الجمهوريون يرفضون مشروع “ضريبة المليونير” ويواصلون تخفيضات الضرائب على الأغنياء في الولايات المتحدة.

رفض مجلس النواب الأمريكي، بقيادة الجمهوريين، اقتراح فرض زيادة ضرائب على الأثرياء ضمن التشريع الضريبي الشامل الذي أقرّوه مؤخرًا، رغم دعم الرئيس دونالد ترامب وبعض حلفائه لهذا الاتجاه.التشريع الحالي يمدد التخفيضات الضريبية التي وقع عليها ترامب عام 2017، ويشمل تخفيضات في معدلات الضريبة عبر شرائح الدخل المختلفة، مع استفادة كبيرة لأصحاب الدخول العالية، خصوصًا ضمن أعلى 5% من دافعي الضرائب.أفكار مثل فرض “ضريبة المليونير” أو إنشاء شريحة ضريبية جديدة للأفراد الذين يكسبون أكثر من مليون دولار سنويًا، والتي روج لها ستيفن بانون، المستشار الاستراتيجي الأول لترامب سابقًا، قوبلت برفض داخل الحزب الجمهوري. فقد أظهر النواب الجمهوريين تحفظًا أو رفضًا صريحًا لتلك الإجراءات، مع تأكيدات من رئيس مجلس النواب مايك جونسون وناشطين مناهضين للضرائب مثل غروفر نوركويست على أن رفع الضرائب على الأغنياء لن يكون جزءًا من التشريع.التشريع يحمل تكلفة إجمالية تتجاوز 2.5 تريليون دولار، ويقدم فوائد لكل من الطبقة الوسطى والعليا، لكن تحليلًا لهيئات مستقلة أظهر أن الأغنياء سيحصلون على تخفيضات أكبر بشكل نسبي. فعلى سبيل المثال، يتوقع أن يحصل الأمريكي متوسط الدخل على تخفيض ضريبي بحوالي 1700 دولار في السنة الأولى، بينما سيحصل أغنى 1%، الذين يكسبون أكثر من 920،000 دولار سنويًا، على متوسط تخفيض يقارب 70،000 دولار. وفي السنوات القادمة، سيحصل أصحاب الدخل الأعلى على تخفيضات أكبر قد تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات.
توسيع الإعفاءات الضريبية
يحتوي المشروع أيضًا على بنود توسع من إعفاءات ضريبية، مثل زيادة الحد الأدنى لضريبة التركات (ضريبة الوفاة) لتصل إلى 15 مليون دولار للفرد و30 مليون دولار للأزواج، ما يعني أن غالبية الثروات الكبيرة لن تُفرض عليها هذه الضريبة. كما يُزيد التشريع من الخصومات الضريبية للشركات الصغيرة التي تخضع للضرائب عبر الإقرارات الشخصية، وهو ما يعود بالنفع على أصحاب الأعمال الصغيرة والمحترفين ذوي الدخول العالية، مثل الأطباء والمحامين.رغم الانتقادات التي تصف التشريع بأنه “منحاز للأغنياء”، يدافع الجمهوريون والبيت الأبيض عن القانون، مؤكدين أن تخفيضات الضرائب ستنعش الاقتصاد بخلق ملايين الوظائف وتحفيز الاستثمار. كما يشير البيت الأبيض إلى أن الطبقة المتوسطة ستستفيد أيضًا بشكل كبير، خصوصًا في فئة الدخل من 30،000 إلى 80،000 دولار سنويًا، والتي من المتوقع أن تدفع ضرائب أقل بنسبة 15% بحلول عام 2027.ومع ذلك، هناك قلق من أن بعض الفئات الأدنى دخلًا قد تتأثر سلبًا نتيجة تخفيضات في برامج اجتماعية مهمة مثل Medicaid وقسائم الطعام، مما قد يؤدي إلى تراجع الدعم الاجتماعي للأكثر حاجة.يُذكر أن الجمهوريين لم يجروا أي تعديل على معدل ضريبة الشركات في التشريع الحالي، رغم ضغوط القطاع الخاص للمطالبة بخفضها مرة أخرى، ويشمل القانون تدابير جديدة مثل تخفيض الضرائب على الدخل من الإكراميات، وهي خطوة تمثل دعمًا لفئات عاملة معينة.يرى بعض الخبراء أن مركز الثقل داخل الحزب الجمهوري لا يزال يميل إلى السياسات الاقتصادية المحافظة التقليدية، على غرار عهد ميت رومني، مع وجود دعم محدود لسياسات “الوطنية الاقتصادية” التي يدافع عنها ترامب، لكن هذه ليست الأكثر هيمنة في الحزب.من الناحية السياسية، يرجح بعض الاستراتيجيين الجمهوريين أن التراجع عن فرض ضرائب على الأثرياء لن يؤثر سلبًا على الحزب بقدر تأثير الرئيس نفسه، وأن ردود فعل الناخبين تجاه التشريع الجديد قد تحتاج إلى وقت حتى تظهر. لكن تبقى مسألة كيفية تسويق هذا التشريع أمام الناخبين، خصوصًا مع استمرار الهجوم الديمقراطي الذي يصور القانون بأنه يخدم الأثرياء على حساب الطبقات المتوسطة والفقيرة، نقطة جدل ساخنة قبل انتخابات التجديد النصفي في 2026.في النهاية، يبرز التشريع الحالي كتعبير عن استمرار توجه الجمهوريين نحو تخفيض الضرائب كأداة لتحفيز الاقتصاد، مع تأكيدهم على دعم الطبقة الوسطى، لكنه في الوقت ذاته يعكس رفضًا لفرض أعباء ضريبية جديدة على الأثرياء، رغم دعوات بعض التيارات داخل الحزب للقيام بذلك.