لقب بـ “بابا التغيير”.. من هو البابا بولس السادس؟

لقب بـ “بابا التغيير”.. من هو البابا بولس السادس؟

تحي الكنيسة الكاثوليكية بمصر غدًا ذكري البابا القديس بولس السادس، ونستعرض في السطور التالية، أبرز المعلومات عنه وفقًا الأب وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني..
 في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1897، أشرقت شمس ميلاد جوفاني باتيستا مونتيني في بلدة كونسيسيو الهادئة شمال بريشيا بإيطاليا، لعائلة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة.بعد أن أنهى دراساته اللاهوتية والفلسفية بتفوق، حصل على درجة الدكتوراه في القانون الكنسي، ليُظهر منذ بواكير شبابه نبوغًا فكريًا وعمقًا روحيًا. وفي التاسع والعشرين من مايو عام 1920، سيم كاهنًا، ليخطو أولى خطواته الرسمية في خدمة الكنيسة.
 لم يمضِ وقت طويل حتى لفت جوفاني باتيستا مونتيني الأنظار إليه، ليصبح مساعدًا للبابا بيوس الثاني عشر لفترة هامة، اكتسب خلالها خبرة واسعة في شؤون الكنيسة وإدارتها. وفي شهر يونيو من عام 1963، شاءت الأقدار أن يتبوأ سدة البابوية، ليقود الكنيسة الكاثوليكية خلال حقبة صعبة ودقيقة أعقبت المجمع الفاتيكاني المسكوني الثاني.
 خلال فترة بابويته التي امتدت من عام 1963 إلى عام 1978، عُرف جوفاني باتيستا مونتيني بالعديد من الألقاب التي تعكس جوانب شخصيته وإنجازاته، فقد دُعي بـ “بابا التجديد”، و”بابا الحوار”، و”بابا المصالحة”، و”البابا الرحالة”، وأخيرًا “بابا المجمع”.
 فأما لقب “بابا التجديد”، فقد استحقه عن جدارة بفضل التجديدات الإدارية والطقسية العديدة التي أدخلها على الكنيسة. بدأ هذه التجديدات بالقداس الإلهي حسب الطقس اللاتيني، الذي لم يشهد تعديلات جوهرية منذ مجمع ترانت المسكوني عام 1563.وامتدت هذه التجديدات لتشمل قضايا طقسية بارزة أخرى أقرها المجمع الفاتيكاني الثاني، وعلى رأسها استخدام اللغات المحلية في الطقوس الدينية بدلًا من اللاتينية. إلى جانب ذلك، شملت التجديدات الإدارية الكوريا الرومانية ومجمع الكرادلة، بالإضافة إلى الرهبانيات وإشراك العلمانيين بشكل أكبر في إدارة شؤون الكنيسة. كما قام بتخفيف مظاهر العظمة والبذخ التي كانت تصاحب شخص البابا، مثل التيارا البابوية، واستحدث إدارات ولجان ومجامع جديدة في الفاتيكان، وعمل على مأسستها لتكون أكثر فعالية وتنظيمًا.
 أما لقبا “بابا الحوار” و”بابا المصالحة”، فقد اكتسبهما بفضل انفتاحه الكبير على غير الكاثوليك، وخاصة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية. وقد تُوج هذا الانفتاح برفع الحرم المتبادل الذي كان قائمًا منذ عام 1054 بين الكنيستين، وذلك من مكان إعلانه التاريخي في آيا صوفيا. وبالمثل، أبدى انفتاحًا ورغبة في الحوار مع الكنيسة الأنجليكانية وغيرها من الطوائف المسيحية.
 ويُعرف أيضًا باسم “البابا الرحالة”، لأنه كان أول بابا يغادر الفاتيكان في رحلات خارجية حول العالم منذ أن اعتزل البابا بيوس التاسع عام 1870. كما أنه يُعتبر أكثر بابا قام برحلات رسولية حتى زمنه، وشملت هذه الرحلات مناسبات هامة مثل إلقاء أول خطاب لبابا الكنيسة الكاثوليكية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مما أظهر انفتاحه على العالم وسعيه للسلام والتفاهم بين الأمم. وقد زار “الأراضي المقدسة” بين الرابع والسادس من يونيو عام 1964، حيث توجه إلى عمان والتقى بالملك حسين، ثم انتقل برًا إلى القدس وزار كافة الأماكن المسيحية المقدسة، بالإضافة إلى لقائه ببطريرك الروم الأرثوذكس في المدينة. كما التقى أيضًا بأثيناغوراس، بطريرك القسطنطينية المسكوني، في خطوة تاريخية نحو الوحدة المسيحية.
 ويُعرف باسم “بابا المجمع” نسبة إلى المجمع الفاتيكاني الثاني، الذي أكمل دوراته الثانية والثالثة والرابعة وأتم أعماله وأصدر دساتيره ووثائقه الهامة في الثامن من ديسمبر عام 1965. وقد أشرف البابا بولس السادس عن كثب على تطبيق مقررات هذا المجمع التاريخي الذي أحدث تحولات عميقة في الكنيسة الكاثوليكية.
 رقد البابا بولس السادس بسلام في الرب في السادس من أغسطس من العام 1978 (عيد التجلي)، بعد حياة حافلة بالخدمة والتفاني. وقد أُعلن تطويبه في التاسع عشر من أكتوبر من العام 2014، ثم أُعلن قديسًا في الرابع عشر من أكتوبر عام 2018 من قبل البابا فرنسيس، خلال قداس إلهي ترأسه في ساحة القديس بطرس