حب الشيخ مصطفى إسماعيل من الوهلة الأولى: حكاية عشق خالدة

يروي أيمن الحكيم، في كتابه غرام المشايخ، قصة حب فريدة من نوعها، قصة حب الشيخ مصطفى إسماعيل الذي يعتبر من أعظم مقرئي القرآن في تاريخنا المعاصر.ويقول “الحكيم”: هذه القصة ليست عن صوت الشيخ فقط، بل عن قلبه وروحه، وعن حبه الذي بدأ من أول نظرة، وأثبت أن الحب الأول هو حقيقة وليست وهما كما يؤمن كثيرين.الشيخ مصطفى إسماعيل لم يدرس الموسيقى أو المقامات بشكل أكاديمي، لكنه كان يتنقل بين 19 مقامًا كالفراشة بين الأزهار، يصدر من صوته تجليات عذبة تأسر القلوب، روى عاطف نجله الأكبر، كيف كان الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب مبهورًا بصوت والده، لدرجة أنه توقف عن الاستماع لتسجيل للشيخ وأعاد مقطعا عدة مرات متعجبا من أدائه وعبقريته الطبيعية، قائلًا: “سبحان العاطي الوهاب، أنت عامل إعجاز يا مولانا”.ويضيف: لكن بجانب عبقريته الصوتية، كان للشيخ قصة حب استثنائية، في إحدى زياراته إلى دمياط، بعد أن توفي صديق له كان قد دعاه لتناول الإفطار، وقبل أن يدخل البيت لمح فتاة صغيرة تقف في شرفة البلكونة كانت فاطمة، أخت صديقه الراحل، جميلة وذكية وقع في حبها من أول نظرة، وبجرأة كاملة طلب من صديقه تزويجه إياها، دون أن يعرف عنها شيئا سوى ما رآه في عينيها، كانت فاطمة تبلغ من العمر 16 عامًا، والشيخ يكبرها بعشر سنوات، لكنه لم ينتظر كثيرًا، فقد تزوجها بعد أسبوع فقط.
ويضيف: عاش الشيخ مصطفى مع فاطمة نحو خمسين عامًا، وكان حبه لها ثابتًا ومستمرا رغم شهرته المتزايدة، كان زوجا وأبا مستنيرا وعصريا، فقد سمح لبناته بالتعلم في مدارس أمريكية ولم يفرض الحجاب عليهن، بل شجعهن على تعلم العزف على البيانو، كما كان يرفض ختان البنات، معتبرًا أن ذلك بدعة لا أصل لها في الإسلام، مستشهدًا بآيات من القرآن التي تؤكد كمال خلق الله للإنسان كما هو.في حياته الأسرية، تميز الشيخ بالسماحة والتسامح، فحين عاد نجله عاطف إلى مصر بعد دراسته في ألمانيا مصطحبا زوجته المسيحية، لم يظهر الشيخ أي غضب أو تعصب، بل بارك زواجه، قائلًا إن الله واحد، وأن المهم هو الحب والاحترام بين الناس.حياة الشيخ مصطفى إسماعيل كانت مزيجًا من العبقرية الصوتية، والحياة الأسرية المستقرة، والتسامح الديني والاجتماعي، وقصة حبه لفاطمة لم تكن مجرد قصة عابرة، بل كانت ركيزة استقرار ونجاح في حياته، كان يحبها بصدق وحافظ على إخلاصه لها طوال حياته حتى وفاته في 26 ديسمبر 1978.