خطة إنقاذ الجار: الليبيون يرون أن الحل يكمن في تطبيق “مبادرة القاهرة” لتوحيد الجيش.

خطة إنقاذ الجار: الليبيون يرون أن الحل يكمن في تطبيق “مبادرة القاهرة” لتوحيد الجيش.

– الميليشيات المسلحة لا تريد استقرارًا فالفوضى تُمكنها من استمرار نهب مقدرات البلاد- المفوضية العليا للانتخابات لا يمكنها العمل بحرية أو حيادية وهى تحت قبضة المجموعات المسلحةتشهد ليبيا مرحلة حرجة ومفصلية فى تاريخها السياسى، وسط تداخل التحديات الأمنية والسياسية، الذى يعوق مسار الانتقال الديمقراطى الذى ينتظره الليبيون منذ سنوات طويلة. فبعد أكثر من عقد على سقوط نظام «القذافى»، لا تزال البلاد تعانى من انقسامات عميقة بين مؤسسات الدولة المتناحرة، وصراعات بين «حكومتين»، ما أدى إلى شلل سياسى وأمنى يهدد استقرار ومستقبل ليبيا. وتشهد طرابلس منذ فترة اشتباكات مسلحة عنيفة بين فصائل متعددة، ما أضاف بُعدًا جديدًا للأزمة، وأثار دعوات متزايدة لإقالة حكومة عبدالحميد الدبيبة، التى تواجه انتقادات حادة بعد فشلها فى تحقيق الأمن والاستقرار، خاصة مع تزامن هذه الاشتباكات مع جدل محتدم حول شرعية الحكومة الحالية، ومطالبة عدد من الأطراف السياسية والمجتمعية بانتخاب أخرى جديدة تكون مسئولة عن إعادة ترتيب الأولويات، وتحقيق الأمن، والإعداد الجدى للانتخابات التى تأجلت أكثر من مرة. وأسهم تزايد نفوذ الميليشيات المسلحة، التى تستغل الفوضى لتكريس سيطرتها على مناطق واسعة من البلاد، فى جعل مهمة الانتقال إلى مرحلة جديدة أكثر تعقيدًا، ما أدى بدوره إلى زيادة إحباط المواطن الليبى من الوضع الراهن، لأنه يعيش بين تبعات الحرب الأهلية والصراعات السياسية، ما يستوجب قراءة متأنية للمشهد الليبى الحالى لفهم أسباب التعثر وآفاق الحلول الممكنة، نعرضها فى السطور التالية

عضو المجلس الانتقالى السابق.. خالد الترجمان: الميليشيات الإخوانية وراء الفشل فى إجراء الانتخابات

