صالح البحر: المتحف المصري الكبير يُعد أعظم مشروع ثقافي في تاريخ مصر المعاصر (حصري)

صالح البحر: المتحف المصري الكبير يُعد أعظم مشروع ثقافي في تاريخ مصر المعاصر (حصري)

حول افتتاح المتحف المصري الكبير، وهو الحدث العالمي الذي يترقبه العالم، تحدث الكاتب محمد صالح البحر، لـ”الدستور” عن المردود لهذا الإنجاز الضخم على الترويج لمصر كواجهة من أبرز المقاصد السياحية في العالم. 

 المتحف المصري الكبير أكبر مشروع ثقافي في تاريخ مصر الحديث

واستهل “البحر” حديثه قائلا: المكانة التاريخية الكبيرة، والحضارة العميقة، التي تمتلكها مصر لا تحتاج إلى دليل، فهي حقيقة راسخة لا يمكن انكارها، ومثبتة بالعديد من الدلائل التاريخية والعلمية التي لا يمكن محوها، أو محاولة التدليس والالتفاف عليها، كما أن الواقع ممتلئ بآثارها العظيمة، التي تحدَّتْ بثبات كل العوامل الجغرافية والمناخية والتاريخية التي غيرتْ وجه العالم لآلاف المرات”.وأضاف: “خلال العصور التي تعاقبتْ عليها لأكثر من سبعة آلاف عام حتى الآن، ولا تزال قائمة على وجه الأرض بمعابدها ومسلاتها وتماثيلها ومومياواتها ورسوماتها وألوانها، كأنها بُنيت بالأمس، وكأن الزمن لم يمر عليها بعجلته القاسية، التي دهستْ كل شيء من حولها، فيما ظلتْ هي ثابتة كدليل حي يشهد على مروره إلى جوارها، وربما لن نكون مبالغين إذا قلنا أنها هي التي سمحتْ له بالمرور، ليشهد على عظمتها المفرطة، ورسوخها المتين، ومكانتها التي لا تتغير. غير أن هذه المكانة العظيمة التي تمتلكها مصر، وتتناثر شواهدها في كل أماكن العالم تقريبا، ولا تحتاج إلى شاهد يدل عليها، كانت ـ ولا تزال ـ العامل الأكبر الذي يُثير أحقاد الشعوب من حولها، ويُكيل من أغوارهم الحاقدة، الفارغة، الكثير من المؤامرات التي يرمونها عليها، محاولين التقليل من عظمتها، ومكانتها، وقدرتها على التأثير في مجريات الأحداث المحلية، والعالمية أيضا، ورغم أنهم يخيبون مع كل مؤامرة، ويفشلون عند كل مكيدة، إلا أنهم لا يكلون عن المحاولة بدأب، متخيلين ـ وهما ـ أن المكانة والعظمة والتاريخ، مجرد أشياء يمكن اقتناصها بالقوة، أو شراؤها بالمال، أو سرقتها خِلسة من زمن ردئ، اختلطتْ فيه الأوراق لفترة لن تطول، ومتغافلين ـ بعمد ـ عن كونها بذرة ألقاها الله منذ الأذل في هذه البلاد الغالية، واختصها بهذا الشعب العزيز، فكانت مصر وكان المصريون، ومن تلك الشجرة كانت الحياة، وبدأ التاريخ”.

افتتاح المتحف المصري الكبير دليل على حاضر ممتلئ بذاكرة الأجداد

واستكمل البحر: “وتحت ظلال هذا التاريخ الشامخ، وتلك الحضارة الزاهية، والمكانة الرفيعة، يأتي افتتاح المتحف المصري الكبير، لا ليكون شاهدا على عصر ولَّى، بل ليكون دليلا على امتداده في الزمن، دليلا على حاضر ممتلئ بذاكرة الأجداد، لم ينسَ عظمته، ولم ولن يتخلَ عن مكانته، وسيظل يُقيم على الشواهد عليها ليُذكر الآخرين بها، ويحميهم من شرور أنفسهم”.وتابع: “لذلك كان من الطبيعي أن يمتد المتحف المصري الكبير على مساحة 500 ألف متر مربع، ما يجعله أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، وأن يضم بين جنباته الواسعة أكثر من 100،000 قطعة أثرية، من بينها المجموعة الكاملة لمقتنيات الملك توت عنخ آمون، التي تعرض لأول مرة في تاريخ المتاحف، مما يؤهله لأن يكون أكبر مشروع ثقافي في تاريخ مصر الحديث، ويؤهله أيضا لكي يكون أكبر وأقوى واجهة سياحية لمصر من الآن، وإلى امتداد التاريخ الآتي”.واختتم: “ففي اعتقادنا المتواضع أن المتحف المصري الكبير إلى جانب أنه سيسهم بشكل كبير وفعال في الحفاظ على آثارنا الثمينة المكدسة دون عرض متحفي، فإنه سيشكل نقلة كبيرة ومهمة للسياحة في مصر، وسيسهم بشكل كبير في نهضة السياحة الثقافية، وزيادة روادها من كل دول العالم المفتون بالحضارة المصرية القديمة، لتكون إضافة بالغة الأهمية إلى جوار أشكال السياحة المتعارف عليها، كالسياحة الترفيهية والعلاجية وغيرها، وأنه بذلك سيشكل مصدرا مهما وكبيرا للدخل القومي، ومساهما أساسيا في توفير الكثير من فرص العمل للشباب، وأخيرا سيكون متنفسا هائلا ـ بقُربه الشديد من القاهرة ـ لكل منْ يريد الهروب من صخب العاصمة، بحثا عن الهدوء والسكينة، أو انتقالا في الزمن للوجود في حضرة الأجداد، وعظمتهم الخالدة، ليشهد بعينيه أنهم يشهدون أيضا على عظمة الحاضر المصري، وقدرته على الامتداد في الزمن”.