عصمت النمر يوضح حقيقة عمل والدة “الأبنودي” في عدة مجالات

قال الباحث في التراث عصمت النمر، في تصريحات خاصة لـ”الدستور”، إن طقوس الحداد التي نراها في الصعيد اليوم، تعود جذورها إلى العصور الفرعونية، وأن العديد من الممارسات الجنائزية لا تزال متوارثة حتى الآن.
عصمت النمر يكشف حقيقة عمل والدة “الأبنودي” في العديد
وأشار إلى أن والدة الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي كانت واحدة من أشهر المعددات في الصعيد، واسمها “أم عبد الرحمن”، وقد ورث الأبنودي التراث الغنائي من والدته، التي كانت تؤدي العديد بطريقة فريدة، وهو ما ساعده على توثيق هذا النوع من الفنون الشعبية.وأضاف النمر أن طقوس الحزن لم تكن تقتصر على الغناء فقط، بل كان المشيعون يقطعون ملابسهم، يشقون الجلابيات، ويهيلون التراب على رؤوسهم، وهي عادات ما زالت موجودة في الريف حتى الآن، مؤكدًا أن العديد لم يكن مخصصًا للملوك أو النخبة، بل كان يؤدى لعامة الشعب فقط، ولم يكن هناك شيء اسمه “عديد ملكي”، بل هو تقليد شعبي بحت.وعن طقس الطواف حول القرية، قال النمر إن بعض الروايات تشير إلى أن الجنازة كانت تطوف بالميت سبع مرات حول القرية، وبعضها يقول إنهم كانوا يستمرون في الحزن لأسبوع كامل، إلا أن الثابت أن الطواف كان يتم بعدد فردي، وهو أمر له دلالة رمزية في الثقافة الشعبية.وفيما يخص الموسيقى الفرعونية، أكد علي أن الآلات الموسيقية كانت معروفة منذ زمن الفراعنة، وتم تصنيع نسخ مطابقة لها في العصر الحديث، مثل الهارب الكبير والصغير، وعزف بها في حفلات فنية، لكن هذه المحاولات جاءت من باحثين أجانب، في حين أن المصريين أنفسهم لم يحاولوا توثيق هذا التراث الموسيقي بالشكل الكافي، معربًا عن استغرابه من غياب الألحان المصرية القديمة.غير أن الكنيسة القبطية لعبت دورًا مهمًا في حفظ هذا التراث، والترانيم القبطية هي امتداد للألحان الفرعونية، وقد جمعت عددًا من الترانيم القديمة، رغم أن كلماتها القبطية غير مفهومة، فإنها تحمل كمًا كبيرًا من الشجن، مما يعكس عمقها التاريخي والوجداني.مؤكدًا أن الغناء والموسيقى خرجا في الأساس من المعابد، سواء في الحضارة المصرية القديمة أو من خلال الكنيسة فيما بعد، وأن الابتهالات الدينية الإسلامية بدورها تأثرت بهذا الإرث القديم، حتى أن بعض التواشيح الإسلامية تشبه في نغمتها الترانيم القبطية.واختتم مؤكدا على أهمية استعادة هذا التراث، فمصر تمتلك كنوزًا موسيقية مهملة، ويجب أن تكون هناك جهود وطنية حقيقية لإحياء هذا الفن الذي يمثل جزءًا أصيلًا من هوية المصريين.