عصام شيحة: تحديث مراكز الإصلاح ساعد على تحسين الحالة النفسية والمادية للنزلاء

أكد عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن السنوات الأخيرة شهدت تحسنًا كبيرًا فى حالة السجون فى مصر، حيث تم هدم ١٥ من السجون القديمة وبناء ٥ مراكز احتجاز طبقًا للمعايير الدولية، فضلًا عن تغيير الفلسفة العقابية داخلها بشكل متكامل.وأوضح «شيحة»، خلال حواره مع «الدستور»، أن التطوير الذى تم فى مراكز الاحتجاز لم يكن مقتصرًا فقط على تحسين المساحة أو التهوية داخل الزنازين، بل شمل أيضًا جوانب إنسانية وثقافية واجتماعية متعددة، مشيرًا إلى تطوير عملية التعامل الإنسانى مع النزلاء وتنمية مهاراتهم وتعليمهم ليكونوا أفراد صالحين فى المجتمع.وكشف عن أنه لأول مرة، تم إنشاء ورش ومصانع ومراكز للتدريب والعمل داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، ما أتاح للنزلاء فرصة اكتساب مهارات مهنية وتوفير دخل مادى يُمكنهم من دعم أسرهم خلال فترة العقوبة، مضيفًا أن هذه الخطوة أسهمت بشكل كبير فى تقويم سلوك النزيل وتعزيز فرص اندماجه مجددًا فى المجتمع بعد الإفراج عنه.وإلى نص الحوار:■ إلى أى مدى ترى حالة التغيير فى مراكز الإصلاح والتأهيل خلال الفترة الأخيرة؟– دعنا نتفق على أنه فى السنوات الأخيرة توافرت إرادة سياسية قوية لدى الدولة المصرية لتحسين حالة السجون وتغيير الفلسفة العقابية، وتركز هذا التغيير أساسًا على هدم السجون القديمة، حيث كانت الخطوة الأولى هدم ١٥ سجنًا قديمًا وبناء ٥ مراكز احتجاز جديدة تتوافق مع المعايير الدولية.وفى تصورى، هذه خطوة مهمة جدًا، لكنها ليست كافية لتحسين حالة مراكز الاحتجاز على مستوى الجمهورية، فما زال الطريق طويلًا، ومع ذلك، يكفى أن هناك مبادرات للتحسين، لأن الأمر لا يرتبط فقط بالموارد المالية أو الإرادة السياسية، بل يرتبط أيضًا بعدة اعتبارات شديدة الأهمية وأولويات تخص الدولة المصرية.■ كيف ترى حالة التغيير فى الفلسفة العقابية؟– لأول مرة، وعلى الرغم من أن مصر تُعد من أوائل الدول التى وقعت على عدد كبير من الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، باستثناء اتفاقية الاختفاء القسرى، نشهد تحولًا ملموسًا فى الفلسفة العقابية داخل منظومة العدالة الجنائية.وعدلت الدولة المصرية فلسفة العقوبة فى قانون السجون، بتحويل اسم «السجون» إلى «مراكز الإصلاح والتأهيل»، كما تم تغيير مصطلح «السجين» لـ«النزيل»، فى إشارة إلى تغير النظرة تجاه من ينفذ العقوبة، باعتباره شخصًا يخضع لحكم قضائى ولا يجوز معاقبته مرتين.وركزت الفلسفة العقابية الجديدة على إعادة تأهيل النزيل، بما يضمن عدم تحوله إلى عبء على المجتمع بعد انقضاء فترة العقوبة، وذلك إدراكًا لتأثير العقوبة السالبة للحرية على أسرة النزيل، سواء من الناحية النفسية أو المادية.ولهذا، تم لأول مرة إنشاء ورش ومصانع ومراكز للتدريب والعمل داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، مما أتاح للنزلاء فرصة اكتساب مهارات مهنية وتوفير دخل مادى يُمكنهم من دعم أسرهم خلال فترة العقوبة، كما أسهمت هذه الخطوة بشكل كبير فى تقويم سلوك النزيل وتعزيز فرص اندماجه مجددًا فى المجتمع بعد الإفراج عنه.إن هذه الفلسفة الجديدة لا تهدف فقط إلى معاقبة المخطئ، بل تسعى إلى إصلاحه وضمان عدم تفكك أسرته أثناء فترة سجنه، وهو ما يُعد تحولًا نوعيًا فى مفهوم العدالة العقابية، ويؤسس لمنظومة أكثر إنسانية واستدامة.