رأى خالد الترجمان، عضو المجلس الانتقالى الليبى السابق، أن تأجيل الانتخابات المتكرر لأكثر من عقد سبب رئيسى فى استمرار حالة الانقسام السياسى والاضطرابات الأمنية التى تعيشها ليبيا حتى اليوم. وأضاف «الترجمان»: «السبب الرئيسى وراء فشل إجراء الانتخابات فى ليبيا حتى الآن هو سيطرة الميليشيات المسلحة، وتحديدًا تلك التابعة لتنظيم (الإخوان)، على العاصمة طرابلس والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات».وواصل: «الواقع الذى نعيشه فى ليبيا هو أن العاصمة مختطفة من قِبل الجماعات المسلحة، وهؤلاء لا يريدون لليبيا أن تستقر، بل يريدون أن تبقى فوضى تمكنهم من الاستمرار فى سرقة ونهب مقدرات البلاد».وأكمل: «المفوضية العليا للانتخابات لا يمكنها العمل بحرية أو حيادية، وهى تحت قبضة هذه المجموعات. هذه المفوضية اليوم لا تمثل الشعب الليبى، بل تمثل توجهات من يسيطر على طرابلس، ولهذا لا يمكن الوثوق بنتائج أى عملية انتخابية تنظم تحت سطوة هؤلاء».وتابع: «تأجيل الانتخابات خلق حالة من الإحباط العام لدى المواطنين، الذين كانوا ينتظرون انتخابات حرة ونزيهة كفرصة حقيقية لتغيير المشهد السياسى، وتحقيق مطالبهم فى الاستقرار والتنمية. كما أن هذا التأجيل أدى إلى تقوية نفوذ الميليشيات والمصالح الفئوية التى تتغذى على الانقسام والفوضى، ما جعل من الصعب تحقيق أى تقدم ملموس فى المسار السياسى».وانتقد السياسى الليبيى بعض القوى الدولية، التى ما زالت تتعامل مع الأزمة الليبية من خلال مصالحها الخاصة، دون اعتبار لحجم المعاناة التى يعانيها المواطن الليبى، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع، مضيفًا: «الأجندات الخارجية، سواء كانت إقليمية أو دولية، تعمل أحيانًا على تعميق الانقسام بدلًا من المساعدة فى تسوية الأزمة، ما يزيد من معاناة الشعب».ودعا «الترجمان» إلى ضرورة العودة للشعب الليبى عبر صناديق الاقتراع، فى ظل أن الانتخابات الحل الوحيد الذى يمكن أن يعيد الشرعية للمؤسسات ويضع ليبيا على طريق الاستقرار، لافتًا فى هذا الإطار إلى أهمية وضع جدول زمنى واضح وملزم لجميع الأطراف لإجراء الانتخابات دون مزيد من التأجيل، محذرًا من مخاطر استمرار المماطلة وتأخير العملية الديمقراطية.وتطرق إلى مسألة تفكيك سلاح الميليشيات، قائلًا: «يجب أن يكون هذا الملف جزءًا لا يتجزأ من أى خطة وطنية للحل، مع التعاون الكامل بين الأجهزة الأمنية والجيش الوطنى، لأن ترك السلاح خارج سيطرة الدولة يمثل تهديدًا حقيقيًا للأمن القومى الليبى، ويعرقل أى جهود لبناء دولة مستقرة ذات مؤسسات قوية».وحذر من أن استمرار الوضع الحالى يؤدى إلى مزيد من الانقسامات والتوترات، مع احتمال تفجر نزاعات جديدة تزيد من معاناة المدنيين، داعيًا جميع الليبيين مرة أخرى إلى التضامن والعمل المشترك من أجل وطن يسع الجميع.وعاود «الترجمان» التشديد على أن ليبيا «لن ترى طريقها إلى الاستقرار إلا بعد حسم عسكرى ينهى هذه الفوضى، ويستعيد العاصمة من أيدى الجماعات الخارجة عن القانون»، مجددًا تأكيد أن «كل محاولات الحل السلمى فشلت، لأن (الإخوان) لا يريدون دولة، بل يريدون غنيمة».وأضاف: «الميليشيات المُسيطِرة على طرابلس لا تعترف إلا بمنطق القوة، واستغلت أدوات الدولة لإفشال كل المبادرات، وآخرها (مبادرة القاهرة) التى دعمت توحيد المؤسسة العسكرية. كما أن هذه الجماعات لا تؤمن بالديمقراطية، بل تستغلها للوصول ثم تلغيها، كما رأينا فى تجارب كثيرة».واختتم حديثه بالتأكيد أنه «لا يمكن للبعثة الأممية أن تتحدث عن انتخابات نزيهة، وهى تعلم أن المسلحين يفرضون قراراتهم على المفوضية بقوة السلاح».

مقرر عام حراك «لم الشمل».. مفتاح القيلوشى: لا مستقبل دون تفكيك القوى المسلحة غير النظامية 

رأى المهندس مفتاح القيلوشى، مقرر عام حراك «لم الشمل وتوحيد الصف الوطنى الليبى»، أنه لا مستقبل لليبيا دون تفكيك الميليشيات وتوحيد المؤسسات ووقف التدخلات الخارجية، مؤكدًا أن الوضع فى ليبيا بات لا يحتمل مزيدًا من الانقسام والتجاذبات السياسية.وقال إن استمرار حالة الانقسام المسلح والميليشياوى يجعل الحديث عن إجراء انتخابات حرة ونزيهة أمرًا بعيد المنال فى الوقت الحالى، مشيرًا إلى أن تفكيك الميليشيات هو الخطوة الأولى والأساسية التى يجب أن تسبق أى انتخابات، ومشددًا على أن وجود مجموعات مسلحة خارج إطار الدولة يخلق بيئة من الخوف وعدم الاستقرار السياسى، ويعرقل العملية الديمقراطية بشكل كبير.وأضاف: «لا يمكن أن تقام انتخابات تحت فوهات البنادق، فهذه ليست ديمقراطية وإنما استسلام للإرهاب الذى يفرض أجنداته على الشعب الليبى»، لافتًا إلى أن الميليشيات فى الغرب الليبى باتت تتحكم فى القرار السياسى والاقتصادى، وتمنع أى مسار إصلاحى حقيقى، وهو ما يشكل خطرًا على استقرار ووحدة ليبيا.وقال: «نحن لا نقبل استمرار هذه الفوضى تحت مسميات براقة كالتوافق والشراكة، فالاستقرار لن يتحقق دون نزع سلاح الميليشيات وتفكيكها، وإعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية»، مشددًا على «الحاجة إلى بناء دولة القانون والمؤسسات التى تحمى حقوق جميع الليبيين دون تمييز، وهذا يتطلب أولًا حل ملف الميليشيات المسلحة».وأشار إلى أن حراك «لم الشمل» الذى يقوده يهدف إلى توحيد مختلف الأطراف الليبية حول رؤية وطنية مشتركة تتضمن تفكيك الميليشيات، وضمان الأمن الشامل، ووضع قاعدة دستورية توافقية تضمن مشاركة جميع الليبيين، داعيًا الجهات الدولية الفاعلة إلى احترام إرادة الشعب الليبى وعدم فرض حلول جاهزة أو أجندات تخدم مصالحها الضيقة على حساب الأمن والاستقرار فى ليبيا.ولفت إلى أن «أغلب المبادرات الدولية فشلت، لأنها لم تنطلق من رحم الداخل الليبى، بل جاءت مفروضة أو منحازة لأطراف معينة»، مطالبًا المجتمع الدولى بـ«دعم إرادة الليبيين فى تقرير مصيرهم عبر انتخابات حرة ونزيهة».وشدد على أن الحل الحقيقى لا يمكن أن يأتى من الخارج، بل يجب أن ينبع من الداخل الليبى، عبر إرادة وطنية حقيقية تضع المصلحة العامة فوق كل الاعتبارات الشخصية أو الفئوية، وقال: «ليبيا تمتلك كل مقومات النجاح، لكنها بحاجة إلى قيادة واعية، لديها الشجاعة لتجاوز الخلافات، والالتزام بخارطة طريق واضحة تضمن وحدة البلاد وسيادتها».وأضاف: «نحن نرفض استمرار المراحل الانتقالية التى أنهكت البلاد، وندعو إلى وضع جدول زمنى ملزم للانتخابات، وإنهاء حالة التمديد للمجالس والهيئات التشريعية والتنفيذية التى فقدت شرعيتها».وأكد أهمية التوافق حول قاعدة دستورية تضمن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى أقرب وقت: «الانتخابات هى المخرج الوحيد من الأزمة، ولا بد من أن يترافق ذلك مع مصالحة وطنية شاملة تنهى عقود الانقسام وتعيد اللحمة بين أبناء الوطن الواحد».وشدد على ضرورة دعم المؤسسة العسكرية، بقيادة المشير خليفة حفتر، وكذلك دعم المؤسسات السيادية الموحدة، مضيفًا: «لا يمكن أن تستقيم الدولة دون جيش قوى يحمى الحدود والدستور، ومؤسسات موحدة تخدم كل الليبيين».

