من “زراعة عين شمس” إلى عالم المسرح: قصة نجاح جورج سيدهم الفنية

لم يكن جورج سيدهم (28 مايو 1938 – 27 مارس 2020) مجرد ممثل كوميدي، بل كان حالة فنية خاصة، جمعت بين الموهبة الفطرية والتكوين الأكاديمي والالتزام المهني، وربما ما يزيد من فرادة مسيرته هو أنه بدأ مشواره بعيدًا تمامًا عن الفن، وتحديدًا في كلية الزراعة بجامعة عين شمس، قبل أن يتحول إلى أحد أبرز نجوم الكوميديا في القرن العشرين.بدايات جورج سيدهمولد جورج سيدهم في 28 مايو 1938 بمحافظة سوهاج، ودرس في كلية الزراعة، حيث التقى برفيقي دربه سمير غانم والضيف أحمد، ليشكّلوا سويًا فرقة “ثلاثي أضواء المسرح”، التي أحدثت طفرة في فن الاسكتشات الكوميدية والاستعراض المسرحي.وكانت هذه الفرقة نقطة انطلاقه الحقيقية في عالم الفن، إذ قدموا عروضًا مسرحية وسينمائية كوميدية لاقت نجاحًا كبيرًا، منها مسرحيات مثل “كوتوموتو” و”روميو وجوليت”، وأفلام مثل “30 يوم في السجن” و”المجانين الثلاثة”، وتميز جورج سيدهم بخفة دمه وصوته المميز، وأسلوبه الفريد في تقديم الكوميديا الذكية والراقية.جورج سيدهم والكوميديا رغم أن بدايته كانت علمية، فإن شغفه بالفن دفعه للغوص في عوالم الكوميديا، ليس فقط كممثل بل كمبدع شامل يمتلك حسًا عاليًا بالإيقاع والدراما، واتسم أداؤه بالجمع بين الجدية والمرح، والبراعة في التحوّل بين الأدوار، مما جعله عنصرًا لا غنى عنه في أعمال الفرقة، وحتى بعد وفاة الضيف أحمد، حين واصل مع سمير غانم تقديم ثنائيات فنية لا تُنسى، وقدما أعمالًا ناجحة مثل “المتزوجون” و”أهلًا يا دكتور”، ولم يقتصر جورج سيدهم على التمثيل فقط، بل شارك في كتابة بعض الأعمال وأدى تجارب في الإخراج، مما جعله فنانًا متعدد المواهب.تميّز جورج سيدهم بكوميديا قائمة على المفارقة والسخرية الذكية، بعيدًا عن الابتذال، وكان يجيد تقمص الشخصيات بمرونة، وينتقل بين الأدوار المعقدة والكوميدية بخفة وإتقان، مثلما فعل في فيلم “البعض يذهب للمأذون مرتين”.الأيام الأخيرة في حياة جورج سيدهمفي منتصف التسعينيات، تعرّض جورج سيدهم لجلطة دماغية قوية أثّرت على قدراته الحركية والكلامية، وأبعدته قسرًا عن الأضواء، وظل بعيدًا عن الشاشة حتى وفاته في 27 مارس 2020.