طارق رضوان: مراكز الإصلاح والتأهيل تشكل أساس العدالة الجنائية.. وقد حولت السجون من أماكن للعقاب إلى مؤسسات للإصلاح والتعليم

طارق رضوان: مراكز الإصلاح والتأهيل تشكل أساس العدالة الجنائية.. وقد حولت السجون من أماكن للعقاب إلى مؤسسات للإصلاح والتعليم

– رئيس «حقوق الإنسان» بالنواب قال إن هذه المراكز تعيد تأهيل الأفراد وتدمجهم فى المجتمع- توفر بيئة إصلاحية متكاملة تهدف لإعادة بناء الإنسان وضمان كرامته داخل المؤسسة العقابية- قانون الإجراءات الجنائية ركز على تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة ونصّ بوضوح على حق الدفاع- القانون الجديد لم يأتِ لقمع الحريات بل لتنظيمها دون الإخلال بالنظام العام أو المساس بالحقوققال طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إن مراكز الإصلاح والتأهيل تُعد من الركائز الأساسية فى منظومة العدالة الجنائية، ولا يقتصر دورها على العقاب فقط، بل تمتد مهمتها إلى إعادة تأهيل الأفراد ودمجهم فى المجتمع كأشخاص فاعلين ومؤثرين.وأكد «رضوان»، فى حواره التالى مع «الدستور»، أن النزلاء فى هذه المراكز يكتسبون المهارات والخبرات التى تؤهلهم للحياة العملية، إلى جانب تعديل سلوكهم من خلال برامج نفسية وسلوكية تعالج جذور الانحراف، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية.وتطرق رئيس لجنة «حقوق الإنسان» إلى قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذى جاء استجابة ضرورية للتعديلات الدستورية التى أُدخلت على دستور ٢٠١٤، وتطلبت إعادة النظر فى عدد من التشريعات القائمة، مشيرًا إلى تطوير القانون بما يتماشى مع المبادئ الدستورية، خاصة تلك المتعلقة بحماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.■ من واقع زياراتك المستمرة لمراكز الإصلاح والتأهيل.. كيف ترى واقع هذه المراكز؟- مراكز الإصلاح والتأهيل من الركائز الأساسية فى منظومة العدالة الجنائية، وهدفها لا يقتصر على العقاب أو سلب الحرية، بل يتجاوز ذلك نحو إعادة تأهيل الأفراد وإدماجهم مجددًا فى المجتمع كمواطنين فاعلين. لقد شاهدنا خلال العقود الأخيرة تحوّلًا جوهريًا فى النظرة إلى السجون، من كونها أماكن للعقوبة إلى مؤسسات إصلاحية وتعليمية تعزز القيم الإنسانية وحقوق الإنسان، ما انعكس فى التشريعات والسياسات ذات الصلة.■ هل يقتصر دور مراكز الإصلاح والتأهيل على تنفيذ العقوبة فقط؟- إطلاقًا، الدور التقليدى القائم على تنفيذ العقوبة تطور ليشمل إعادة بناء الإنسان وضمان كرامته داخل المؤسسة العقابية. أصبح التركيز على إعادة التأهيل والتمكين المهنى والاجتماعى للنزيل، ليتمكن من الاندماج بعد انتهاء فترة العقوبة. فى مصر وعدد من الدول العربية تم التحول فى فلسفة العقوبة، عبر دمج مفاهيم حقوق الإنسان فى إدارة هذه المؤسسات، مع توفير الحق فى التعليم والرعاية الصحية، والحماية من سوء المعاملة.■ ما الهدف الأساسى من هذه المراكز إذن وفقًا لما لمسته خلال زياراتك؟- الهدف الأساسى من هذه المراكز هو إعادة الإدماج الاجتماعى، وتمكين النزيل من العودة إلى المجتمع بصورة إيجابية، عبر إكسابه المهارات والخبرات التى تؤهله للحياة العملية، إلى جانب تعديل سلوكه عبر برامج نفسية وسلوكية تعالج جذور الانحراف، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية، فضلًا عن تقديم برامج تعليمية وتدريب مهنى ورعاية صحية ونفسية متكاملة، ما يجعلها بيئة إصلاحية متكاملة وليست مجرد مكان لتنفيذ العقوبة.■ إلى أى مدى ترتبط هذه المراكز بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان؟- هناك ارتباط وثيق بين مراكز الإصلاح والتأهيل والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، فهذه الاستراتيجية مرجعية شاملة لتطوير المؤسسات العقابية، على ضوء ما تتضمنه من محاور واضحة لتحديث مراكز الإصلاح، بدءًا من تطوير البنية التحتية وبناء منشآت حديثة تواكب المعايير الدولية، وصولًا إلى توسيع برامج التأهيل المهنى والتعليمى للنزلاء، بما يساعدهم فى اكتساب مهارات تؤهلهم للاندماج فى سوق العمل.