خطوات تقليل التضخم

يتابع الرئيس عبدالفتاح السيسى، بانتظام، مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، وحسن عبدالله، محافظ البنك المركزى، إجراءات خفض التضخم، ما يعكس أولوية الدولة القصوى لهذه القضية الحيوية. تأتى هذه المتابعة فى ظل التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، وتهدف إلى ضمان تنسيق السياسات النقدية والمالية. ويشدد الرئيس السيسى على ضرورة حماية الطبقات الأكثر تضررًا من ارتفاع الأسعار، مع التأكيد على أهمية تحفيز الإنتاج المحلى وجذب الاستثمارات لتعزيز استقرار الأسواق وتحقيق التنمية المستدامة.هناك حرص كبير من الدولة المصرية، فى ظل ما يشهده العالم من تحديات إقليمية ودولية متسارعة، على تبنى سياسات اقتصادية حازمة ومرنة تهدف فى المقام الأول إلى خفض معدلات التضخم. وذلك إدراكًا منها لخطورة هذه الظاهرة على استقرار الاقتصاد الكلى ومستوى معيشة المواطنين. فمنذ تفشى جائحة كورونا، وما تبعها من اضطرابات فى سلاسل الإمداد العالمية، ثم الأزمة الروسية- الأوكرانية وتداعياتها على أسعار الطاقة والغذاء، وصولًا إلى التوترات فى المنطقة، واجهت مصر تحديات اقتصادية غير مسبوقة تطلبت استجابات سريعة وفعالة. ولقد اتخذت الحكومة والبنك المركزى حزمة من الإجراءات المتكاملة لمواجهة هذه التحديات، كان أبرزها رفع أسعار الفائدة بشكل متتالٍ. هذا الإجراء على الرغم من تأثيره المحتمل على تكلفة الاقتراض والاستثمار، فإنه يعد أداة أساسية للسيطرة على المعروض النقدى وامتصاص السيولة الزائدة فى الأسواق، وبالتالى كبح جماح التضخم الناتج عن زيادة الطلب. كما أن التحرير المرن لسعر الصرف كان خطوة ضرورية لتعزيز قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات الخارجية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتصحيح الاختلالات الهيكلية فى الميزان التجارى، ما يسهم على المدى الطويل فى استقرار الأسعار وتقليل الضغوط التضخمية المستوردة.ولم تقتصر جهود الدولة على السياسات النقدية، بل امتدت لتشمل حزمة من الإصلاحات الهيكلية التى تستهدف زيادة الإنتاج المحلى وتحسين مناخ الاستثمار وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية. فمن خلال مبادرات دعم الصناعة المحلية والزراعة تسعى الدولة إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد، وبالتالى تخفيف الضغوط على العملة المحلية والحد من التضخم المستورد. كما أن برامج الحماية الاجتماعية التى نفذتها الحكومة، مثل زيادة المعاشات والحد الأدنى للأجور وتقديم الدعم النقدى لبعض الفئات، تأتى فى إطار حرص الدولة على التخفيف من حدة تداعيات التضخم على الطبقات الأكثر احتياجًا، وضمان استمرار القدرة الشرائية للمواطنين فى ظل ارتفاع الأسعار. هذه البرامج لا تقل أهمية عن السياسات النقدية والمالية فى تعزيز الاستقرار الاجتماعى ودعم جهود التنمية الشاملة.وتتضافر هذه الجهود مع سعى الدولة الحثيث لتعزيز الشراكات الدولية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، التى تُعد رافدًا مهمًا للنقد الأجنبى، وتسهم فى زيادة الإنتاج وتوفير فرص العمل، ما ينعكس إيجابًا على استقرار الأسعار.كما أن مصر تعمل على تنويع مصادر دخلها من العملات الأجنبية من خلال تعزيز قطاع السياحة، وتنمية قناة السويس، وزيادة الصادرات غير البترولية. هذه الاستراتيجيات طويلة الأجل تهدف إلى بناء اقتصاد أكثر مرونة وقدرة على مواجهة الصدمات المستقبلية، وتقليل الاعتماد على مصدر واحد للدخل، ما يسهم بشكل مباشر فى استقرار سعر الصرف، وبالتالى التحكم فى التضخم. أما السياق الإقليمى والدولى الراهن، الذى يتسم بعدم اليقين والتقلبات الحادة، فتواصل الدولة المصرية إعطاء الأولوية القصوى لخفض معدلات التضخم. إن التزام الحكومة والبنك المركزى بضبط السياسة النقدية والمالية، إلى جانب تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، يعكس إصرارًا على تحقيق الاستقرار الاقتصادى المنشود، ومع ذلك فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب استمرار التنسيق بين جميع الجهات المعنية، ووعى المواطنين بأهمية ترشيد الاستهلاك، وثقة مجتمع الأعمال فى قدرة الدولة على تجاوز التحديات الحالية. إن خفض التضخم ليس مجرد هدف اقتصادى بحت، بل ضرورة حتمية لضمان تحسين مستويات المعيشة، وتعزيز تنافسية الاقتصاد، وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار المحلى والأجنبى، ما يضع مصر على مسار النمو المستدام والشامل.