤكد قدرة الاقتصاد المصرى على تحقيق نمو مستدام.