الأديب البارز محمد سلماوي: الدولة هي الداعم الأفضل للمسرح والرواية تتصدر مجالات النشر.

الأديب البارز محمد سلماوي: الدولة هي الداعم الأفضل للمسرح والرواية تتصدر مجالات النشر.

أكد الأديب الكبير محمد سلماوي أن الدولة هي الراعي الأمثل للمسرح الجاد وأن النهضة المسرحية في ستينيات القرن الماضي، يضرب بها المثل حتى الوقت الحالي. مشيرا إلى أن الكاتب “المسرحي” يختلف عن “الروائي” لأن الأول عينه على خشبة المسرح لكي يتم تجسيد هذه الكتابة عملا على خشبة المسرح أمام الجمهور أما الثاني فهو يكتب لينشر بين دفتي كتاب.وقال سلماوي، في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، إن عمل الكاتب المسرحي الإبداعي يكتمل بتحويل النص إلى عمل مسرحي كامل، وإن عمله إذا لم يجسد على خشبة المسرح فإنه يشعر بعدم جدوى الكتابة،لذلك فإنه يستمر في الكتابة طويلا، مستشهدا بمقولة الكاتب المسرحي الروسي أنطون تشيخوف الشهيرة والتي تعبر عن هذا الوضع “ما جدوى أن نحشو مسدسا ونضعه على المائدة طالما ليس هناك من سيطلقه”.وتابع:” أصبح نشر المسرحيات في ذيل قائمة النشر ليس بمصر وحدها ولكن العالم أيضا لأن الرواية تأتي في المرتبة الأولى من قائمة النشر، ثم القصة القصيرة والشعر يعانيان، أما المسرح قد يكون غير موجود”، معتبرا أنه يشهد حالة من التراجع بسبب عدم رواج العروض” .واستطرد قائلا:” المسرح حالة خاصة لأنه ليس مجرد نص أدبي مثل الرواية، فهو لا يتحقق إلا من خلال العرض، أي يكون هناك إخراج وملابس وموسيقى وإضاءة وجمهور وتذاكر ومسرح وميزانية، والميزانية تستلزم أن يكون هناك راع لهذا الفن الذي يتكلف ميزانية معينة مثل السينما ولكن السينما لأن بها عنصرا تجاريا فتجد بسهولة من يمول نشاطها بهدف الربح وهناك نماذج كثيرة لأفلام تزاوج بين القيمة الفنية والرواج التجاري”، لافتا إلى أن الباحث في تاريخ المسرح المصري يجده في كتابات توفيق الحكيم ويوسف إدريس وعلي سالم وكل الكتاب أصحاب الرصيد في الجانب الأدبي، فالمسرح يحتاج إلى راع والراعي الأمثل للمسرح الجاد هو الدولة.

