هل سيؤثر اغتيال محمد السنوار على مجريات الحرب في غزة؟ ومن سيكون الهدف القادم؟

في الأسبوع الماضي، نشرت قنوات تلفزيونية إسرائيلية بأنه تم العثور على جثة رئيس الذراع العسكري في حماس في القطاع محمد السنوار، في النفق الذي فجره سلاح الجو الإسرائيلي في خان يونس، بعد الهجوم على المستشفى الأوروبي، ونُشر ايضا بأنه قتل معه عشرة نشطاء من حماس، من بينهم محمد شبانة قائد اللواء القطري لحماس في رفح. يبلغ عمر محمد السنوار نحو خمسين عامًا، وكما هي الحال مع شقيقه يحيى ومحمد الضيف، وُلد محمد ونشأ في مخيم اللاجئين في خان يونس، وقاد جهود “حماس” في أوائل الألفية لاختطاف جنود إسرائيليين بهدف الإفراج عن أسرى فلسطينيين، وكان قائد العملية التي خُطف فيها جلعاد شاليط.لقد أدى إصرار محمد السنوار إلى الإفراج عن شقيقه يحيى، الذي كان معتقلًا في إسرائيل مدة 23 عامًا، وذلك في إطار صفقة شاليط، بعد خمس سنوات، ويُعتبر السنوار الأصغر شخصية قاسية، لكنه لم يكن مثل أخيه يحيي.
غموض حول اغتياله
حتى هذه اللحظة، امتنعت أجهزة الأمن الإسرائيلية عن تأكيد اغتياله، ولم تنشر حماس أيضًا تأكيدًا للاغتيال، إذ سبق واستخدمت إسرائيل أكثر من مرة وسائل إعلام خليجية من أجل “استيضاح” معلومات – أي نشر معلومات كان يصعب الإعلان عنها رسميا أو محاولة إجبار حماس على الاعتراف بالأمور التي حدثت، حماس في المقابل تفضل على الأغلب الحفاظ على ضبابية في الأخبار حول المس بقادتها، على الأقل لفترة معينة، فبعكس حزب الله، الذي يُعلن سريعًا خسائره، في حال مقتل أحد قادته، أو كبار ضباطه خلال الحرب، فإن “حماس” تعتمد نهج الغموض المتعمّد، حيث تمر أسابيع، وأحيانًا أشهر، قبل أن تعترف “حماس”، رسميًا، بمقتل قادة، مثل يحيى السنوار، أو محمد الضيف الذي اغتيل في يوليو من العام الماضي.فكما يبدو سيستغرق بعض الوقت قبل صدور تقييم استخباراتي قاطع بشأن مصير السنوار وقادة آخرين في “حماس”، ربما كانوا في الموقع الذي تم قصفه.وبالنسبة لإسرائيل، فإن إعلان رسمي عن موت السنوار إذا نشر، سيسهل على نتنياهو تسويق رواية نجاح استراتيجيته المتمثلة بالعمليات الواسعة في القطاع، الذي كما يبدو يقرب إسرائيل من النصر المطلق على حماس ويبقي لها هامش مناورة في المفاوضات مع استجابة لطلبات الولايات المتحدة، بحسب رؤية نتنياهو.كما إنه إذا كان محمد السنوار قد اغتيل حقا فقد بقي من القيادات في القطاع التي كانت توجد قبل الحرب، شخصية رفيعة واحدة وهي عز الدين الحداد، قائد لواء غزة ليلة هجوم 7 أكتوبر، والآن هو قائد حماس في شمال القطاع، وهو ما يمكن اعتباره الهدف التالي لإسرائيل.
كيف سيؤثر اغتياله على الحرب؟
يُوصَف محمد السنوار في إسرائيل بأنه قائد الخط المتشدد في قيادة “حماس”، وكان عقبة أمام إبرام صفقات تبادُل أسرى إضافية، لكن في المقابل، جرت محاولة اغتياله، بعد يوم واحد فقط على موافقة قيادة الحركة في قطاع غزة على الإفراج عن الرهينة الأمريكي عيدان ألكسندر.بعد اغتيال يحيى السنوار، طرأ تغيير طفيف في موازين القوى بين قيادتَي الداخل والخارج في الحركة، حيث كان الشقيق الأكبر، بصفته المُبادر إلى هجوم 7 أكتوبر ومن لديه الأسرى، يتمتع بدرجة كبيرة من التأثير في عملية اتخاذ القرار داخل الحركة، أمّا الشقيق الأصغر محمد السنوار، فقد واجه صعوبة في ملء مكانه، وهو يتقاسم قيادة الحركة داخل القطاع مع عزّ الدين الحداد، الذي يتركز نفوذه في شمال القطاع. في الوقت الراهن، بات لقيادة الخارج وزن أكبر، ومن ضمنهم خالد مشعل وخليل الحية، وهو ما يشير إلى إنه لن تكون هناك تغييرات كبيرة في تحركات حماس في القطاع، ولن يسرع اغتياله بشكل لافت انهيار الحركة أو إعلان استسلامها، ولكن الأمور قد تتغير إذا نجحت إسرائيل في اغتيال “الحداد”.فما سيحسم استمرار الحرب هو ما سيفعله دونالد ترامب في الأيام القادمة، والأهم من ذلك: إلى أي مدى سيتمكن من فرض موقفه على بنيامين نتنياهو؟