كاتبة وناشطة.. عفاف الفرجانى: الدولة رهينة المسلحين.. ونعيش فى ظل وجود حكومتين

اعتبرت الكاتبة والناشطة السياسية الليبية، عفاف الفرجانى، رئيس تحرير جريدة «الموقف الليبى»، أن الأزمة الليبية تعكس عمق الانقسام بين الشرعيات المتنافسة، التى أدت إلى حالة شلل مؤسساتى وأمنى خانق.وقالت «الفرجانى»: «نحن نعيش فى ظل وجود حكومتين متنازعتين، كل واحدة تدّعى الشرعية، ومجلسىّ نواب متضادين، ما جعل مؤسسات الدولة رهينة للصراعات السياسية والميليشيات المسلحة التى تحمى أجندات كل طرف». وأوضحت أن هذا الصراع لا يقتصر على المناصب والسلطة فقط، بل يمتد إلى مفهوم الدولة نفسها؛ إذ يحاول كل طرف فرض رؤيته التى تخدم مصالحه على حساب الوحدة الوطنية.ورأت أن الحديث عن انتخابات حاليًا ضرب من الخيال، لأنها لن تكون عادلة ولا شاملة فى ظل غياب اتفاق وطنى جامع، على حد قولها.وتابعت: «كل طرف يريد أن يجرى الانتخابات وفق قواعد تضمن له المكاسب السياسية، وبالتالى سيستبعد معارضيه، وهذا ما سيعمق الانقسام ويؤجل الحل».وأشارت إلى أهمية تأسيس إرادة وطنية جامعة، تُوقف الصراعات، وتضع دستورًا توافقيًا يعبر عن جميع الأطراف، ويؤسس لانتخابات موحدة تحظى بالقبول الوطنى والدولى.ولفتت إلى أن الحل لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إرادة وطنية جامعة تلتف حول دستور توافقى يُعبر عن تطلعات كل الليبيين، ويضع قواعد واضحة للانتخابات، مؤكدة أن «هذه الانتخابات يجب أن تكون خطوة نهائية فى خارطة الطريق، لا نقطة البداية».وأكدت أن تفكيك سلاح الميليشيات يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من هذه العملية السياسية، وإلا ستبقى ليبيا تحت وطأة الفوضى وعدم الاستقرار.كما نبهت إلى دور التدخلات الأجنبية التى، حسب قولها، تزيد الأزمة تعقيدًا بدلًا من حلها، داعية بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا إلى تكثيف جهودها والضغط على الأطراف الليبية للجلوس إلى طاولة الحوار الوطنى الحقيقى.وقالت: «المرأة الليبية لعبت دورًا مهمًا فى النضال من أجل الحرية وبناء المجتمع، لكنها لا تزال مستبعدة من مراكز القرار السياسى، وهذا ظلم يجب تصحيحه فى أى تسوية وطنية مقبلة». ودعت إلى تضمين تمثيل حقيقى وفاعل للمرأة والشباب فى كل مراحل الحل السياسى، بما يعكس تنوع المجتمع الليبى.