بعد تصريحات ماكرون الأخيرة، هل يلوح في الأفق اعتراف الرئيس الفرنسي بالدولة الفلسطينية؟

جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقفه بشأن القضبة الفلسطينية، مشددًا على تمسك بلاده برؤية حل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق السلام الدائم في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.وأكد ماكرون خلال مؤتمر صحفي عقد أمس الأربعاء مع نظيره الإندونيسي، أن السياسة الفرنسية تجاه قضايا الشرق الأوسط لا تنطوي على معايير مزدوجة. وأكدت وكالة جاءت تصريحات ماكرون خلال زيارة رسمية إلى إندونيسيا، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على احتمال اتخاذ باريس خطوة غير مسبوقة نحو الاعتراف الرسمي بدولة فلسطينية، وهو ما قد يؤدي إلى توتر حاد مع إسرائيل ويعمّق الانقسامات داخل المعسكر الغربي.
ماكرون يستعد للاعتراف بالدولة الفلسطينية
وأفاد دبلوماسيون وخبراء بأن الرئيس الفرنسي يميل بشكل متزايد نحو الاعتراف بدولة فلسطين، في خطوة قد تثير غضب حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وتدفع باتجاه إعادة ترتيب الأولويات السياسية والدبلوماسية في العلاقات بين فرنسا والدول الأخرى المنخرطة في الملف.وفي تصريحاته من إندونيسيا، قال ماكرون إن الحل السياسي هو وحده الكفيل بإعادة السلام إلى المنطقة ووضع أسس ثابتة لبناء مستقبل مستقر. وأكد أن فرنسا، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية، تعتزم تنظيم مؤتمر دولي بشأن الوضع في غزة، يُعقد في مدينة نيويورك خلال الفترة المقبلة، بهدف إحياء الجهود الرامية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بالتوازي مع التأكيد على الاعتراف بإسرائيل وحقها في العيش بسلام وأمن داخل المنطقة.
ويأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد الأصوات داخل باريس للمضي قدمًا نحو تحرك دبلوماسي نوعي بعد ما شهده قطاع غزة من تصعيد غير مسبوق منذ أكتوبر 2023، وفي ظل تفاقم العنف من قبل المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، وهو ما ساهم في تغيير المزاج السياسي في الأوساط الرسمية الفرنسية، ودفع باتجاه دعم إجراءات ملموسة للحفاظ على حل الدولتين من الانهيار التام.وتسعى فرنسا من خلال هذا المؤتمر المرتقب إلى تقديم دفع جديد لمسار سياسي شبه متجمد، ومحاولة إعادة التوازن للمقاربة الدولية التي تراجعت فيها فرص التسوية لصالح الإجراءات الأحادية والتصعيد العسكري، خاصة بعد الفشل المستمر في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، واستمرار الحصار والدمار.ويُنتظر أن يشكل المؤتمر منصة لإعادة النقاش حول مبادئ القانون الدولي، والقرارات الأممية ذات الصلة، وإمكانية إشراك دول إقليمية ودولية في بلورة إطار سياسي جديد يتجاوز حالة الجمود الحالية، ويضع الأسس لمبادرة واقعية قابلة للتنفيذ على الأرض، تشمل إصلاح السلطة الفلسطينية، وإعادة إعمار غزة، وضمانات أمنية لإسرائيل، وتحقيق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.وتعكس هذه التصريحات الجديدة لماكرون، والتنسيق مع السعودية، رغبة باريس في لعب دور أكثر فعالية في ملفات الشرق الأوسط، في ظل تراجع الثقة في الوساطة الأمريكية، واتساع الفجوة بين مواقف بعض العواصم الأوروبية بشأن كيفية التعامل مع النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.ويبقى الاعتراف بدولة فلسطين، في حال اتخاذه، نقطة تحول فارقة في السياسة الفرنسية، قد تفتح المجال أمام تحركات مشابهة من دول أوروبية أخرى، رغم التوترات المحتملة التي قد تنجم عن هذه الخطوة مع تل أبيب وبعض شركاء باريس الغربيين.