طرق تناول الطعام بشكل آمن!

لا يختلف اثنان على أن سلامة الغذاء الذي نأكله ونقدمه بأيدينا لأطفالنا هو الهم الأكبر والمسئولية الاساسية لأي أسرة مصرية، وهو بالقطع أحد أهم الملفات التي تشغل تفكير المواطن يوميًا، ليس فقط في كيفية توفيره، ولكن ايضا في جودته خصوصًا في ظل كثرة التحذيرات الطبية وتزايد القلق العام من مكونات المنتجات الغذائية المتداولة، والتي تزيد مخاطرها مع كل تطور
في كل مرة نذهب فيها الى المتاجر لشراء احتياجاتنا اليومية، يبدأ ماراثون سريع من الفحص والتدقيق ، نبحث بعناية عن تاريخ الإنتاج والانتهاء، نتفحص المكونات المدونة على الأغلفة، ونبحث عن مدى ملاءمة هذا المنتج لأطفالنا، وهل يحتوي على مواد حافظة ؟ وهل ما كتب عليه “بدون مواد حافظة” بالفعل يعني أنه آمن؟ تلك الأسئلة لا تأتي من فراغ، بل من تجارب متراكمة، ومن تقارير كثيرة نقرأها ونسمعها تحذر من أصناف معينة، أو تنصح بالابتعاد عن أخرى.
تتزايد التساؤلات حين نقرأ عبارة “مدة صلاحية طويلة تصل الى 6 أشهر أو أكثر” على عبوة زبادي أو حلوى، ونتسائل: كيف يمكن لمنتج ألبان أن يظل صالحًا لهذه المدة دون مواد حافظة؟ كيف تظل قطع البسكويت طازجة لأشهر دون أن تفسد؟ وهل فعلًا تلك المنتجات آمنة تمامًا للاستهلاك الآدمي؟ وماذا عن كمية السكر أو الدهون المشبعة؟ تساؤلات كثيرة تتدفق في أذهاننا، خصوصًا حين تتعارض المعلومات التجارية مع النصائح الطبية والصحية التي تحاصرنا كل لحظة من خلال وسائل التواصل المتعددة وهى متاحة الان في يد كل منا من خلال جهاز الموبيل.
و التحذير من تناول الأجبان المصنوعة من الدهون النباتية، والتي لا تخلو أي شركة ألبان من إنتاجه، كونه الأرخص ثمنًا والأكثر طلبًا من شريحة واسعة من الناس، ايضا هناك انواع اخرى من النوديلز المصنعة والتى تتردد اقاويل كثيرة عن مخاطرة، الى جانب الانواع المتعددة من مصنعات البطاطس وبعض مشروبات الطاقة ؟
والسؤال الاهم اذا كانت تلك المنتجات تضدر بالصحة العامة للمواطنين، فكيف تسمح الدولة بتصنيعها وتداولها في الاسواق
وهنا يطرح سؤال أخر حول فاعلية الرقابة على تلك وقدرتها على ضبط السوق، وهنا تبدأ رحلة التساؤل الأهم: من المسؤول عن سلامة الغذاء في مصر؟ وما الجهات التي تراقب ما نأكله؟ وما التحديات التي تواجه هذه الجهات في ظل سوق يزداد تنوعًا وتشابكًا كل يوم؟الحقيقة ان في مصر، منظومة رقابية متعددة الأطراف تتعاون فيما بينها، كل حسب اختصاصه، لضمان وصول غذاء آمن للمستهلك. وتأتي في مقدمة هذه الجهات الهيئة القومية لسلامة الغذاء، التي تأسست عام 2017، لتكون الكيان الموحد والمركزي المسؤول عن وضع المعايير الفنية، ومراقبة مراحل تداول الغذاء، وسحب العينات، وتسجيل المنشآت الغذائية، وذلك بعد سنوات من تشتت المسؤوليات بين وزارات متعددة. كما تلعب الهيئة العامة للخدمات البيطرية دورًا محوريًا في مراقبة اللحوم ومنتجات الألبان ذات الأصل الحيواني، بداية من المجازر وحتى التوزيع.
ولا يمكن تجاهل دور وزارة الصحة والسكان، وخاصة قطاع الطب الوقائي، الذي يتابع المنشآت الغذائية في المطاعم والمقاهي ويشرف على سلامة العاملين فيها. ايضا وزارة التموين لها دور في رقابة جودة المنتجات المدعمة، وتلاحق الغش التجاري.
أما وزارة الزراعة فتتولى مراقبة استخدام المبيدات والأسمدة في الإنتاج النباتي، لضمان أن تكون الخضروات والفواكه آمنة وخالية من الملوثات، ويكمل جهاز حماية المستهلك هذه المنظومة من خلال تلقي شكاوى المواطنين والتنسيق مع باقي الجهات لاتخاذ إجراءات سريعة.
ورغم هذا التعدد في الجهات الرقابية، إلا أن التساؤلات ما زالت قائمة، فهناك تداخل واضح في الاختصاصات أحيانًا، مما يؤدي إلى ازدواجية في القرارات وتحمل المسئولية .
إضافة إلى ذلك، تعاني بعض الجهات من نقص في الكوادر المدربة القادرة على التعامل مع المخاطر الحديثة، وضعف في البنية التحتية، خاصة في المحافظات البعيدة التي تفتقر إلى معامل فحص وتحليل متطورة.
ويأتي التحدي الأكبر من الأسواق العشوائية، التي تنتشر فيها منتجات مجهولة المصدر بلا رقابة فعلية، كما أن غياب وعي المستهلك، وعدم إدراكه لأهمية قراءة المكونات أو فهم التحذيرات والبحث عن المنتجات الارخص سعرا، يضيف عبئًا آخر على مؤسسات الدولة.
اخيرا سلامة الغذاء ليست مسؤولية الدولة وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة تبدأ من المصنع وتنتهي عند يد المستهلك.