■ ما أوجه تطور تعامل وزارة الداخلية مع السجناء؟– سمحت وزارة الداخلية لأول مرة، بتدريب الضباط المسئولين عن التعامل مع السجناء، وهو ما شكّل تطورًا كبيرًا فى الفلسفة الأمنية، حيث أصبح هناك التزام واضح باحترام اللوائح والقوانين، ومحاسبة من يخالفها.وأدى هذا التحول إلى أن تصبح المخالفات فى إطار الحالات الفردية وليست ممنهجة أو ذات طابع مؤسسى، كما تراجعت بشكل ملحوظ الشكاوى المتعلقة بحالات التعذيب داخل مراكز الاحتجاز.وعندما ترد شكاوى جدية وموثوقة، يتم فتح تحقيقات بشأنها، وقد أُحيل بعض الضباط بالفعل إلى المحاكمة، سواء كان جنائيًا أو تأديبيًا، بينما تمت تبرئة البعض الآخر، ما يعكس وجود منظومة جديدة أكثر شفافية وانضباطًا فى التعامل مع حقوق السجناء.■ إلى أى مدى ترى أن هذا التطوير أثر فى عملية الإصلاح والتأهيل للنزلاء؟– شهدت مراكز الاحتجاز تطورًا كبيرًا فى السنوات الأخيرة، ولم يعد الأمر مقتصرًا فقط على تحسين المساحة أو التهوية داخل الزنازين، بل شمل أيضًا جوانب إنسانية وثقافية واجتماعية متعددة.وتم إنشاء مساجد وكنائس داخل المراكز، وتفعيل برامج للتوعية والتثقيف، وإنشاء مكتبات، إلى جانب السماح بزيادة عدد الزيارات العائلية، بل وتمت إتاحة المكالمات الهاتفية، خاصة خلال فترة جائحة «كورونا»، مراعاةً للظروف الاستثنائية.كما أصبح هناك تعامل إنسانى فى بعض الحالات الخاصة، مثل وفاة أحد أفراد الأسرة، أو فى حالات زواج الأب أو الأم، أو زواج الأبناء، ما أسهم فى تغيير الصورة النمطية عن أماكن الاحتجاز.إلا أننا، رغم هذا التقدم، لا نزال بحاجة إلى استكمال عملية التطوير، حيث يوجد ما يقرب من ٤٠ سجنًا من السجون القديمة ما زالت فى حاجة إلى تحديث، لتواكب المعايير التى تم تطبيقها فى المراكز الخمسة التى تم الإعلان عنها كنماذج متطورة.■ ما المطالب الحقوقية بشأن مراكز الإصلاح والتأهيل؟– أولًا، يأتى فى مقدمة المطالب الحقوقية الإسراع فى تطوير السجون القديمة، حتى تتماشى مع المعايير الحديثة التى طُبقت فى مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة.ثانيًا، هناك حاجة ملحّة لزيادة عدد الزيارات الحقوقية للمراكز، وتعزيز الشفافية فيما يتعلق بأوضاع النزلاء وظروف احتجازهم. كما نطالب بضرورة مراعاة البعد الإنسانى فى ما يخص مكان احتجاز النزيل، من خلال نقله- قدر الإمكان- إلى مركز قريب من محل إقامة أسرته، تخفيفًا عن كاهل الأسر البسيطة التى تضطر أحيانًا إلى السفر من محافظات بعيدة، وهو ما يمثل عبئًا نفسيًا وماديًا كبيرًا.واسمح لى أن أقول بوضوح: كان من أكبر مطالبنا كمنظمات حقوقية، سواء فى «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» أو «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، السماح بزيارة السجون، وهو ما تحقق بالفعل. فقد كانت أول زيارة ميدانية لنا بالتعاون مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان فى عام ٢٠١٨، ومنذ ذلك الحين توالت الزيارات.وتميّزت هذه الزيارات بنقاشات مفتوحة وتشاور مع ممثلى وزارة الداخلية حول عدد من القضايا والملفات الحقوقية، وكان هناك تجاوب واضح وردود صريحة من الجانب الرسمى، وهو ما يُعد خطوة إيجابية نحو تعزيز التواصل وبناء الثقة.■ كيف تقيم عملية توسيع التدريب المهنى والتعليم داخل مراكز الاحتجاز؟