كيف ساهمت شائعات وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج الصراع بين الهند وباكستان؟

سلطت صحيفة الجارديان البريطانية، الضوء على انتشار المعلومات المضللة إلى القنوات الإخبارية الرئيسية في ما يسميه الخبراء “حربًا معلوماتية مقصودة” بين الهند وباكستان.واشارت الصحيفة في تقرير صادر لها الى انه بينما كانت الصواريخ والطائرات المسيّرة تتقاطع في سماء الليل فوق الهند وباكستان في وقت سابق من هذا الشهر، كانت هناك حرب أخرى غير مرئية تدور في الفضاء الرقمي.
عملية سيندور وتصاعد الهجمات
فبعد وقت قصير من إعلان الحكومة الهندية عن عملية “سيندور” – الهجوم العسكري ضد باكستان، الذي جاء ردًا على هجوم نفذه مسلحون في كشمير وحمّلت نيودلهي مسؤوليته لإسلام آباد – بدأت تقارير مزعومة عن هزائم باكستانية كبيرة تنتشر على الإنترنت.ما بدأ كمزاعم متفرقة على منصات التواصل الاجتماعي مثل X، تحول بسرعة إلى ضجيج إعلامي ضخم على شكل “أخبار عاجلة” و”حصريات” بثّتها كبرى البرامج الإخبارية في الهند.وبحسب هذه المنشورات، زُعم أن الهند أسقطت عدة طائرات باكستانية، وأسرت طيارًا باكستانيًا، واستولت على ميناء كراتشي، بل وحتى احتلت مدينة لاهور الباكستانية. ومن بين الأكاذيب أيضًا أن قائد الجيش الباكستاني تم اعتقاله وأن انقلابًا وقع. وانتشرت تغريدة تقول: “سنتناول الإفطار في روالبندي غدًا” – في إشارة إلى المدينة التي تضم مقر القيادة العامة للجيش الباكستاني.وقد أُرفقت هذه الادعاءات بمقاطع فيديو لانفجارات ومبانٍ مدمرة وصواريخ تُطلق في السماء، إلا أن المشكلة كانت في أن جميعها مزيفة.
“اتجاه عالمي في الحروب الهجينة”
في 10 مايو، أُعلن عن وقف لإطلاق النار أعاد البلدين من حافة حرب شاملة، بعد تصعيد هو الأخطر منذ عقود بين الخصمين النوويين. وكانت شرارة النزاع قد اندلعت بعد أن فتح مسلحون النار على موقع سياحي في كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية، مما أدى إلى مقتل 26 شخصًا، معظمهم من السيّاح الهنود. وقد اتهمت الهند باكستان، بينما نفت إسلام آباد أي تورط.لكن رغم توقف الاشتباكات العسكرية، وثّق محللون وناشطون ومدققو حقائق ما وصفوه بـحرب معلوماتية متكاملة عبر الإنترنت.كما انتشرت المعلومات المضللة على نطاق واسع داخل باكستان، حيث قامت الحكومة هناك برفع الحظر عن منصة X قبل اندلاع النزاع بقليل، ليتم استخدامها فورًا لنشر الأخبار الكاذبة، وإن لم يكن بنفس كثافة ما حدث في الهند.شاركت وسائل الإعلام الباكستانية وشخصيات حكومية وصحفيون بارزون في نشر محتوى مزيف، مثل مزاعم كاذبة عن أسر طيار هندي، أو وقوع انقلاب في الجيش الهندي، أو أن الضربات الباكستانية دمرت الدفاعات الهندية بالكامل.كما تم تداول تقارير زائفة عن هجوم سيبراني باكستاني شل شبكة الكهرباء في الهند، وادعاءات بأن الجنود الهنود رفعوا الرايات البيضاء استسلامًا. واُستخدمت محاكاة ألعاب الفيديو لنشر محتوى يظهر “العدالة الباكستانية” ضد الهند.
“واجهة رقمية جديدة للحرب”
في تقرير صدر الأسبوع الماضي عن منظمة المجتمع المدني The London Story، تم تفصيل كيف أصبحت منصتا X وفيسبوك “بيئة خصبة لروايات الحرب، وخطاب الكراهية، والمعلومات المضللة العاطفية”، وكيف ساهمتا في “تحفيز النزعات القومية” في كلا البلدين.وردًا على ذلك، قالت متحدثة باسم شركة ميتا، المالكة لفيسبوك، إن الشركة اتخذت “خطوات ملموسة لمكافحة انتشار المعلومات الكاذبة”، شملت إزالة المحتوى وتحديده وتقليل انتشاره بناءً على تقييم المدققين.لكن الباحث جويجيت بال، الأستاذ المشارك في كلية المعلومات بجامعة ميشيغان، أشار إلى أن حجم التضليل في الهند تجاوز أي سابقة، مضيفًا: “هذا لم يكن مجرد دعاية قومية عادية، بل كان بإمكانه دفع دولتين نوويتين إلى شفا الحرب.”ويرى المحللون أن هذه الأزمة تمثل مرحلة جديدة في ساحات القتال الرقمية، حيث تُستخدم حملات تضليل تكتيكية لتوجيه السرد الإعلامي وتصعيد التوترات – وهو ما يُذكّر بأساليب مشابهة رُصدت خلال بدايات الحرب الروسية-الأوكرانية.