في ظل موجة من الاستياء الأوروبي.. ألمانيا تعبر عن أقوى انتقاد لها لإسرائيل منذ بداية حرب غزة.

في تحول لافت في الخطاب الألماني تجاه إسرائيل، وصف فريدريش ميرز، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، زعيم المعارضة في البرلمان الألماني، القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة بأنه “لم يعد مفهومًا”، في أقوى انتقاد يصدر من مسؤول ألماني رفيع منذ اندلاع الحرب.وقال ميرز، خلال مؤتمر صحفي عقده في مدينة توركو الفنلندية، إن “الضربات العسكرية الإسرائيلية المكثفة على غزة لم تعد منطقية بالنسبة لي. كيف يمكن لمثل هذه الضربات أن تخدم هدف مكافحة الإرهاب؟ أنا أنظر إلى هذا الأمر بعين ناقدة للغاية”، مضيفًا:”لم أكن أول من قال هذا، لكن أعتقد أن الوقت قد حان لأن أقول علنًا إن ما يحدث لم يعد مفهومًا”.
تحوّل في لهجة أكثر الدول الأوروبية دعمًا لإسرائيل
تأتي تصريحات ميرز في سياق تحول تدريجي في المواقف الأوروبية، لا سيما في ألمانيا التي تعد من أقرب الحلفاء التاريخيين لإسرائيل، ويرتبط دعمها لتل أبيب ارتباطًا وثيقًا بإرث الحرب العالمية الثانية والهولوكوست، حتى أن الحكومات المتعاقبة تعتبر “أمن إسرائيل جزءًا من أسباب وجود الدولة الألمانية الحديثة”.غير أن الانتقادات العلنية المتزايدة، حتى من داخل المعسكر الداعم تقليديًا لإسرائيل، تعكس تآكلًا في الصبر الغربي حيال استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين في غزة.
ضغوط غربية متزايدة وتحذيرات من “إجراءات ملموسة”
تصريحات ميرز تزامنت مع تحذيرات صدرت مؤخرًا من المملكة المتحدة وفرنسا وكندا، والتي طالبت إسرائيل بوقف هجومها الموسع على غزة ورفع القيود المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية، ملوحة باتخاذ “إجراءات ملموسة” في حال استمرار العمليات العسكرية، دون أن توضح طبيعة هذه الإجراءات وما إذا كانت ستصل إلى فرض عقوبات أو تعليق التعاون العسكري.
مطالبات من داخل الائتلاف الألماني بوقف تصدير السلاح
الانتقادات لم تعد مقتصرة على المعارضة، إذ صعّد أعضاء في الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، الشريك في الائتلاف الحاكم، من مطالبهم بضرورة وقف صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل.وقال أديس أحمدوفيتش، المتحدث باسم السياسة الخارجية لكتلة الحزب في البوندستاغ:”لا يجب أن تُستخدم الأسلحة الألمانية لنشر الكوارث الإنسانية أو انتهاك القانون الدولي”، في إشارة إلى ما اعتبره مسؤولية أخلاقية وقانونية تتحملها برلين إذا ما واصلت تسليح إسرائيل في ظل هذه الحرب.
أوروبا تتحرك.. وأيرلندا تتقدم بخطوة رمزية
في موازاة الموقف الألماني الجديد، اتخذت أيرلندا خطوة متقدمة على الصعيد الأوروبي، إذ وافقت الحكومة على مشروع قانون لتقييد التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية، في ما وصفه مراقبون بأنه تحرك رمزي لكنه ضاغط.وقال وزير الخارجية الأيرلندي، سيمون هاريس:”حين تتخذ دولة صغيرة مثل أيرلندا هذا القرار، وتكون بين أوائل الدول في الغرب التي تفكر بتشريع من هذا النوع، فإنني آمل أن يكون ذلك مصدر إلهام لدول أوروبية أخرى لتلحق بنا”.ويُنظر إلى المشروع الأيرلندي على أنه محاولة أوروبية لتكثيف الضغط على حكومة نتنياهو، خاصةً في ظل تزايد الأصوات الدولية المطالبة بوقف العمليات العسكرية والامتثال للقانون الدولي.