– أود أن أؤكد أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين التحسينات التى جرت داخل مراكز الاحتجاز وبين تفعيل نظام الإفراج الشرطى. فقد أصبح عدد كبير من النزلاء يتمتعون بحسن السمعة والسلوك داخل مراكز الإصلاح، نتيجة مشاركتهم فى برامج التدريب المهنى، وحضورهم الأنشطة الدينية داخل المسجد أو الكنيسة، فضلًا عن مشاركتهم فى الأنشطة الثقافية والاجتماعية المختلفة.وهذا التحسن فى السلوك مكّن إدارة مراكز الإصلاح، بالتنسيق مع النيابة العامة ولجنة العفو، من اتخاذ قرارات بالإفراج عن عدد كبير من النزلاء، مما ساعد فى تخفيف العبء عن الدولة، سواء من حيث الكلفة المالية أو الضغط على المنظومة الأمنية.إضافة إلى ذلك، فإن هذه الإجراءات تُسهم فى تهدئة الأجواء المجتمعية، خاصة فى ظل الظروف الاستثنائية التى تمر بها الدولة، والتى تتطلب أحيانًا اتخاذ تدابير توازن بين تحقيق العدالة، وإتاحة الفرصة لمن أخطأ لإعادة الاندماج فى المجتمع.وشهدنا مؤخرًا مبادرات هادفة فى هذا الاتجاه، مثل المبادرة التى شاركت فيها «تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين»، والتى سعت إلى دعم إعادة دمج المفرج عنهم فى الحياة العامة والخاصة، عبر تقديم الدعم المجتمعى والنفسى والمهنى، بما يعزز من فرصهم فى بناء حياة جديدة ومستقرة.■ ما الآلية المطلوبة لمراقبة مراكز الإصلاح والتأهيل؟– ندرك جيدًا أن أحد مطالب المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، السماح بالقيام بزيارات مفاجئة لمراكز الاحتجاز، ولكن دعنى أوضح أن الزيارات التى قمنا بها مؤخرًا- ضمن وفود المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى عدد من الدول الأوروبية- شملت أيضًا زيارات للسجون هناك، وجرت كلها بتنسيق مسبق مع الجهات الأمنية، إذ لا يمكن لأى جهة، داخلية أو خارجية، أن تزور مراكز احتجاز دون إخطار مُسبق.فالزيارات الفاعلة تتطلب معرفة مسبقة بطبيعة المحتجزين، وأسباب احتجازهم، والاطلاع على ملفاتهم، حتى تكون الزيارة حقيقية ومُثمرة.والمطلوب حاليًا تفعيل آلية الزيارات المنتظمة، خاصة إلى السجون القديمة، وليس الاكتفاء بالمراكز الحديثة التى تم تطويرها مؤخرًا. وعندما نطلب، كمنظمات أو كمجلس قومى، الاطلاع على ملفات بعض النزلاء، أو مقابلة حالات بعينها، ينبغى على الجهات الإدارية التعاون الكامل وتسهيل هذه الإجراءات.وخلال السنوات الأخيرة، شهدنا انتظامًا فى الزيارات، سواء من جانب المجلس القومى لحقوق الإنسان أو منظمات المجتمع المدنى، وشملت عددًا كبيرًا من مراكز الإصلاح. لكننا نؤكد أن هذه الزيارات يجب أن تشمل أيضًا السجون ذات السمعة الصعبة، مثل سجن «برج العرب» وبعض السجون المصنفة بالأشد خطورة، خاصة تلك التى ترد منها شكاوى.وآمل أن تبقى قنوات الاتصال مفتوحة بيننا وبين وزارة الداخلية، وأتوقع أنه فى المستقبل القريب ستكون هناك زيارة مشتركة بين المجلس القومى والمنظمات الحقوقية إلى أحد المراكز التى طلبنا زيارتها، بهدف مقابلة بعض النزلاء والاطلاع على ملفاتهم، فى إطار من الشفافية والتعاون.■ كيف ترى حالة حقوق الإنسان خلال الفترة الحالية؟– الأمانة تقتضى القول إن الفترة منذ عام ٢٠١٤ شهدت تطورًا غير مسبوق فى ملف حقوق الإنسان، خاصة على المستوى الدستورى والتشريعى.فقد جاء دستور ٢٠١٤ ليُحدث نقلة نوعية، حيث تضمن ما يقارب ١٠٠ مادة تتعلق بالحريات العامة، منها نحو ٥٠ مادة تُعنى بالحقوق الأساسية بشكل مباشر، ابتداءً من المادة ٥١ حتى المادة ١٠٠، والتى تتحدث بشكل واضح عن الكرامة الإنسانية.