 تشجيع القطاع الخاص لدخول عالم المسرح

وأكد أن النهضة المسرحية في ستينيات القرن الماضي، وهذه النهضة المسرحية هي التي يضرب بها المثل حتى الوقت الحالي، داعيا إلى تشجيع القطاع الخاص للدخول إلى عالم المسرح.وعن رؤيته لمدى الاستفادة من إرث نجيب محفوظ، قال الكاتب الكبير:” لم تتم الاستفادة الكاملة من إرث نجيب محفوظ فهو لم يحتج لنا لأنه حصد أعلى الجوائز في العالم وكتبه مترجمة إلى جميع لغات العالم ولكن نحن الذين نحتاج إلى نجيب محفوظ لندرك قيمتنا وهويتنا ولنواجه به العالم كأحد المفاخر المصرية وهذا يستدعي أن نحيي تراثه مثلما يفعل الأجانب مع كبار كتابهم، ولكننا مقصرون في حق نجيب محفوظ، وطه حسين والعقاد فهؤلاء مفاخرنا الحقيقيون ويجب أن نحافظ على تراثنا الحديث الحي”.وعن دور المثقف، قال سلماوي إن دوره يقول الحق وأن يبشر بما يرى ويحذر بما يخشى لأنه في وضع يجعله يرى ما لا يراه الآخرون، فالصحفي على سبيل المثال يرى ما يحدث اليوم فهو يكتب لجريدته ما يحدث اليوم ولا يتنبأ بما سيحدث بعد عشر سنوات ولا يكتب عن ما حدث بالأمس فهذا تاريخ ولكنه يكتب عن (الآنية وهي المعيار الحقيقي للصحافة) والإنسان العادي، أما الأديب فينظر للأمور بنظرة عميقة وثاقبة ومن منظوره العلوي الشامل ومن هنا كانت التنبؤات التي تأتي في الأدب والتحليل الحقيقي للواقع الذي يحيط بنا ومن ثم الرؤية السليمة لتاريخنا حين يعالجه الأديب في رواية أو مسرحية أو غير ذلك.وحول تجاربه الصحفية في الأهرام خاصة فيما يتعلق بإصدار المؤسسة بالإنجليزية والفرنسية، أكد أنها كانت تجربة متميزة لأنه لأول مرة نحاول أن نصل صوتنا إلى العالم الخارجي وبخلاف التجارب السابقة سواء من خلال جرائد كانت موجودة بشكل متواضع من قبل أو من خلال برامج تليفزيونية تُبث باللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو غير ذلك لكن اكتشفنا أن الوصول للعالم الخارجي لا يكون فقط بأن نترجم خطابنا من العربية إلى الإنجليزية فالمسألة ليست مسألة مفردات تترجم ولكن الأمر يتعلق بمفهوم ورؤية مختلفة تماما في الغرب عن رؤيتنا في الشرق”.وتحدث عن تجربته في رئاسة اتحادات كتاب مصر والعرب والآفرو آسيان، قائلا:” شرفت بانتخابي رئيسا لاتحاد كتاب مصر لعدة دورات متتالية وكرمني زملائي بأنهم كانوا يمنحوني أعلى الأصوات في كل انتخابات خضتها وأهلني لهذا بعض الخبرات النقابية التي اكتسبتها من خلال انتخابي عضوا بمجلس نقابة الصحفيين، وكنت مسؤولا عن اللجنة الثقافية فكانت فترة تأهيلية لرئاسة اتحاد كتاب مصر، ونجحت بمعاونة زملائي أن ننهض بالاتحاد ماديا ومعنويا وثقافيا، ضاعفنا ميزانية الاتحاد عدة مرات وأنشأنا مقرا للمؤتمرات في أحد المباني التاريخية بالقلعة، نظمنا أنشطة ثقافية، دعونا عددا كبيرا من الكتاب الأجانب مثل باولو كويلو وغيره.وعن علاقته بالكاتبين الكبيرين نجيب محفوظ ومحمد حسنين هيكل، قال سلماوي،: كنت سعيد الحظ باقترابي من عدد كبير من الشخصيات التي تمثل قيمة فريدة في تاريخنا من نجيب محفوظ لمحمد حسنين هيكل لتوفيق الحكيم ليوسف إدريس لأستاذي في الجامعة وأستاذ الأدب الإنجليزي رشاد رشدي، وبالنسبة لمحمد حسنين هيكل فأنا مدين له بتكويني الصحفي لأنني انتقلت إلى الأهرام من الجامعة، حيث كنت معيدا في الجامعة أُدرس الأدب الإنجليزي ولم أمارس الصحافة”.وأردف:” من أساتذتي الذين تعلمت منهم الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، والذي كنت اعتز به وأؤمن به وبكلامه وقدراته التحليلية الرصينة، وفي المسرح توفيق الحكيم كانت له مكانة خاصة لدي ككاتب عبقري رغم اختلاف الرؤى بيننا وكذلك نجيب محفوظ، الذي عندما اختارني للكتابة نيابة عنه حديثه الأسبوعي لمدة 12 عاما سألته /لماذا أنا / للقيام بهذه المهمة قال لي “لأننا مختلفين أنت ابن ثورة 23 يوليو وأنا ابن ثورة 19، أنا كاتب روائي وأنت في الأساس كاتب مسرحي أنا أنتمي لجيل غير جيلك فالحوار بيننا يكون ثريا وبه اختلاف ولغة حوار”. 

الأمير الصغير

وبشأن ترجمته لرواية “الأمير الصغير” درة أعمال الفرنسي أنطوان دو سانت أكزوبيري، أكد سلماوي، أن هناك بعض الكتب التي أثرت في الأدب العالمي، منها رواية “الأمير الصغير” ويقال إنها باعت ما لم تبعه أي رواية أخرى في التاريخ الإنساني ووجدت أن أحداث هذه الرواية نابعة من مصر فترجمتها وكتبت لها مقدمة.وعن كثير من المخاوف التي ترتبط بكتابة الأدباء لسيرهم الذاتية، قال: لم أكن أنتوى كتابة سيرتي الذاتية لكن جريدة الأهرام كانت تحتفي بذكرى مرور 135 على صدورها فطلبوا مني كتابة صفحة كاملة عن الدور السادس بالجريدة لأنني كنت على علاقة جيدة بسكان هذا الدور توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وزكي نجيب محمود وبنت الشاطىء ولويس عوض ولطفي الخولي فكتبت تأريخا لهذا الدور وهؤلاء السكان وعلاقتي بهم فطلبت مني دار الكرمة أن أكتب مذكراتي فبدأت أكتبها والتزمت فيها بعدة معايير أولها الدقة فيما أقوله فلم أذكر واقعة بدون دليل أو مستند أو صورة فوتوغرافية، والثاني التواضع فيما أذكره من مواقف فأسلوب السرد كان فيه قدر من السخرية من الذات في بعض المواقف، والمعيار الثالث كان الصدق مع النفس في كل ما أقوله وأعتقد أن هذه المعايير كانت هي السبب في نجاح المذكرات، فضلا عن أنني وجدت العنوان البليغ الذي يعبر عن هذه المعايير وخاصة عنصر التواضع وهو عنوان “يوما أو بعض يوم”، وهو ما يعنى الحياة الطويلة التي اسرد تفاصيلها ما هي في النهاية عند الله إلا يوم أو بعض يوم.وعن طقوسه الخاصة في الكتابة، أوضح  الأديب الكبيرأن الكتابة عملية تركيز وليست تغييب، ليس لدي طقوس لكن متطلبات معينة، فلابد من الجلوس على مكتبي في هدوء وأن يكون المكتب مرتبا، أكون وحدي وفي صمت، وأفضل الليل للكتابة.