محمود محيي الدين: مصر تملك القدرة على تحقيق التحول الرقمي بفاعلية.

أكد الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمم المتحدة لتمويل أجندة التنمية 2030، أن مصر تستطيع الانطلاق نحو التحول الرقمي بقوة وأسرع من غيرها، في ضوء وجود إرادة سياسية لمُواكبة التطورات التكنولوجية المُتسارعة، والحرص على الاستثمار في مهارات الطلاب الرقمية بجانب ما تملكه من أعداد كبيرة من الخريجين في مجال الهندسة والتكنولوجيا.جاء ذلك في كلمة الدكتور محمود محي الدين، أمام ندوة “انعكاسات التطورات الاقتصادية والتجارية العالمية على مصر”، التي نظمتها مؤسسة “كيميت بطرس غالي للسلام والمعرفة” بمشاركة نخبة من الوزراء السابقين ورجال السياسة والفكر والثقافة والإعلام، بجانب النواب والدبلوماسيين.ونوه بأن مصر لديها العديد من كليات الذكاء الاصطناعي في مختلف الجامعات، منبهًا إلى ضرورة التمسك بالشباب خريجي تلك الكليات حتى لا يغادرون البلاد عقب انتهاء تعليمهم، لافتًا إلى ضرورة وجود قاعدة بيانات محدثة نظرًا لما تمثله من أهمية بالغة لصانع القرار، موضحًا أن عدم وجود تلك القاعدة بشكل سليم يضلل صناع القرارات ويحدث أزمات.وأثنى الدكتور محمود محي الدين على حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على إنهاء مشروع الرقمنة ووجود قاعدة بيانات موحدة، مؤكدًا أهمية تلك المشاريع في تحقيق التنمية والنمو والاستقرار المنشود.وأعرب عن تفاؤله بشأن التركيبة السكانية الحالية في مصر، والتي تعتبر تركيبة منضبطة خاصة بعد تراجع أعداد المواليد المرتفعة ما يشير إلى أن المرأة المصرية تسير على الطريق الصحيح، تتعلم وتعمل وتساعد زوجها في اتخاذ القرار، منبهًا إلى أن هناك دول في العالم تعاني مجتمعاتها من نقص أعداد المواليد والشباب.وتحدث الدكتور محمود محي الدين عما يجب أن يكون عليه الاقتصاد المصري بعد انتهاء برنامجه الحالي مع صندوق النقد الدولي فى نوفمبر 2026، موضحًا أن مصر ستعيد ترتيب الأولويات والانطلاق نحو مزيد من التنمية ودفع الاستثمارات وزيادة التنافسية.وقال إن البلدان التي تعاملت مع صندوق النقد الدولي مثل كوريا الجنوبية والبرازيل واليونان نجحت بالنهاية في برامجها وأهدافها حتى وإن كانت التكلفة عالية.وأضاف أن مصر ستشهد توازن وعدم إفلات في سعر الصرف، مشددًا على ضرورة الاستثمار في البشر بما يمكن الاقتصاد والمجتمع من تحمل أي صدمات مستقبلية وتجاوز أي اخفاق، والانطلاق الى ما هو أفضل.وذكر الدكتور محمود محي الدين بالنصائح التي قدمتها كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي، المتعلقة بضرورة تنويع الاقتصاد والتنويع الإقليمي، مسلطًا الضوء في هذا الصدد على ما تقوم به اليوم دول الخليج حيث تسعى إلى تنويع الاقتصاد وزيادة “الاستثمارات غير النفطية”، كما تعمل على التنويع الإقليمي، مستشهدًا في هذا الصدد بأنه بعد زيارة الرئيس ترامب إلى الخليج انعقدت قمة ثلاثية غير مسبوقة جمعت قادة من دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ودول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب مشاركة الصين بما يثبت الوعى بأهمية التنوع الإقليمي.واستعرض الدكتور محمود محيي الدين وضع النظام الاقتصادي الدولي ومستقبل المنظمة الأممية والمؤسسات الدولية، وشدد على ضرورة التصدي لبعض الأفكار السيئة والمضللة حول حالة الاقتصاد العالمي، لافتًا إلى أن العالم لايزال حتى اليوم يعيش تداعيات الأزمة المالية العالمية حتى وإن كانت قد انتهت منذ سنوات، وفي المقدمة دول الاتحاد الأوروبي رغم كل محاولتهم الإفلات من تلك الاثار.وأبرز كذلك الدراسة التي أجراها الخبير الاقتصادي الأمريكي ذو الأصول الصربية برانكو ميلانوفيتش حول شكل توزيع النمو، وجاءت الهند والصين في مقدمة تلك الدراسة، إذ تشهد الطبقة المتوسطة في تلك البلدان حالة صعود في الوقت الذي تتعرض تلك الطبقة إلى صدمات متتالية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.ورأى أن القرارات التي اتخذتها الرئيس ترامب لاسيما المتعلقة بالتعريفات الجمركية قد تعاملت معها كل دولة على حدة، معربًا عن خشيته بأن لا يتوقف الأمر عند هذا الحد وان يكون هناك تكلفة باهظة قادمة.وحول كيفية التعامل مع تلك المتغيرات، قال إن كل دولة عليها إعادة ترتيب العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، موضحًا أن مصر تربطها علاقات طيبة مع واشنطن يمكن البناء عليها، لافتًا في هذا السياق إلى لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ يومين مع وفد رجال الأعمال الأمريكيين المشاركين في المنتدى الاقتصادي المصري الأمريكي بالقاهرة، وما تمخض عنه من توجه لزيادة الاستثمارات خلال الفترة المقبلة.وتحدث الدكتور محمود محي الدين عن أخر “إعداد رأس مال البنك الدولي” أي “كيفية تمويل البنك الدولي”، حيث تم الأخذ في الاعتبار عدة عوامل منها إمكانية تكرار الأزمات واحتمال وجود أوبئة فضلًا عن المربكات المرتبطة بالتكنولوجيا، منوهًا إلى الأهمية الكبيرة لدور مراكز الأبحاث سواء كانت خاصة أو حكومية في مساعدة صانع القرار.من جانبه، قال ممدوح عباس رئيس مجلس أمناء مؤسسة بطرس غالي، في الكلمة الافتتاحية للندوة، إن الجميع يتابع انهيار الأسس التي استقر عليها الاقتصاد الدولي.وأكد أنه لا يمكن، من جهة أخرى، إغفال الصراعات السياسية الإقليمية والدولية المتفاقمة والتي يتم فيها تجاهل القانون الدولي بصورة صارخة، وبناء عليها تنشأ تحالفات مختلفة جديدة.