ولأول مرة يُنص فى الدستور على أن جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم، وهو تطور مهم يؤكد التزام الدولة بمساءلة المسئولين عنها، بغض النظر عن مراكزهم القانونية أو الزمن الذى ارتُكبت فيه الجريمة.ورغم أن هذا التطور الدستورى والتشريعى لم يُواكبه بشكل كامل تنفيذ فعلى على الأرض فى البداية، إلا أنه لا يمكن إنكار أن هناك تحسنًا ملحوظًا قد حدث. فقد انخفضت نسبة وقائع التعذيب داخل مراكز الاحتجاز، كما تم تعديل حزمة من القوانين المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحقوق الإنسان.وكذلك أطلقت الدولة عددًا كبيرًا من المبادرات الاجتماعية التى تندرج تحت مظلة العدالة الاجتماعية، وتركز على دعم الفئات الأكثر احتياجًا، مثل المرأة، والشباب، والعمال، والفلاحين، وكبار السن، وذوى الإعاقة، والمصريين فى الخارج، ما أسهم فى توسيع مظلة الحماية المجتمعية.ومن بين التطورات المهمة أيضًا، ما جرى خلال الفترة من ٢٠١٤ إلى ٢٠١٨، حيث شهدت إدارة ملف حقوق الإنسان تحولًا مؤسسيًا، إذ تم نقل مسئوليته من وزارة الداخلية ووزارة العدل إلى وزارة الخارجية، التى تترأس اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، مستفيدة من خبراتها فى التعامل مع الاتفاقيات الدولية، وفهمها العميق للمنظومة العالمية.وأصبحت اللجنة تضم ١٢ جهة فاعلة ومؤثرة فى المجتمع المصرى، من بينها جهات أمنية ومؤسسات رسمية، ما يعكس التوجه نحو إدارة الملف من منظور أكثر شمولًا وتخصصًا.■ ما قراءتك لتعامل الدولة المصرية مع ملف الاستعراضات الدولية الحقوقية؟– التزمت الدولة المصرية بتقديم تقاريرها إلى المنظومة الدولية لحقوق الإنسان بشكل منتظم، وهو ما أسهم فى تغيير الصورة الذهنية لدى المجتمع الدولى، إذ أصبحت مصر يُنظر إليها كدولة حريصة على احترام التزاماتها الدولية.ويُعد إدراج المادة «٩٣» فى دستور ٢٠١٤ نقلة نوعية، حيث تنص على أن الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى صدقت عليها الدولة تُعد جزءًا من التشريع الوطنى، وتتمتع بقوة القانون. وهذا التطور الدستورى أرسى مبدأ التزام الدولة بتعهداتها الدولية، وبدأ ينعكس تدريجيًا على عدد من التشريعات التى تم تعديلها لاحقًا لتتسق مع هذه الاتفاقيات.على سبيل المثال، فى عام ١٩٨٦، اضطررنا فى إحدى القضايا المتعلقة بإضراب عمال السكة الحديد إلى الرجوع للعهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أما الآن فقد أصبح هذا العهد وغيره من المواثيق الدولية جزءًا أصيلًا من المنظومة القانونية المصرية بفضل الدستور.وشهدت الفترة الأخيرة قفزة مهمة تمثلت فى تشكيل اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، وتفعيل آليات الاشتباك الإيجابى مع المنظومة الدولية، من خلال تقديم التقارير الدورية ومتابعة التوصيات.وفى عام ٢٠٢١، انطلقت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لأول مرة فى تاريخ الدولة المصرية، وبإرادة مصرية خالصة. ويُحسب للدولة أنها فتحت قنوات الاتصال مع منظمات المجتمع المدنى، وسمحت بمشاركة فعلية فى صياغة الاستراتيجية، وفى قلب هذه المشاركة كانت المنظمات الحقوقية، وعلى رأسها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.