الاستراتيجية شددت، أيضًا، على ضرورة تحسين معاملة النزلاء عبر آليات رقابة مستقلة، وتدريب الكوادر على مبادئ حقوق الإنسان، فضلًا عن تعزيز الشفافية والمساءلة من خلال توفير قنوات لتلقى الشكاوى ومتابعتها بفاعلية، علاوة على تمكين المرأة والأحداث داخل مراكز الإصلاح، سواء على مستوى الحماية أو التأهيل النفسى والتعليمى، ما يمثل نقلة نوعية فى فلسفة إدارة المؤسسات العقابية.■ ننتقل للحديث عن قانون الإجراءات الجنائية الجديد.. كيف ترى أهمية وأهداف ما تضمنه من تعديلات؟- قانون الإجراءات الجنائية الجديد جاء كاستجابة ضرورية للتعديلات الدستورية التى أُدخلت على دستور ٢٠١٤، واستوجبت إعادة النظر فى العديد من التشريعات، على رأسها قانون الإجراءات الجنائية، باعتباره الأداة التنفيذية لقانون العقوبات. كان لا بد من تطوير هذا القانون ليتماشى مع المبادئ الدستورية، خاصة تلك المتعلقة بحماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.■ ما أبرز الجوانب التى ركز عليها القانون الجديد؟- القانون الجديد ركز على تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، ونص بشكل واضح على حق الدفاع، وحق المتهم فى الاستعانة بمحامٍ منذ لحظة التحقيق، وضرورة إبلاغه بالتهم المنسوبة إليه، وتمكينه من الاطلاع الكامل على ملف القضية. هذا التطوير يعد نقلة نوعية تهدف إلى ترسيخ العدالة الإجرائية، بما يضمن أن تمر جميع مراحل المحاكمة، من التحقيق حتى صدور الحكم، بإجراءات تضمن الشفافية والعدالة.■ هل تضمن القانون الجديد توازنًا بين حرية التعبير والنصوص العقابية؟- بالتأكيد، فقد حرص المُشرّع فى إصدار القانون على تحقيق توازن دقيق بين الحق فى حرية التعبير وإبداء الرأى، والحفاظ على النصوص الجنائية التى تهدف إلى صون القيم المجتمعية وحماية الإنسان فى نفسه وماله وعِرضه. القانون لم يأتِ لقمع الحريات، بل لتنظيمها بما لا يخل بالنظام العام أو يعتدى على حقوق الآخرين، وهو ما يتماشى مع المبادئ الدستورية والالتزامات الدولية للدولة المصرية فى مجال حقوق الإنسان.■ كيف يتقاطع هذا القانون مع رؤية الدولة لتمكين المرأة؟- منذ عام ٢٠١٤، تبنّت الدولة نهجًا استراتيجيًا لتمكين المرأة على جميع المستويات، فى إطار رؤية مصر ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة. السياسات الإصلاحية والتشريعية أسهمت فى تعزيز مشاركة المرأة فى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. من هنا، فإن تطوير القوانين الإجرائية، بما فيها «الإجراءات الجنائية»، ينعكس على حماية حقوق النساء فى مراحل التقاضى المختلفة، ويعزز من مشاركتهن الآمنة والفعالة فى المجتمع.■ ما تقييمك لاهتمام الدولة بالمرأة فى عهد السيسى؟- منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية، تلقت المرأة المصرية اهتمامًا غير مسبوق على مستوى الحقوق والمشاركة الفعالة فى الحياة العامة. الدولة حرصت على تمكينها سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ما انعكس فى مؤشرات واضحة. فى انتخابات مجلس النواب لعام ٢٠٢٠ فازت ١٦٤ نائبة بمقاعد البرلمان من أصل ٥٦٨ مقعدًا، بنسبة تمثيل بلغت ٢٧.٥٪، وهى الأعلى فى تاريخ الحياة النيابية المصرية. أما على مستوى الحكومة، فضمت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، فى ٢٠٢١، «٨ وزيرات» من إجمالى ٣٣ وزيرًا، أى ما يعادل ٢٤٪ من أعضاء الحكومة، وهو رقم يعكس ثقة القيادة السياسية فى كفاءة المرأة المصرية.وعلى صعيد المناصب القيادية، سجلت المرأة حضورًا بارزًا، حيث تم تعيين الدكتورة نادية عبده كأول امرأة تتولى منصب محافظ فى تاريخ مصر، وذلك بمحافظة البحيرة عام ٢٠١٧. وشهد عام ٢٠٢٠ تعيين القاضية فوزية عبدالله كأول سيدة تترأس محكمة الاستئناف. وفى ٢٠٢١ بلغت نسبة القاضيات نحو ١٠٪ من إجمالى أعضاء الجهات القضائية المختلفة، ما يؤكد تقدمًا ملحوظًا فى هذا الملف.