واشنطن بوست: ترامب يخطط لممارسة الضغط على جنوب أفريقيا بخصوص ‘خطاب الإبادة الجماعية’

أفادت صحيفة واشنطن بوست، بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتزم، خلال لقائه المرتقب اليوم الأربعاء، مع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، ممارسة ضغوط بشأن معاملة جنوب أفريقيا للأقلية البيضاء من أصول أفريكانية، في خطوة من المرجح أن تؤدي إلى تصعيد التوتر القائم بين البلدين رغم الطابع الرسمي للزيارة التي يُفترض أن تركز على التجارة.
أجندة سياسية مثيرة للجدل
وبحسب مسؤول في البيت الأبيض تحدث للصحيفة – شرط عدم كشف هويته – فإن ترامب سيستخدم اللقاء لإثارة قضايا تتعلق بـ”خطاب الإبادة الجماعية” المزعوم في جنوب أفريقيا، إلى جانب مطالبته بإعفاء الشركات الأمريكية من القوانين التي تلزمها بالمشاركة في برامج التمكين الاقتصادي للسود، والتي تعد جزءًا من جهود إصلاح إرث الفصل العنصري.وتأتي هذه التحركات في أعقاب سلسلة قرارات اتخذتها إدارة ترامب مؤخرًا، تضمنت خفض المساعدات الأمريكية لجنوب أفريقيا، وطرد السفير الجنوب أفريقي، واستقبال نحو 50 من المزارعين البيض كلاجئين إنسانيين، في إجراء أثار انتقادات واسعة، لا سيما أنه لم يطبق على مجموعات مضطهدة أخرى حول العالم.
رامافوزا متفائل.. ولكن
في المقابل، أبدى الرئيس رامافوزا تفاؤله حيال زيارته للبيت الأبيض، مؤكدًا للصحفيين خارج سفارة بلاده في واشنطن أن العلاقات التجارية “هي الأهم”، وأن بلاده تسعى إلى “اتفاق تجاري جيد يعزز الشراكة بين البلدين”.غير أن مكتبه وفق واشنطن بوست لم يعلق على نية ترامب طرح ملف الأفريكانيين خلال اللقاء، رغم تصريحات سابقة لرامافوزا نفى فيها وجود إبادة جماعية أو اضطهاد منهجي بحق البيض، معتبرًا أن “القصص المتداولة كاذبة ولا تعكس هوية جنوب أفريقيا”، وأضاف: “إذا طُرحت هذه المسألة، فسنوضح موقفنا بجلاء”.
خلفيات تاريخية وقانون مثير للجدل
تركز انتقادات إدارة ترامب على قانون جنوب أفريقي جديد يتيح للحكومة مصادرة الأراضي في ظروف استثنائية دون تعويض، كجزء من عملية إعادة توزيع الأراضي لمعالجة التفاوتات التاريخية. ورغم تطمينات حكومة بريتوريا بأن الإجراء ليس أداة للاستيلاء على ممتلكات البيض، فإن بعض المنظمات الأفريكانية تعتبره تهديدًا مباشرًا لمصالحها.وتشير مراجعة حكومية للأراضي عام 2017 إلى أن نحو 7% فقط من سكان البلاد البيض يملكون قرابة 75% من الأراضي الزراعية الخاصة.
إجراءات ترامب وتحركات ماسك
ورغم نفي حكومة جنوب أفريقيا تنفيذ أي مصادرة حتى الآن، أوقف ترامب المساعدات الأميركية في فبراير، وطلب إعداد خطة لتوطين الأفريكانيين في الولايات المتحدة، مكررًا مزاعم بوجود “تمييز ترعاه الدولة” ضد البيض.ويأتي هذا التوجه مدعومًا من مستشاره الملياردير إيلون ماسك، المولود في جنوب أفريقيا، والذي يتهم علنًا سلطات بلاده بـ”التمييز ضد غير السود”، خاصة في ظل العقبات التي تواجه شركته “ستارلينك” للحصول على ترخيص في جنوب أفريقيا بسبب متطلبات التمكين الاقتصادي للسود التي تُلزم الشركات الأجنبية بتخصيص 30% من أسهمها لمواطنين سود.وقال ماسك عبر منصة X: “على الرغم من أنني وُلدت في جنوب أفريقيا، إلا أن الحكومة لن تمنح Starlink ترخيصًا للعمل فقط لأنني لست أسود البشرة. هذا عار على إرث مانديلا”.وردّ عليه مسؤولون جنوب أفارقة بالنفي، مؤكدين أن القانون لا يتعلق بلون البشرة بل بالامتثال للقوانين المحلية.
انتقادات داخلية وتشكيك في النواياالتحركات الأمريكية أثارت انتقادات في الداخل الأمريكي أيضًا، وقد تسائل السيناتور الديمقراطي تيم كين عما إذا كان الأفريكانيون أكثر اضطهادًا من الروهينجا أو الأويجور أو المعارضين السياسيين في بلدان أخرى. وعلق وزير الخارجية ماركو روبيو بأن “أولويات السياسة الخارجية لا تشترط الإنصاف، بل خدمة المصالح الأمريكية”.ويرى البيت الأبيض، أن دعم البيض في جنوب أفريقيا قد يسهم في استقرار الاقتصاد المحلي وتحفيز الاستثمارات الأمريكية، إذ تلزم القوانين الحالية الشركات الأمريكية بإعطاء الأفضلية للمواطنين السود، وهو ما تعتبره إدارة ترامب “عقبة أمام الاستثمار”.مراقبة مشددة لنتائج اللقاءويلتقي رامافوزا ترامب في ظل مشهد معقد تحكمه ملفات شائكة تتداخل فيها السياسة بالاقتصاد والتاريخ. وتشير المعطيات إلى أن اللقاء قد يتجاوز الأطر البروتوكولية ليفتح جراحًا سياسية وعرقية قديمة، وسط تساؤلات بشأن قدرة الطرفين على تجاوز الخلافات وتحقيق تقارب حقيقي يخدم المصالح المشتركة.