علي جمعة يستعرض تطور النقد الحديث من الإمام مالك إلى العصر الذهبي

أكد د.علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن المنهج النقدي لتوثيق السنة النبوية لم يتوقف عند الإمام مالك بن أنس، بل شهد تطورًا مستمرًا عبر العصور، ليصل إلى ذروته في القرن الثالث الهجري مع نشأة علم الجرح والتعديل.وأوضح جمعة، خلال بودكاست “مع نور الدين” على قناة الناس، أن الإمام مالك كان رائدًا في جمع الحديث، حيث تتلمذ على يده كبار العلماء، كالإمام الشافعي ومحمد بن الحسن، كما عاصر أئمة آخرين كالثوري وابن عيينة، ما ساهم في اتساع دائرة توثيق الروايات.وأشار إلى أن انتشار الأحاديث مع تعدد الأسانيد والرواة أتاح فرصة للتحقق من صحتها، حيث إن الحديث الواحد قد يُروى عن عشرات الصحابة، لينقله عنهم عشرات من التابعين، مما أدى إلى ثروة إسنادية ضخمة شكلت أساس علم الحديث.وأضاف أن القرن الثاني الهجري شهد ذروة جهود توثيق السنة، حيث ظهرت المسانيد لكبار العلماء، بل وحتى للخليفة عمر بن عبد العزيز، مما يعكس مكانة السنة كمصدر رئيسي للتشريع.وتابع بأن الإمام الشافعي، الذي أسس علم أصول الفقه في القرن الثاني الهجري، ارتبط بقوة بتوثيق السنة، حيث وضع كتابه “الأم”، الذي جاء كتوثيق فقهي مدعوم بالأحاديث، ثم جاء تلميذه المزني ليختصر الفقه في كتابه “مختصر المزني” دون ذكر الأحاديث، فقام البيهقي لاحقًا بتأليف “السنن الكبرى”، ليجمع فيه الأدلة الفقهية لكل كلمة وردت في مختصر المزني.وأكد جمعة أن القرن الثالث الهجري شكّل نقطة تحول في علم الحديث، حيث جلس العلماء لتنقيح الروايات وتحديد الثقات من الرواة، ما أسس لمنهج نقدي صارم ضمن قواعد الجرح والتعديل، ليظل توثيق السنة النبوية محكومًا بضوابط علمية دقيقة حتى اليوم.