ما هي أهداف إسرائيل من غزة؟

سؤال جوهري: ماذا تريد إسرائيل من غزة؟ هل الهدف هو القضاء على المقاومة، أم تفريغ الأرض من سكانها؟ وبينما تُستخدم قضية الرهائن كورقة ضغط في ساحة الصراع، تظهر “معضلة السلطة والرهائن”: من يدفع الثمن الحقيقي لطموحات نتنياهو السياسية؟ تتعدد العناوين التي تحاول توصيف المشهد، لكنها جميعًا تلتقي عند حقيقة واحدة: ما يجري في غزة يتجاوز مجرد مواجهة عسكرية، ليكشف عن صراع أعمق على الهوية والسيادة والوجود. فـ”غزة بين فكيّ الطمع والسلطة” لم يعد مجرد عنوانًا إعلاميًا، بل واقعًا يوميًا تؤكده مشاهد الدمار الشامل واستهداف البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين. وفي الخلفية، تتبدى ملامح “حرب نتنياهو الخفية”، التي تُخاض على أنقاض غزة لخدمة أهداف سياسية داخلية، وسط ائتلاف حكومي هش ومعارضة آخذة في التصاعد. في هذه المعادلة القاسية، نجد “أرضًا تقاوم وشعبًا يُعاقب”. وسط القصف المتواصل والتقدم الميداني، تبرز تساؤلات مقلقة بشأن مستقبل القطاع. ثمة مؤشرات على سيناريوهات محتملة لتقسيم غزة إلى مناطق نفوذ، أو إقامة “مناطق آمنة” تحت إشراف إقليمي أو دولي. مثل هذه التحركات قد تمهّد لفصل غزة عن الضفة الغربية سياسيًا وجغرافيًا، في إطار مشروع إسرائيلي قديم يستهدف ضرب وحدة المشروع الوطني الفلسطيني من الداخل. ورغم أن الخطاب الإسرائيلي الرسمي يركّز على استهداف الفصائل المسلحة، فإن حجم الدمار وعدد الضحايا المدنيين يكشف عن استراتيجية أوسع. فالحرب تتجاوز أهدافها العسكرية لتصبح أداة لإعادة ترتيب الواقع الفلسطيني، وفرض شروط جديدة على أي تسوية مستقبلية، إلى جانب توظيفها لتغطية الأزمات السياسية التي تعصف بالمشهد الداخلي الإسرائيلي. في هذا السياق، كشف استطلاع للرأي أجرته القناة 12 الإسرائيلية أن 55% من الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو يواصل الحرب من أجل البقاء في السلطة، مقابل 36% يرون أن هدفه الأساسي هو استعادة الرهائن. كما أظهر الاستطلاع أن 53% من المشاركين يرجعون فشل صفقة التبادل إلى دوافع سياسية، بينما قال 62% إنهم لم يقتنعوا بتبريرات نتنياهو خلال مؤتمره الصحفي الأخير. هذه الأرقام تعكس تآكل الثقة في القيادة الإسرائيلية، وتؤكد أن شريحة واسعة من الرأي العام باتت ترى أن الحرب تُدار لخدمة مصالح شخصية، وليست مدفوعة فقط باعتبارات أمنية أو عسكرية. وبهذا، يجد نتنياهو نفسه عالقًا بين ضغط دولي متصاعد يطالب بوقف الحرب، وخوف داخلي من أن أي تنازل قد يُفقده دعم ائتلافه ويُعجّل بنهاية مستقبله السياسي. ما يجري في غزة لا يمكن اختزاله بأنه “حرب ضد حماس”، بل هو جزء من محاولة أوسع لإعادة تشكيل الواقع الفلسطيني. فالعدوان لا يستهدف تقويض المقاومة فحسب، بل يسعى إلى فرض واقع جديد يخدم رؤية إسرائيلية طويلة الأمد. وفي هذا المشهد، يبقى الشعب الفلسطيني هو الخاسر الأكبر، بين القصف والدمار والتهجير، في حرب تتجاوز كل الأعراف الإنسانية والأخلاقية. غزة قد تكون البداية، لا النهاية؛ مشروع لا يستهدف القطاع وحده، بل يمتد إلى عمق القضية الفلسطينية كلها.