وقد تضمّنت الاستراتيجية ما يقرب من ٨٠٪ من المبادرات والمقترحات التى تقدّمت بها منظمات المجتمع المدنى، وهو ما يعكس تغيرًا نوعيًا فى العلاقة بين الدولة والمجتمع المدنى، ويؤسس لشراكة حقيقية فى مجال دعم وحماية حقوق الإنسان.■ كيف تقرأ تعامل مصر مع الاستعراض الدورى الأخير؟– التقرير الأخير الذى قدمته مصر فى الاستعراض الدورى الشامل شهد مشاركة ثلاث وزارات لأول مرة، وهذا كان رسالة قوية للعالم. كما شاركت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وقدمت تقريرًا نقديًا، مع ذلك كانت هناك إشادة من جهات كبيرة فى المنظومة الدولية بالتحسن الذى طرأ على حالة حقوق الإنسان فى مصر. وللمرة الأولى، صرحت الأمم المتحدة بأن التعذيب فى مصر لم يعد ممنهجًا، وهو ما يمثل نقلة نوعية مهمة.أود أن أوضح، رغم هذه التحسينات التى أشرت إليها، أن هناك ما زال بعض الشكاوى تصلنا حول بعض الانتهاكات فى مراكز الاحتجاز، مثل حالات القبض العشوائى، ومدة الحبس الاحتياطى، والقبض أحيانًا المرتبط بحرية الرأى والتعبير وممارسة الحقوق. نأخذ كل ذلك بعين الاعتبار.ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن هناك مسارين متوازيين؛ فبينما نسعى جاهدين للتحسين، فإن الظروف الدولية والإقليمية، خصوصًا الحرب على الإرهاب، قد حدّت فى بعض الأحيان من سرعة التقدم فى ملف حقوق الإنسان فى مصر.■ ماذا عن التصنيف العالمى للمجلس القومى لحقوق الإنسان؟– يسعى المجلس فى الوقت الراهن إلى الرد على كل الملاحظات والأسئلة التى أُثيرت بشأنه. وأتصور أنه فى القريب العاجل قد يُعاد تصنيف المجلس عالميًا إلى المستوى «A»، خاصةً أن لدينا مهلة زمنية للرد على هذا التصنيف.وتم بالفعل التعامل مع هذه التوصيات والرد عليها، وخاصة فيما يتعلق بما أُثير حول بعض الأعضاء الذين شاركوا فى الحملات الانتخابية، حيث تم نفى هذه الاتهامات لكونها قديمة، كما أُثير موضوع انتماء بعض الأعضاء لأحزاب سياسية أو نشاطهم فيها، وفى هذا الصدد أُكد أن جميع الأعضاء المنتمين للأحزاب السياسية تم تجميد أنشطتهم داخل هذه الأحزاب.كما تم تقديم مشروع قانون إلى البرلمان يتضمن بعض المطالب الخاصة بتحسين عمل المجلس وضمان استقلاليته.بالإضافة إلى ذلك، أصبح المجلس منتظمًا فى تقديم تقارير قوية حول حالة حقوق الإنسان فى مصر، تتضمن مطالب واضحة يجب على الدولة والحكومة تنفيذها. كما شارك المجلس بشكل جدى فى نشر ثقافة حقوق الإنسان والتوعية داخل الجامعات والمحافظات والمؤسسات المصرية المختلفة.استخدم بعض المنظمات الخارجية تقاريره كسلاح للضغط على مصر.. كيف تقرأ ذلك؟– الاشتباك والرد على التقارير الدولية يتم من خلال اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، والتى تُعتبر الممثل الرسمى للدولة المصرية فى الدفاع عن حقوق الإنسان، بينما يقوم المجلس القومى لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية بالاشتباك مع هذه التقارير، إلا أن مهمتها ليست الدفاع بقدر ما هى المراقبة والتقييم.المهمة الحقيقية للدفاع تقع على عاتق اللجنة العليا الدائمة برئاسة وزير الخارجية، ونحن هنا مهمتنا هى تصحيح المعلومات وتحسين الأداء ومواجهة هذه الانتهاكات.وأتصور أن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تقوم بهذا الدور بشكل جيد، وكذلك المنظمة العربية على المستويين الإقليمى والدولى، وفى الوقت نفسه يقوم المجلس القومى لحقوق الإنسان بأداء دوره من خلال تقديم التقارير الرسمية.