“تعلمت معنى الحب”: شعبان يوسف يروي تفاصيل أول مجموعة قصصية من تأليف نوال السعداوي

تحدث الناقد والشاعر والمؤرخ شعبان يوسف، عن أول مجموعة قصصية لنوال السعداوي “تعلمت الحب”، وحكى قصة المجموعة.يقول شعبان يوسف: “أعدت نوال السعداوى مجموعتها القصصية الأولى «تعلمت الحب»، غير حذرة من التعامل مع التابوهات القائمة والسائدة والمعوّقة بطريقتها الخاصة، رغم أنها قدمت المجموعة بحديث يكاد يكون تفسيريًا لوجهة نظرها، إذ كتبت فى صدر مجموعتها الأولى: «كلما أمعنت النظر فى مشاكل حياتنا، زدت اقتناعًا بأننا فى حاجة إلى مزيد من الحب والرحمة.. فالحب يجعل الحياة مقبولة بما يثيره فينا من أحاسيس، والرحمة تلطف الحياة برقتها وخيرها»، وزادت نوال فى تعريفها، موضحة أنها لا تعنى بذلك الحب الذى ينشأ بين رجل وامرأة، أو بين أب وولده، أو بين أم وولدها، معتبرة أن هذا الحب طبيعى، ولا يوجد مجهود للإنسان فيه، ولكنها تنشد الحب المبذول للغير، أيًا كان هذا الآخر.
نوال السعداوي
ويضيف خلال فعاليات صالون “الدستور” الثقافي والذي يدور حول الدكتورة نوال السعداوي في حضور سلوى بكر وعزة كامل وعبد الوهاب داود والعديد من الشخصيات الأدبية والإعلامية: استطردت نوال فى تفسيرها لذلك الذى تبغيه، وأعطت المجموعة للكاتب الكبير يحيى حقى لكى يكتب لها مقدمة، والذى بدأ مقدمته حذرًا وقائلًا: «قد لا يرضى علىّ أساتذة النقد حين يروننى وأنا أتناول بترحيب قصة بقلم واحدة من بنات حواء، أجعل أول همى لا أن أتدبر شكلها ومضمونها والمذهب الذى تنتسب إليه، بل أن أعرف أكان حديثها حديث المرأة عن المرأة فأفرح به، أم حديثًا يعتنق لغة الرجل ومنطقه، فأقول علينا ضاعت الفرصة وعليها؟، فأنا وليد مدنية ألفت وهامت بأن تصف المرأة بأنها لغز، هيهات لذكاء الرجل الفطن أن يسبر غوره! كل ما يعرفه منها أو يكتبه عنها نوع من الرجم بالغيب، وضرب من الحدس والتخمين، قد يكون فى هذا الوصف كثيرًا من الوهم الغافل، أو النصب المتعمد».
شعبان يوسف
كم كان يحيى حقى عظيمًا جدًا، وكم كان ديمقراطيًا للغاية، وكم كان واضحًا بشكل مفرط عندما أعلن أن النقاد سيغضبون منه عندما يدركون أنه يكتب عن كاتبة حرة، إنه كاتب حر وخارج السياق الذكورى والسلطوى بدرجة ما، يكتب عن امرأة حرة- أيضًا- خارج السياق الذى رضخت له كاتبات كن فى ذلك الزمن مستسلمات إلا قليلًا مثل سعاد زهير، التى كتبت كتابًا روائيًا فى غاية الأهمية، وهو «اعترافات امرأة مسترجلة»، ونشرته على حلقات فى مجلة روزاليوسف، ثم صدرت فى كتاب فى نوفمبر ١٩٦١، وللأسف كتبت د. لطيفة الزيات مقالًا طويلًا فى يناير ١٩٦٢ بمجلة «المجلة»، وهاجمت فيه الرواية بشكل واضح، ونفت أن يكون هذا الكتاب رواية.ويكمل: “ومما جاء فى مقال د. لطيفة: «.. والسيدة سعاد زهير مارست حريتها ككاتبة، واختارت ضمير المتكلم لكى تروى عن طريقه القصة التى اختارتها، وكانت نتيجة هذا الاختيار أنها لم تستطع أن تقيم التجربة الحية التى تعرض لها، ولا أن تحدد معناها، وظلّت القصة فى نطاق التجربة الحية الفجة لا التجربة الفنية ذات المعنى الموحد، وخرج الكتاب أشبه ما يكون بوثيقة اجتماعية، أو بصرخة احتجاج ضد المجتمع الذى يظلم المرأة»، وهكذا تخرج د. لطيفة رواية سعاد زهير عن فن الرواية بشكل مطلق، ولا يخلو المقال من سلسلة إرشادات ونصائح للكاتبة، وتُنهى لطيفة مقالها قائلة: «.. وأود أن أقول كلمة أخيرة.. إن السيدة سعاد زهير لو أرادت وأخلصت للعمل الفنى، ولو دعمت انفعالها الصادق وموهبتها بالخبرة الفنية فى قصتها التالية، لجاءت كسبًا جديدًا للقصة المصرية، وما أحوج القصة المصرية إلى مكاسب جديدة.