استعادة النظام المدرسي

أوشك العام الدراسى على الانتهاء فى ظل أجواء الامتحانات التى تجرى حاليًا داخل المدارس. وفى الحقيقة فإن هذا العام الدراسى شهد أمرًا لا يمكن إغفاله أو تجاهله، وهو عودة الانضباط إلى المدارس بشكل لم يسبق له مثيل منذ عدة عقود من الزمان، فقد انتظم المعلمون والتلاميذ داخل المدارس بشكل واضح وظاهر، والحقيقة أن محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم كان وراء هذا المشهد الرائع الذى شهدته المدارس على مستوى الجمهورية.ورغم الحرب الشعواء التى نالت الوزير منذ توليه حقيبة التربيه والتعليم، فإنه من اللافت للأنظار أن الوزير لم يلتفت إلى هذه الحرب، وراح ينفذ أجندته المهمة والبالغة الضرورة، وهى عودة الانضباط إلى صفوف المدارس. ويتبقى على الوزير دور آخر أكثر خطورة وأهمية وهو إجراء التعديلات اللازمة فى المناهج الدراسية التى عفا عليها الزمن، إضافة إلى المزيد من التدريبات المستمرة والدورات المكثفة لكل المعلمين الذين يقومون بعملية التدريس داخل المدارس. وأعتقد أن هذه هى الخطوة المقبلة بعد عودة الانضباط بهذا الشكل الواضح والظاهر.لقد كانت عودة الانضباط للمدارس، تحت قيادة الوزير محمد عبداللطيف، بمثابة نقطة تحول حقيقية أعادت للمؤسسة التعليمية هيبتها ومكانتها المرموقة، فبعد سنوات من التراخى والتساهل الذى أثر سلبًا على العملية التعليمية برمتها، أصبح من الضرورى اتخاذ خطوات جادة وحاسمة لاستعادة النظام والقيم الأساسية التى يقوم عليها التعليم. إن المدارس، بطبيعتها ليست مجرد أماكن لتلقى المعرفة الأكاديمية، بل هى حاضنات لتشكيل الأجيال وتنمية شخصياتها. وإذا غاب الانضباط تنهار هذه المنظومة بأكملها، فبدون قواعد واضحة وحدود صارمة، يتحول النظام التعليمى إلى فوضى تعوق التعلم، وتؤثر على سلوكيات الطلاب داخل وخارج أسوار المدرسة. إن طلاب المدارس فى هذه المرحلة العمرية بحاجة ماسة إلى إطار منظم يوجههم ويعلمهم المسئولية واحترام الآخرين، وهذا هو جوهر الانضباط.لقد تجلت جهود الوزير محمد عبداللطيف فى إعادة الانضباط عبر عدة محاور رئيسية، بدأت بالتشديد على حضور الطلاب والمعلمين فى المواعيد المحددة، وهو ما يمثل حجر الزاوية فى أى بيئة تعليمية فعالة، فالغياب المتكرر سواء من الطلاب أو المعلمين، يقوض سير العملية التعليمية ويؤدى إلى فجوات فى المناهج والمعارف.ولم يقتصر الأمر على الحضور فقط، بل امتد ليشمل السلوكيات العامة داخل المدرسة، فتم وضع ضوابط صارمة للتعامل مع المشاكل السلوكية، مثل التنمر والعنف وعدم احترام القواعد، وقد تضمن ذلك تفعيل دور الإخصائى الاجتماعى والنفسى فى المدارس للتعامل مع هذه المشكلات بشكل منهجى ومستمر، وتقديم الدعم للطلاب والمعلمين.كذلك تم التركيز على الانضباط الأكاديمى، من خلال التأكيد على أهمية أداء الواجبات والمشاركة الصفية والالتزام بالمناهج المقررة، وهذا أسهم فى رفع مستوى التحصيل الدراسى لدى الطلاب، وهناك جهود مضنية لتقليل ظاهرة الدروس الخصوصية التى أصبحت عبئًا على الأسر ومنافسة للمدرسة.إن تطبيق هذه الإجراءات لم يكن سهلًا بالطبع، فقد واجه بعض المقاومة فى البداية، سواء من بعض الطلاب الذين اعتادوا على قدر أكبر من التساهل، أو من أولياء الأمور الذين لم يعتادوا على هذا القدر من الحزم، ولكن رؤية الوزير كانت واضحة وثابتة. إن مستقبل التعليم يعتمد على أساس قوى من الانضباط، ومع استمرار تطبيق هذه السياسات بدأت النتائج الإيجابية تظهر بوضوح، فالمشهد العام للمدارس تغير، وأصبحت أكثر هدوءًا وتنظيمًا، وارتفعت مستويات التركيز لدى الطلاب، ما انعكس على تحصيلهم الدراسى، كما أن العلاقة بين الطلاب والمعلمين تحسنت، فالاحترام المتبادل أصبح هو السائد، وقد لاحظ أولياء الأمور أن أبناءهم أصبحوا أكثر التزامًا وتحملًا للمسئولية، ليس فقط داخل المدرسة بل فى حياتهم اليومية أيضًا. إن هذه النتائج تؤكد أن الانضباط ليس قيدًا على الحرية، بل هو أساس للتقدم والنجاح، ويمنح الطلاب الأدوات اللازمة للنمو والتطور فى بيئة صحية ومنظمة، ما يعدهم للمستقبل بشكل أفضل.